كتاب “هدايا صغيرة” – تأليف: شهربان معدّي | رسومات: فاتن جرّوس جريس |

النّاشر: حكايا، مركز الكتب والمكتبات.

أجرت الحوار: سلينة ياسين ونورة صالح

بدايةً عرّفينا بنفسك:

شهربان معدّي: أنا كاتبة مقالات والقصص القصيرة وأدب الطّفل. كتبت في عدة مواقع إلكترونيّة، محليّة وعالميّة، وصحف مطبوعة. خرّيجة “دفيئة “حكايا” التي تنظّم ورشات كتابة إبداعية لأدب الأطفال. أعمل موجّهة مجموعات، وأنا ابنة بلدة يركا الجليليّة.

من أين جاءت فكرة الكتاب؟

فكّرت بكتابة كتاب يهدف لتغذية روح الطّفل قبل جسده، وإشباعه معنويًّا وروحيًّا وفكريًّا؛ لذلك قرّرت كتابة شيء نوعيّ للأطفال، شيء من عالمهم الخاص وليس من عالم الكبار؛ يلمس روحهم ويحبّبهم في بيئتهم ومحيطهم، ويُعزّز بهم روح الانتماء. وكانت الهدايا المجّانية التي حازت عليها رفيف، حفيدتي، في الكتاب من الطّبيعة والجوار، أصدق وأجمل الهدايا التي لا تحتاج إلى مال للحصول عليها.. بل إلى وعي وإحساس بجمال الطّبيعة حولنا ومعرفة قيمة الأشياء الأخرى. هذه “الهدايا الصغيرة” هي اللّحظات الرّائعة في حياة كلّ طفل وفي حياة كلّ عائلة، وتضاهي كلّ كنوز العالم.

هل حسب رأيك سيكون بإمكان الطّفل أن يذوّت قيمة الهدايا المعنويّة؟

يلعب الأهل دورًا كبيرًا في تذويت هذه القيمة الكبيرة في وجدان أطفالهم، وحسب رأيي كلّما اشتغل الأهل في سنّ مبكّرة على تذويت هذه القيمة، ازداد وعي الطّفل لها. يمكن القيام بذلك من خلال التّجوال في أحضان الطبيعة ولمس خيراتها وعطائها، والعمل بالمكافآت المعنويّة التي تشبع روح الطّفل وعواطفه كالضمّة والإصغاء والاحتواء.. بدل الهدايا الماديّة التي ترهق جيب الأهل وتربّي أجيالًا مادّيّة بعيدة عن القناعة والروحانيات.

لماذا اخترت الكتابة وفق شعر الهايكو؟

اخترت شعر الهايكو أو شعر التّأمّل في الطّبيعة لأنه شعر بسيط، شفّاف، تستخدم لكتابته الّلغة العاميّة اليوميّة ليكون قريبًا من النّاس بكلّ فئاتهم الثّقافيّة والمعرفيّة. ولأنّ شعر الهايكو لحظة تأوّه وتأمّل تخرج من عمق الشّاعر وتسقط على عناصر الطّبيعة أمامه. والتّعبير عن هذا التّأمّل بمقاطع صغيرة لا يتجاوز زمن قراءتها زمن النّفس الواحد، هذه الميزات دفعتني لكتابة هذا الشعر الذي هو قريب من شعر الأطفال العادي الذي لا يحتمل أكثر من بضعة كلمات.

كيف كانت طريقة العمل مع الرّسّامة فاتن جرّوس جريس؟

كان العمل مع المبدعة فاتن في غاية الرقيّ والمهنيّة والإحساس. أنا كتبت اللوحات، وهي رسمت الكلمات. من خلال تقنيّة الكولاج أضافت فاتن للكتاب الكثير من الجماليّة والواقعيّة، حتى يكاد الطّفل يلمس الأشياء وكأنّها حقيقيّة. حتّى غلاف الكتاب، كان على شكل هديّة ملفوفة بشريط أحمر، وكأنها تنتظر أنامل الأطفال الصغيرة لتفكّ عُقدة الشريط الفاخر، وتفتح الهدية لتكتشف المزيد من الهدايا. أشكر فاتن لأنّها لمست روحي وأدركت قيمة النصّ.

ما هي اقرب رسمة لقلبك من الكتاب؟

الرّسمة القريبة لقلبي عندما اختبأت رفيف بين طيات شال الجدّة المعلّق على حبل الغسيل، والذي غمرها بعطره وشفافيته. لطالما كان حضن الجّدة وشالها، ملاذًا آمنًا في طفولتنا، وصدقًا أقول أبدعت فاتن في تصوير هذه اللّقطة، وتصوير ملامح رفيف التي يغمرها الفرح والسّعادة والأمان.

مررت مع الكتاب في طبعته الخاصة بمكتبة الفانوس مراحل وتجربة مختلفة في العمل على إعادة صياغة نصّ سبق نشره. ما هي أهم المراحل التي مررت بها؟ هل واجهت تحدّيات معيّنة؟

تبسيط شعر الهايكو لكتاب للأطفال هو بحدّ ذاته تحدٍّ، فكم بالحري لأطفال بعمر 3-4 سنوات، كان ذلك قمة التّحدي. في هذا السياق أشكر الأستاذ علاء حليحل، المحرّر المسؤول في دفيئة حكايا، الذي آمن بالفكرة المركزيّة للكتاب وحرّر النّصّ الذي صدر عن “حكايا” بصيغته الأُولى في العام المنصرم. التّحدّي الأكبر كان العمل مع الأستاذة منى السّروجي، مركّزة لجنة اختيار الكتب ومحرّرة مواد مكتبة الفانوس، في العمل مرة أخرى على النصّ، لملاءمته لهذه السنّ الصغيرة. التحدّي لم يكن سهلًا والعمل كان شاقًّا وجادًّا، ولكنّنا والحمد لله وُفّقنا في تبسيط النصّ دون المسّ بالفكرة المركزيّة، أو بروح الكتاب الجميلة.

ما هي أقرب الهدايا المعنوية لنفسك؟

أقرب الهدايا المعنويّة لنفسي هي الهدايا التي تغلّف قلبي بالفرح، وتغمر روحي بالنّور والسّلام، هي الهدايا التي لم تلمسها يد إنسان، ولا تدخّلت في تصميمها وإنتاجها، التقنّيات الحديثة، هي هدايا بكر، من أرومة الحياة، وبدعة الخالق، هدايا بسيطة، ولكنها عظيمة في حضورها، رغم أنّها بديهيّة ومن المسلّمات، كشروق الشّمس كلّ صباح، إلّا أنّها تحمل بالنّسبة لي ألف معنى ورسالة.. وألف أمل.. هذا ما أصبو أن نذوّته في نفوس أطفالنا الذين هم من أجمل وأغلى الهدايا التي وهبتنا إياها الحياة.

 *مكتبة الفانوس مشروعٌ متميّز، يسعى إلى تحبيب الطّفل بالكتاب، وإلى إثراء لغته وثقافته العربيّة، وإلى تشجيع الحوار معه حول قيمٍ مجتمعيّة وإنسانيّة، في البيت وفي الإطار التّربويّ.