لم يتخيل السيد ابن رشد وهو يضع قدميه بأرض قبيلة أحمر انه سيكون ضيفا ثقيلا وغير مرغوب فيه. …كان بصحبة السيدة أنيس والسيدة اتيكة (والعهدة على السيدة انيس) لزيارة السيد جليل وحفدة فدوى طوقان. ..في الطريق إلى مكان عرض فيلم (المصير)، سيتعرض الضيوف لمحنة غير متوقعة. ..فقد نصبت متاريس للمراقبة من طرف ملثمين يحملون اعلاما سوداء كتب عليها: ابن رشد زنديق ومارق و خطر على الدين. …اندهشت السيدة أنيس وقد اعتقدت أنها داخل مشهد سينمائي -هي التي تعشق السينما – وسألت السيدة اتيكة بالفرنسبة (ماذا يحدث؟ ) فاجابتها رفيقتها : انهم الخفافيش يحتجون ضد ابن رشد. …أوقفت السيدة انيس السيارة وهي تغمغم : نوووووونووووو انبوسيبل. ..!لكن السيد ابن رشد طمانهما قائلا : اطمئنا لن يروني. ..توجه ملثم إلى السائقة وطلب الأوراق. ..فتدخلت السيدة اتيكة للترجمة. ..وقدمت أوراق السيارة ،لكن الملثم قال بصوت صارم: أين هو ابن رشد؟ فاندهشت المراتان وقالت السيدة اتيكة “ليس معنا أحد” وكانت خائفة من اكتشاف كذبها. ..فزمجر الملثم “أين هو الفيلم يا مدام؟ “. فسارعت المراتان إلى النزول وفتح حقيبة سوداء كانت مركونة بالصندوق الخلفي للسيارة واخرجت إحداهما قرصا مكتوب عليه “فيلم المصير “ليوسف شاهين. ..وقدمته إلى الملثم. …فانسحب بسرعة وأمر عصابته بازالة الحواجز وسمح للسيارة بالمرور نحو مكان العرض بإحدى المدارس. ..بعد الوصول كان السيد جليل وحفدة فدوى طوقان ينتظرون الضيوف. …استقبلوهم بحفاوة لكن الضيفتين المرعوبتين حكتا ما وقع لهما بألم. …تألم السيد جليل وحفدة فدوى طوقان لما وقع وخرجوا في مسيرة احتجاجية بحثا عن الملثمين الخفافيش. …وكان السيد ابن رشد فرحا بالشباب المدافعين عنه وهم يرددون : هذا عار هذا عار الفكر في خطار. …علاش جينا وتلاقينا ابن رشيد اللي بغينا. …وكانت السيدة اتيكة الفرنكوفونية الأنيقة التي يفوح منها العطر الباريسي تعيش محنتها الخاصة :البحث عن مرحاض نظيف لتنظيف متانتها. ..
قصة واقعية مشوقة وواقعية وطريفة وتعبر تماما عن التناقض والحنين السلفي الداعشي الجارف للخرافة والوحشية والتخلف… وعاش التنوير وابن رشد وسلمت يد الكاتب المبدع…
شكرا أستاذي على المتابعة والتشجيع. …فعلا الأفكار المتطرفة تعشعش في كل مكان، وتهدد الحياة وليس لنا سوى الكلمة لمواجهتها ….
محنة العلم في مواجهة الخفافيش أصحاب الفكر الظلامي… دمت مبدعا سي عبدالجليل
مرحبا أخي الكريم. …نحن شركاء في الإبداع والمحبة. …وبهما نواجه أشكال التطرف. ..محبتي
عاش فقيراً بالرغم من أنه لم يقصِّر يوماً في بذل نشاطه..! فدأب إلى جانب سعيه يجرّب حظه مع أوراق اليانصيب. حتى أقبلت فرصته وربح الجائزة الكبرى وهو عجوز على حافة قبره. وهكذا احتار كيف يتصرف بالمال..؟ إلى أن اهتدى إلى حل يقضي أن ينفق ما ربحه، في بناء مرحاض للعموم في إحدى ساحات المدينة.
وحينما سُئِل عن السّر في إقامة مرحاض دون مُخْتلف المشاريع الخيرية الأخرى..؟ قال لهم: لكي يبوِّلَ سائر الخلق على هذا الحظ التعيس..! وهكذا رأيتُ كيف تتشابه الحكايتان من بعض الزوايا، حينما وجدتِ السيدة مناسبتها وقد ضجَّت عليها مثانتها، لكي تبول – ولا مؤاخذة لوضاعة التعبير – على الفكر المتعنت الغشيم.
شكرا أستاذي على تلميحاتك الاخاذة. …حوار مع النص والتنقيب في جزئياته أمر ماتع. ..مودتي. ..
المبدع الجريء الصديق العتيق ابراهيم يوسف بالمناسبة فقد ذكرتني بعرض حديث ليوتيوب (يتم تداوله حاليا على الواتسآب) يوضح وجود مباول عصرية صحية في احد شوارع لندن (للرجال طبعا) فيما نسمع صوت السيدة الانجليزية المعلقة وهي تعلن قرفها واستيائها وربما غيرتها المبطنة…ربما لا تريد ذلك مقابل انتشار مباول مجانية مقززة في كافة شوارع وازقة وطننا العربي المتخلف وفي كل مكان في المدن والأرياف…أقول باختصار تحيا الحضارة الصحية وتبا لادعاء النظافة التي ينظرون أنها من الايمان في بلاد تفتقد للاثنين معا…ومعذرة لموضوع الطرح الصريح فأنا شخص دغري صريح ومستريح!
تصحيح ضروري: “أدعياء” النظافة في السطر السادس…ثم اضافة ضرورية: وتكاد تشتم رائحة البول المتعفن المقززة في كافة أزقة وادراج وزوايا مدننا العربية العريقة والجميلة ثم لا احد يحرك ساكنا وبعضهم من المارة وسائقي التكاسي خصوصا لا يجد عيبا في الوقوف في أي مكان والتبول علنا وجهارا ثم يصدعونك بمقولة “النظافة من الايمان” فعن أي نظافة تتحدثون وعن أي ايمان؟ هاذا ناهيك عن المخلفات والزبالة المنشرة في كل مكان تقريبا وفي الأزقة خصوصا…فتبا للقذارة وللمخلفات ولرائحة البول ثم للتخلف بكل اشكاله وصنوفه…ورجاء سامحوني!
الضمائر الحية
والقلوب الرحيمة المحبة
والفكر المتفتح المنير
شموع مضيئة أمام العقول المظلمة
شكرا لك أستاذ عبد الجليل..وكل عام وأنت بخير وسلام..
وأسرة السنابل والقراء جميعا بألف خير وأمان