وَجَاءَني
المَخْلوقُ مِنْ بَشَرٍ
بِليلٍ مُعْتِمٍ ضَجِرِ
وفي كَفّيْهِ
ما يُخْفِيهِ من قَلَقٍ
ومن شَوقٍ
ومن لَهَفٍ ومن سَهَرِ
وفي راحتيه ينثرها
ويَفتِلُها
بِيَدٍ تَهْتَزُّ يشعِلُها
ويغمُرُها
يبثُّ فيها الشوق
يُحرِقها
يحاكيها يناجيها يقول
خُذيني حيث لا أَشعرْ
خذيني حيث لا أُبصرْ
فلا هَمٌ على قلبي
ولا شَوْكٌ على دَربي
ولا ناسٌ تعاتبني
فتتعبني
بقولٍ خُطّ في الكُتُبِ
دعيني أجولُ الكونِ قاطِبَةً
فمن سفرٍ إلى سفرِ
أُحِسُّ الحبَ في القمرِ
أضاجع أخْصَبَ الشّجِرِ
وأنثى ناري تُحرقها
بآتونٍ من الصُّوَرِ
دعيني أشدو وأرقص
رقصةَ الرحمن عن كَثَبٍ
حين يضّجّ الكونُ بالصَخَبِ
كمسيح قادمٍ أبدو
ويهوذا في عينيَّ يغفو
حَذارِ من الصَحْوِ يهوذا
حَذارِ.. حَذارٍ
هذه القصيدة المسكرة يا صديقي التي عصرتها أقدام الحسان في العالم، وأوحتها هنيهات صفاء “وبخور”، حملتني بعد “دَوْخَتِي” وسكري إلى نزار قباني وقصيدته “خبز وحشيش وقمر”، وكان قد نالها ما نالها من النقد والتجريح وهي تنشر لأول مرة، وكنت شاهدا حيا على ما قيل.
سأختار منها بعض الأبيات وحسب:
عندما يولد في الشرق القمر..
فالسطوح تغفو
تحت أكداس الزهر..
يترك الناس الحوانيت و يمضون زمر
لملاقاة القمر..
يحملون الخبز.. والحاكي..إلى رأس الجبال
و معدات الخدر..
و يبيعون..و يشرون..خيال
و صور..
و يموتون إذا عاش القمر..
خالص محبتي وأمنياتي
الصديق الأستاذ إبراهيم يوسف
من بلدتي الآرامية
وكلّ طقوس الفلاحين فيها
وما أتى به العرب إلينا من شعرٍ ونثر
من لحظات عمري الضائع وراء دخانٍ وبخور
أعود الى محرابك يا صديقي
والى عامود مسجد الصفاء
الذي تجلس إليه فيتحلّق من حولك الأحبة من مريديك.
منعني، يا شيخي الجليل، خادم المسجد من إدخال خمرتي المعتّقة إليك
فرجعت بها إلى داري وعدت إليك بقليي وسمعي وبصري أرتشف خمر كلماتك وروعة أحكامك في شرع الهوى فأسكر بلا خمر وأدوخ بلا جمرٍ وبخور.
حين قرأت القصيدة ..شدني الشوق للإستماع إليها وهي تُلحن و تُغنى بصوت نقي جميل.
دمت ياسيدي ودام حرفك يجود روعة ورقة.
الكاتبة والأديبة ايناس ثابت
لو أن زياد الرحباني لحّن لي “ليل وبخور” ثم غنّتها فيروز وأرسلتها إليك على جناح السرعة لهدأ بالي وقرّت عيني.
ولكن رغم شعوري بالتقصير وقلة التدبير
فقد مستني سرّاء من كلماتك الرقيقة المشجعة
خاصةً وأنها صادرة عن كاتبةٍ أديبة مبدعة
عرفت أسرار الجمال وخبرت فضاءات الفكر وعوالم الخيال؛
فشكراً لك يا سيدتي و ألف تحية.