مشوار في مدينتي

بواسطة | 5 ديسمبر 2020 | شعر | 2 تعليقات

وقف في الشارع والحيرة تظلل كيانه…

في صباحه كان بالأمس كأنه يشير الى أحد الكواكب…

فجرا تذكر ماضيه فكتب جملة ثم توقف…

ولن يفتح كنز ذاكرته اليوم إنه يعلم بأن شيء ما ينزف فيه بصمت…

على فكرة لم يكن عابر سبيل في يوم ما…

كان واضحا في رؤيته ونظرته الى الأمور…

لا تظن بأنه كان واضحا فقط لنفسه وأفكاره…

اللحن منذ الفجر كان واضحا بالنسبة له لهذا كتب فقط جملة واحدة…

شرح في تلك الجملة ما كان يظن بأن العالم ينتظر تلك الكلمة…

كان دائما يؤمن بأن النظرة الأولى تكفي لأن يرى الشمس على حقيقتها…

ولكن اليوم عندما نظر وتمعن جيدا فأبصر الغبار وريحا في أعماقه…

ما هذه الحقيقة التي دخلت عالمه مثل الفراشة وظن بأنها زهرة…

وتذكر قهوته اليوم قبل أن يخرج من البيت لأن نافذة بيته أخبرته بأن الغبار في الطريق…

وظن كما بالأمس أن الطريق مليئ بالزهور فمن أين الغبار…

من سبر أغواره حتى يدرك أن السير قد أرهقه وأن قدميه قد تفسخت …

لماذا يسير ويسير طوال النهار في الشوارع يفتش عن أشياء تذروها الرياح هنا وهناك…

وفجأة يكتشف بأن من يقترب منه هو فقير ينظر نحوه ويبتسم…

وكأن الزمن جمد عند هذا المسكين حتى يتسول في شوارع المدينة…

جمدت يدي في جيبي أنشد بها ما تحويه هذه الجيبة المسكينة…

وإذا بعيني تزرعان أملا في وجه ذلك الإنسان لأنه وقف أمام عابر سبيل…

وفي الحقيقة لم أجد من يشرب عذابي ويحمل عني تلك التنهيدة العميقة…

وارتمت يدي في يده بصمت يحمل ظلا ينزف أيضا جوعا …

والسؤال الذي فقط لملم ذاته وجاءني …لماذا الرغيف ينكر وجود هذا الإنسان…

وبقيت هنا أسير صمتي وحيرتي حتى غاب ذلك الإنسان واضمحل في الضباب…

وجفت الأفكار وتغيرت شرايين القلب وما عدت تعرف الدموع…

وتذكرت اليوم أول أيام الغيث…وهل على الغيث أن يشرد من في الشوارع…

وعاد الفراغ ينادي من جديد…

وأمامي كائنات تمشي ولكن لم أتمكن من أن أميز شكلها…

وتذكرت بأني قرأت في صحيفة اليوم التي وجدتها تنام أمام عتبة البيت…

الإنسان هذه الأيام يخوض دقائق الموت…ويعيش الهوان…وأن الزمان لا يدور…

في الحقيقة لم يفهم شيئا لأنه في الأصل لم يكون متشائما…

وقلبه ما زال مليئا بالدم الأحمر…

وما زال هنا شامخا…وحياته يفوح منها أملا بالمستقبل…

لقد علمته أمه بأن لا يهتم بالأخبار الغريبة…

وأن يهمل ما ينخر عظامه…وأن لا يحب من يترنح…

وأن يعلم نفسه كيف الجراح تضحك…

وفجأة اقتحم عالمه صوت إنسان يقول له بصوت مرتفع…إنتبه يا أخي…

هنا أدرك أنه على قيد الحياة…وأنه يتمشى في شوارع المدينة…

محمود إدلبي

2 التعليقات

  1. إيناس ثابت

    “لقد علمته أمه بأن لا يهتم بالأخبار الغريبة، وأن يهمل ما ينخر عظامه وأن لا يحب من يترنح. وأن يعلم نفسه كيف الجراح تضحك”

    هنا أجد طريقا إلى سلام وطمأنينة النفس، ليزهر التفاؤل رغما عن الحزن واليأس.

    مودتي واحترامي.

    الرد
  2. محمود إدلبي - لبنان

    مرورك هنا وهناك صوت آخر
    أكاد ألمس فيه رائحة الثقافة والوعي
    أبقاك الله دائما الأرض التي نحلم بأن يكون أبناءها مثل ماءك
    تحياتي الخاصة

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.