محاكمة! (الجزء الثالث)

بواسطة | 10 أبريل 2019 | قصص قصيرة | 4 تعليقات

الجزء الأول
الجزء الثاني

في صباح اليوم التالي استرجعت ما وقع لي مع القصة والرواية. …خصام لم أجد له حلا. …وعليه أن لا يظل معلقا. ..ففكرت في  إشراك طرف ثالث في الموضوع. …طرف له قيمة اعتبارية و مكانة محترمة تساعدني في الضغط على المتنازعتين. …ترى أين ساجد هذا الطرف الثالث؟ فكرت في أعماقي. …فسمعت صوتا قويا اتيا من جهة مكتبتي الخاصة حيث ترقد عشرات الكتب :
– أين ستجدني؟ !ألا تخجل من طرح هذا السؤال؟ 
– ولماذا أخجل؟ قلت. …فاحتد صوته :لأنني موجود في كل شيء وفي كل مكان. …انا الشعر. …أوجد في الجمال كما أوجد في القبح. ..في الفقر والغنى. ..في الفرح كما في الحزن. ..في الصحراء والبراري. ..
عفوا، قلت، أنا أعرف هذا. ..ولم أقصد الإساءة. ..بل أنا اقصدك لاطلب وساطتك. …
-وساطتي؟!قال، في ماذا؟
– في أمر خاص متعلق بالقصة والرواية. …
– ما بهما؟ ألا يكفيهما سرقة النجومية مني؟ 
– إنهما تتصارعان وتدعي كل منهما أنها الأفضل والاحق بالكتابة. ..رغم ما قلته لهما عن حق الكاتب في الكتابة المتعددة والمتنوعة. …
اقترب مني ديوان شعر بألوان زاهية كتب عليه :عيون القصيد :نماذج من الشعر العربي عبر العصور “وجلس إلى مكتبي، وقال : أولا أريد أن  أسألك :لماذا لا تكتب الشعر؟هل تحتقره؟قلت كالمعتذر :حاشى أن احتقرك. …بل اني اخافك واحترمك لهذا  لا أحب التسلط عليك. …اتهور أحيانا وأكتب ما يشبهك لكن احتفظ به لنفسي. ..
ضحك وهو يطلب مني نموذجا :اليوم من حقك أن تقول الشعر ولا أحد من حقه أن يمنعك أو يحرمك. …تفضل. ..
قلت بتضرع :أرجوك ارحمني. … (صمت)وادعنت لأمره :هرم المناضل /اكله الندم/وهو يشرب دمه. …تضرب الحروف عن الكتابة /تهزل الكلمات /ويتبخر النص! 
قهقه الديوان وقال : لابأس الكل أصبح يكتب شعرا أو ما يظن أنه كذلك. ..قل لي ما أمر الضرتين؟ !
قلت :كل منهما تتهمني بالتحيز. ….
-انا نفسي كنت منزعجا من اهمالك لي. …كل إبداع يحب أن يحظى بالإهتمام من طرف المبدعين. …
قلت :أنا لا اهملك وإنما اتهيبك واهتم بك من جانب آخر له نفس الأهمية :النقد. …
قال في فرح :اعرف ذلك. …أعرف حبك لشعر درويش وطباقه. ..ووتريات مظفر ولافتات مطر وقصائد المتنبي وأبي فراس. …وأما اهتمامك بالقصة والرواية فهو غير متكافئ بينهما فأنت اميل إلى القصيرة. ….وعليك بالعدل بينهما. ….وإن كنت اجدك تستعير لغتي لتبني نصوصك . …وهذا عتابي عليهما فكلاهما لا تعترف بوجودي في لغتيهما. ..وكل منهما تعميها الشهرة وتنسى أنني ديوان العرب. ….والقريب من القلب. ..ومن الشباب. ..فأول كلام الحب قصائد. …وأول تمارين التعبير شعر. ….
ولكن -قلت- سامحني إن قلت لك بأن زمنك قد ولى وأصبح زمن الرواية هو السائد. …لأنها تستوعب العصر الحديث ومستجداته. …
قال كالمحتج :ومن قال لك أن الشعر لا يستوعب العصر الحديث؟ !المشكل في الشاعر أو المتشاعر الذي يريد أن يكتب عن حذائه وعن تصفيف شعره و لون نظاراته. …بعيدا عن قضايا أهم والصق بالحياة. ….
قلت :وماذا تقترح علي لإصلاح ذات البين بين الضرتين كما تقول؟
– الكتابة تسع كل الأنواع. ….وما عليك سوى أن ترضي القصة والرواية بالتوفيق بينهما لأنهما من اصل واحد. …واقترح عليك أن تكتب رواية عن الأجناس الأدبية الأخرى. …وضمنها القصة. ……..
     عبد الجليل لعميري

الأستاذ عبد الجليل لعميري – المغرب

4 التعليقات

  1. فؤاد دنون

    أهلا سي عبد الجليل المزيد من التالق

    الرد
  2. إيناس

    ” لاتدع العرب الشعر حتى تدع الإبل الحنين”
    مقولة قديمة..لا أعرف صاحبها
    إلا أنها كافية..ربما
    لتمجد الشعر وترضيه

    فلتحتفل القصائد وتتغنى لنا

    الرد
  3. إبراهيم يوسف

    إن كان لا فضلَ لعربيّ
    على أعجميّ
    إلاّ.. بالتقوى..؟

    فلا فضلَ في الشعر
    والقصة القصيرة.. والرواية..؟
    لواحد على الآخر
    إلاّ.. بقدر ما يتميز ويبدع
    ألا تعتقد معي..؟ أن ذلك هو العدل؟

    ولو كانت المقايضة الأدبية متاحة..؟
    لتمنيت مثلا أن أتنازل عن كل ما كتبته
    مقابل بيت واحد من “بكائية” الأطلال

    الرد
  4. عبدالجليل لعميري

    انحياز جميل للشعر. ….ولا عيب في ذلك فالعشق انحياز أيضا. ….وكل أشكال التعبير تستحق منا القراءة والكتابة إن استطعنا اليها سبيلا. ..شكرا على مروركم البهي. …

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.