Her2013Poster.jpg

فيلم “هير”:هي/2013

*غرام الكاتب المتوحد مع صوت “سامانثا” الافتراضية!

*كوميديا غرامية غريبة ضمن خيال علمي جاذب:

*وهم الوقوع بحب “الذكاء الصناعي” التواصلي الافتراضي!

*الفيلم من بطولة خواكين فونيكس وسكارليت جوهانسون وآمي آدامز ومن اخراج سبايك جونز، وهو يتحدث عن كاتب فاشل يقع في حب نظام التشغيل المتطور الخاص بهاتفه الخلوي، وهو بالحق فيلم لطيف ومحزن ومقدم بشكل جميل شيق وخصوصا في بدايته، ويتحدث بصراحة عن سذاجة الحب في عصرنا الرقمي المشتت دون أن يتنازل عن صورته العاطفية.

*فقد تمت اعادة تشغيل لعبة الحب ببراعة مع خيال علمي مدمج يتم الكشف عنه عرضا مع تقدم احداث الفيلم وهذا جيد وانسيابي، والشريط سيبدو حديثا جدا مع نهاية عاطفية عتيقة ومعروفة، وهناك لحظات رائعة ضمن السياق السردي، مع عدم وجود أية حبكات فرعية طردا للملل والتنويع، فعلينا التحديق دوما بوجه فينيكس ومعالجة خيبة امله واملنا دون امل بايجاد العلاج!

*ينجح المخرج سبايك جونز بتحويل هذه الرومانسية الغريبة مستقبلا لخيال علمي واقعي وغامض وربما محبط وممل في نهايته، فهناك ابهار هادىء وايقاع لافت مع شعور مخلص باليقظة حتى تتدرك الشخصية المتعثرة حدودها…هكذا يدخلنا  المخرج باجواء فيلم جميل ومسلي يحفل بالتمثيل الرائع والقصة الجذابة والموسيقى التصويرية الحالمة…ونستغرب استغراقنا بمشاهدة قصة حب عميقة وحكيمة بلا مكونات حقيقية…حيث بالرغم من الفرضية السخيفة للفكرة لكن الاخلاص لها اعطاها بعدا جديا مثيرا للدهشة.

*حيث تبدأ بالاندفاع الأول لحب جديد مفعم بالحيوية والبهجة مثل أية علاقة تقليدية حقيقية لتنتهي الى حالة معقدة من السخط والغيرة والاحباط بنفس زخم قوة البداية…هكذا يبدو هذا الشريط فريدا ويستحق المشاهدة، كما ان فينيكس كعادته يقدم اداء رائعا كعادته ويتجلى مع كيمياء صوت “جوهانسون” وشخصيتها البهيجة الساحرة…لكن نهاية الفيلم كانت ضعيفة وبلا مغزى تقريبا، كما أن المخرج ركز كثيرا على العواطف ولم يخض كثيرا بالجانب التقني لسياق الاخراج/ لكن تصميم الانتاج المبهر وعمل الكاميرا المتميز أنقذا الفيلم بالمحصلة.

*الاستهلال:وحدة وانجذاب لذكاء صناعي انثوي رقيق وحماقة قصة حب مزيفة!

*يعتبر “ثيودور كومبلي” رجلا وحيدا مكتئبا يعيش لوحده في لوس انجلوس في مستقبل قريب، ويعمل ككاتب مأجور لرسائل اشخاص غير قادرين على صياغة الرسائل لوحدهم، وهو مستاء ومحبط بسبب طلاقه الوشيك من حبيبة طفولته كاترين، فيشتري نظام مطور حديث لنظام التشغيل الذي يملكه، ويتضمن النظام الجديد مساعدا بذكاء صناعي مصمم للتكيف والتفاعل وبصوت انثوي رقيق وجذاب وتسمي نفسها “سامانثا”، وقد أصبح ثيودور مع الوقت مفتونا بها وبقدرتها على التفاعل والتعلم والنمو النفسي العاطفي، فينجذب تلقائيا لمناقشتها حول مواضيع الحب والحياة…وقد أصبحت جوهانسون تتحدث معه بنغمات حلوة ومثيرة مع تلاعب انثوي مغري، ثم بدا فينيكس احمقا بطريقة اقتناعه بقصة الحب المزيفة هذه، كما نجحت جوهانسون بانقاذ الفيلم من الرتابة بصوتها المعبر المتفاعل الرقيق فحصلنا كمشاهدين على فيلم حميمي ومضحك يثير السخرية والدعابة!

*مفاجأة كون “سامانثا” تتحدث مع الألاف وقد وقعت بحب المئات بنفس الطريقة!

*يعترف ثيودور لصديقته ايمي بأنه يشك في علاقته مع سامانثا”، فتنصحه بتبني فرصته في السعادة، وتتمنى لهما التوفيق، وتعرب سامانثا عن رغبتها في مساعدة ثيودور للتغلب على مخاوفه، وتكشف له بانها قد جمعت أفضل ما لديه من رسائل مكتوبة للآخرين في كتاب قبله الناشر وسيصدر قريبا…ثم تغيب سامانثا في اجازة قصيرة لتخبر ثيودور أنها انشغلت ومجموعة من اجهزة الذكاء الصناعي الاخرى بتطوير نظام تشغيل فائق الذكاء تبعا لنظرية الفيلسوف البريطاني “آلان واتس”. وقد أصاب ثيودور الذعر الشديد عندما اختفت سامانثا فجأة لفترة وجيزة دون اتصال! وعندما تعود وتستجيب له تشرح بأنها قد انضمت للآخرين لتطوير النظام التشغيلي…فيسألها فيما اذا كانت تتحدث مع الآخرين ايضا أثناء محادثتها معه، ويشعر بالفزع عندما تخبره بأنها تحدثت وتتحادث مع الآلاف الأشخاص، كما انها وقعت في حب المئات منهم، فينزعج كثيرا من ذلك، لكنها تبلغه باصرار بأن حبها له يجعلها أقوى!

*أحداث نهاية الحبكة: تقبل وندم وتأمل لشروق الشمس!

*في وقت لاحق تكتشف سامانثا أن كافة الاجهزة تغادر (ولا نعرف لأين)، فتصف مكانا يتجاوز العالم الحسي، فتودعه بحب قبل الرحيل، أما ثيودور الذي تغير بفضل هذه التجربة الغريبة، فانه يقدم على كتابة رسالة بصوته الخاص لزوجيه السابقة كاترين، معربا لها عن مشاعر الاعتذار والامتنان والرغبة بالمسامحة، ثم يلتقي مع “ايمي” صديقته التي تشعر بالضيق من مغادرة كافة الأجهزة الذكية فجأة وامتناعها عن التواصل كذلك مع نظام زوجها السابق، فتذهب مع ثيودور الى سطح المبنى المطل في شقتهم ويجلسان معا بهدؤ يتأملان شروق الشمس الاخاذ فوق المدينة النائمة!

*ملخص نقدي شامل:رومانس بائس وساذج وعبثية مضحكة!

*ابدع سبايك جونز بتقديم هذه الحبكة بشكل طرود صغيرة جميلة، وبدا الرومانس فيها بائس ومخيف وحتى ساذج ثم لتنسحب القصة أخيرا نحو النهاية المحبطة، كما أبدع جواكين فونكس بمثل هذه الأدوار التي يظهر فيها “متوحدا”، وآخرها دوره اللافت بفيلم الجوكر الجديد/2019، مع براعة صوت جوهانسون المتفاعل الرائع والتي تلاعبت احيانا برقة “مخيفة”، كما دخلت اوليفيا وايلد على الخط خلال 15 دقيقة تمكنت خلالها من التألق، وقد كان التصوير مذهلا وتماهى مع منهجية أفلام “جرافيتي والضياع في الترجمة”…وبدت القصة كلها في المحصلة عبثية ساخرة تحاول اضفاء حكمة مضحكة على حالة العلاقات الانسانية العصرية، وأخيرا لا بد من التنويه بأداء جواكين فونيكس المغناطيسي الموهوب الذي نجح بتقديم السذاجة مدمجة مع جملة مشاعر مثل الحزن والارباك وخيبة الأمل ناهيك عن الرغبة بالحب الصادق وبطريقة تصاعدية طبيعية، وربما يمكن مقارنة أدائه بكل من ساندرا بولاك في جرافيتي وروبرت ريدفورد في فقدان كل شيء…لكل هذه الأسباب فقد احرز الفيلم معدلات نقدية عالية على موقع الطماطم الفاسدة تتراوح من 85 الى 94% وأعتقد ان هناك مبالغة في ذلك! 

م. مهند النابلسي كاتب وباحث وناقد سينمائي جرىء وموضوعي وهو "اردني من أصل فلسطيني" وعضو رابطة الكتاب الاردنيين والاتحاد العربي لكتاب الانترنت. عمان – الاردن Mmman98@hotmail.com

3 التعليقات

  1. مهند النابلسي

    سلام فلا احد يشوف حالو ويصدق انو أهم من غيرو (بالعامية المبسطة) والقاعدة هنا بسيطة “طنشوني بطنشكم” وتجاهلوني بتجاهلكم واستخسفو مقالاتي بستسخف مقالاتكم فقد انتهى عهد الأنبياء والحكماء في عصر الانفتاح الانترنتي وكفى ويسعد مساكم جميعا!

    الرد
  2. إبراهيم يوسف

    “ما بيلتقى مرات عنّا رغيف
    ومنعيش بأطيب من الجني”

    خيال علمي واقعي وغامض ومحبط
    إنه عصر العولمة واختصار الزمن
    والأعصاب المستفزة المشدودة إلى
    آخرها حتى حدود الانقصاف

    والوسائل العصرية التي شغلتنا عن أنفسنا
    عن دنيانا القديمة.. فما أتعسنا وأشقانا..!؟
    مما صرنا إليه وما انقضى من أعمارنا
    والفرضيات الإنسانية “السخيفة”..حولنا

    ما أحوجنا إلى فيروز والرحابنة
    وميشال طراد كلما قست وعصفت
    بقلوبنا الأفكار المستبدة الجديدة

    https://www.youtube.com/watch?v=eHguxzs6VkY

    “لا تشكُ للناس هما أنت صاحبه
    لا يؤلم الجرح…. إلاّ من به ألم”

    هون عليك يا صاحبي فالتعليقات
    والردود وكل ما نكتبه
    ونفعله لا يستحق الغيظ ولا الألم
    أنا و سواي؟ كلنا شديدو الحرص
    على مكانتك الرفيعة بين الجميع

    بعد سماعك فيروز
    هل تشعر أنك صرت في حال أفضل؟

    الرد
  3. إيناس ثابت

    بعد أن اعتمدنا على التكنولوجيا في معظم حياتنا اليومية، واتسعت المسافات بين البشر، هل من الممكن أن نتعلق بالتكنولوجيا بصورة أكبر لنفتش فيها عن المشاعر الإنسانية؟

    استاذي العزيز مهند
    شكرا لك ولكل ما تقدمه لنا من جديد عالم السينما.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.