عارُ الحِذاء

بواسطة | 27 أبريل 2018 | مقالات | 2 تعليقات

في التعقيب

على “التهجير الدموي في الربيع”

المنشور في موقع الفكر

للصديقة نظيرة إسماعيل كريم

وذكرى مجزرة حلبجة

لرئيس تحرير الموقع

الأستاذ جلال جاف

“لا أعرف خطيئة

أعظم من إضطهاد بريء؛ باسم الله”

غاندي

 

(1) “رُدَّني إلى بلادي* مَعَ نسائمِ الغَوادي

مع شُعاعِةٍ تَغاوتْ  ** عندَ شاطئٍ ووادي

لم أزلْ على وفاءٍ ***ما سوى الوفاء زادي

شِلْحُ زَنْبَقٍ أنا؛ اكسِرْني ** على ثرى بلادي”

https://www.youtube.com/watch?v=txtbU99oD0Y

لن أحرِّضكِ على السكوت، والتزام الصّمت لكي لا تختنقي بالبكاء، عندما لم يَعُدِ الصبيُّ إلاّ غريقاً مع النسيم الرائح؛ الغادي. وأشعة الشمس على الشاطىء عند الغياب. أنكره أهل الأرض جميعا لتتولاه عناية سكان السماء، وأنتِ الجريحة المصابة في أهلك وديارك، الغريقة في مركب الرِّيح.. ريح العروبة والأتراك والإسلام.

لذلك سأختار لكِ وللأخ الأستاذ جلال، بعض الحكايا القصيرة المُبَعثرة في الذاكرة هنا وهناك، من حربنا الأهلية المشؤومة. لكن قبل أن أستأنف رحلتي مع النص..؟ فلسنمتع إلى الرابط التالى كرمى لذكرى “آلآن”، وكعب حذائه يصفع وجوهنا، ويحفر عميقا في كرامة الإنسان.

https://www.youtube.com/watch?v=gPw0_r-BTmo

الحرب البغيَّة المشؤومة وما كان من ماضي “ملوك الطوائف”، ووطن مهزوم لم يزل قيد “العناية” الجبريَّة، فلم يتعافَ نهائيا من حربه العصيِّة على النسيان. “حرب الآخرين” على أرضه بوسائلنا وأيدينا وبلادة عقولنا وغبائنا. وخوف ما زال متوقَّعاً من الآتي، وما انعكس من السلبية والسَّقَم على نفوسٍ لا زالت تتمسك بالتّقوى، وتلتزم الإيمان بربها وتخاف سؤاله يوم الحساب.

هكذا ترين مأساة الآخرين، ولو لم تهن عليكِ مأساة العراق- بلاد ما بين النهرين- هذه الأرض المجيدة من عهد “ماني” وحدائق النور، ومعتقدات دينية سادت في مختلف العصور، وكانت في الغالب شديدة القسوة والتطرف؛ فنيران التعصّب لا زالت تلتهب وتتمدد منذ بداية التاريخ.

بينما يداجي البشر وينظِّرُون في الرّحمة والعدالة والسلام، والصراع على الأرض قائم يتواصل ويستمر إلى الأبد. ما يحمل إلى نفوسنا وقلوبنا الخيبة والمرارة والألم، ليبقى أفق الخلاص الأخير في علم الله وحده، وتبقى الحسرة في القلوب المتردِّدة، التي انغمست عميقا في الشقاء، وتاهتْ في تعاسة امريء القيس وصرخته الدّاوية، تهيم به على مشارف الموت، وتحاكي حسرة فيروز ومركب الريح، “وَصَدّْ وْحَنِيْنْ وْنَوَى”.. وشراع السفر الطويل.

أجارتَنا إنّ المزارَ قريبُ  *** وإنّي مُقيمٌ ما أقامَ عسيبُ

أجارتَنا إنّا غريبانِ ها هنا **وكلّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ”

“أنا أنتمي إلى جميع الأديان، ولا أنتمي في المطلق إلى أي واحد منها. لقد لُقِّنَ الناس أن ينتسبوا إلى عقيدة أو دين، كما ينتسبون إلى أعراق أو قبائل. وأنا أقول لهم إنهم كذبوا عليكم. تَعَلَّموا أن تجدوا في كل عقيدة، وفي كل فكرة المادة المنيرة وأبعدوا القشور. من يتبع سبيلي يستطيع أن يبتهل إلى (أهورا – مازدا)، وإلى (ميترا)، وإلى المسيح وبوذا… آلهة النور والخير  والعقل والحق والتقوى والخلود، وسوف يأتي إلى معابدي من ينشدون الخلاص”.

هذا هو”ماني” الرَّسام الرسول يأتي بعين الحكمة، على لسان “أمين معلوف” في “حدائق النور”، ليرمم بريشته الجروح البارزة والتشويه في وجه الزمن. وابن بابل هذا توسل في زمن الظلام “دِيناً” جديدا، يقوم على الحق والخير وعلى التسامح. ولا غرابة في أن يكون الحسن بن هانىء هذا الطوباوي الكريم من أهل البلاد، ممن ربطوا المعصية بالغفران، وهو يقول: (2)“يا كبير الذنب؛ عفو الله من ذنبك أكبر”.

عزيزتي.. نظيرة

أستاذي وأخي.. جلال

حينما اعتقلها “الحاجز” على الطريق الساحلية بين صيدا وبيروت..؟ وهذه هي حكايتي الأولى؛ دققوا طويلا في هويتها “الوطنية”. وهكذا اكتشفوا انتماءها الطائفي مُؤكَّداً بصورتها على الهوية، فانتزعوا مصاغ عرسها من عنقها، واقتادوها إلى التحقيق والمحاكمة الميدانية، باعتبارها جاسوسة “كانت تتوجه إلى صيدا، لمساعفة شقيقتها المصابة بحمّى النَّفاس بعد الولادة!.”

أدانوها بالتجسس على “تنظيمهم” بعد محاكمة مقتضبة قصيرة، وتوالوا بالانتقام منها واغتصابها الواحد عقب الآخر، ثم رفعوها جثّة عارية مقتولة، على عصا مزروعة في الأرض من طرف، ومغروسة من الطرف الآخر في “مكان” من جسد الضحية.

وكانت أهون أسباب الموت عليها، طلقة سريعة من البندقية في القلب أو الرأس، وتنتهي مأساتها في رمشة عين. أرأيتِ كيف يكون الحقد والتشفي؟ حينما تختفي المدنيَّة من وجدان البشر، وكيف يتنكرون لأصولهم “الآدمية”.!؟

أحد المارة بسيارته على الطريق لم يتحمل المشهد، ليجازف بحياته ويقوم خلسة بتصوير الضحية، ثم يسَرَّبَ الصورة إلى إحدى الصحف، التي امتنع المسؤولون فيها عن نشر الصورة رحمة بالناس، ومنعا للشحن الطائفي وأصول مهنة الصحافة الأخلاقية الكريمة. والصورة نامت طويلا في أدراج الجريدة، حتى أيقظها أمام عينيّ منذ عهد قريب، صديق يعمل في “أرشفة وتبويب” المركز المذكور، عندما رَجَوتُه ببعض دالَّتي عليه، وتمكنتُ أن أقنعه “ليخون” الدار حيث يعمل، ويمزق الصورة ليختفي إلى الأبد، أثر هذا المشهد المهين لكرامة البشرية.

والحقيقة أنني لم أستحضر الواقعة، من باب التشهير بنفسي كمواطن يحمل هوية بلاده ويفاخر بانتمائه إلى هذه الأرض، ولا استجابة لرغبة “حقدٍ دفين”، على استباحة دم المرأة وآدميتها، وحرمة النفس الإنسانية، بل مدفوعا بنية طاهرة، للإفادة من عبرة الماضي وآثار الحرب الأهلية. خاصة وأنا أعرف جيدا ما جرى، على مساحة البلاد ببعض التفاصيل المؤكدة الدقيقة.

ومع ذلك فلم أشِرْ من قريب أو بعيد، أو أسَمِّ أحدا من المرتكبين. لكي لا أساهم بالعودة إلى المربع الأول، أو أنكأ جراحا شملتها قوانين العفو العام، والتصافي “وتوبة” ربما ليست نهائية أو أكيدة. ومهما تكن الحادثة فظيعة وصادمة..؟ إلاّ  أنها لا تتجاوز أبدا “الشّوْيَ على النار في قفص من حديد” ، ولا الوسائل المختلفة التي شاهدناها أو عرفناها على مدى زمن التكفير.

والحكاية القصيرة الثانية، تتناول طائفة بعينها، ومذهبا عاش اجتهادا دمويا متنافرا؛ سدَّد ضريبته المقاتلون والأبرياء على حد سواء. وكان أتباع الطرف الذي نخضع لوصايته الجغرافية، يجوبون الشارع قبالة منزلنا، يعرضون قتلاهم عراة على نعوشهم المكشوفة، ليظهر واضحا تشويه أجسامهم، أمام عيون الأطفال والسكان، ممن يتواجدون على شرفات منازلهم. لكي يشهِّروا بجرائم نفس المذهب على الطرف الآخر؛ وأما في المعارك بينهما فكانت تعلو حناجر الطرفين بالتكبير، وهم يطلقون قدائفهم على “إخوة” لهم في المذهب والوطن والدِّين.  

وهنا سأتجاوز هول المعارك في “النبعة وتل الزعتر “والكرنتينا” والدامور، وفندق “الهوليداي إن” الأسوأ في تاريخ حربنا الأهلية. هذا الفندق بجدرانه المثقوبة وهيكله الخاوي في المنطقة العقارية الأغلى في المدينة ..لا زال حتى الساعة قائما خَرِبا، وشاهدا على قذارة الحرب العبثية.

في الحرب توقفت أمانينا على حدود الماء والكهرباء، والتّزلف للمسلحين وطوابير الانتظار الطويل أمام الأفران. وكان “أبو حديد” طيَّب الله ثراه، يدير أزمة الرغيف في فرن إلى جوار منزلنا. بينما “أبو الزّرد” كان يتولى ذات المهمة في الشطر الآخر من المدينة. وزين الشباب “أبو الخشب” كان المُهَيْمِن في الشطرين على السواء. والمأساة أن معلمي هؤلاء هم أنفسهم من يحكمونا اليوم، ويتولون إدارة أزمات البلاد؛ هذه المرة من مكاتبهم وليس من الأفران.

وأما رغباتنا الأخرى فلم تكن قد اندثرت تماما، ونحن نحلم ببعض البهجة، ومواكب الأعراس وأبواق السيارات المُزيّنة بباقات الزهور. وسيارة العروس بحلِّتها البيضاء، يراها أطفالنا تجوب الشوارع، تحمل إليهم بعض التفاؤل والفرح، بدلا من الفجور والتشهير والاستعراضات البغيَّة.

وتبقى؛ حكايتي الأخيرة وقد تناولتها ذات حين بما أسعفتني به ذاكرتي يومئذٍ. وأكتفي هذه المرة بقليل من التفاصيل الأخرى.

توسَّلَتْ إليه زوجته وقالت له: ما زال عندنا من عبوات المياه ما يكفي حاجتنا إلى الغد. لا تصعد إلى السطح، فسطحنا مرتفع ومكشوف والقناص بارع في إصابة الهدف. لكنَّه أكَّدَ لها أن الهدنة أُعلِنتْ والحرب وضعت أوزارها، ولا خوف عليه بعد اليوم؛ فقد تخلّى القناص عن بندقيته وراح يفتش عن عمل صالح، ومجتمع مسالم ينخرط فيه ليجد لنفسه دورا مختلفا. فلن يقتل بعد الآن أو يؤذي إن كان عاجزاً أن ينفع..!؟

لكن الرصاصة الأخيرة في نهاية حربنا الأهلية؛ أطلقها قنّاص على أخي. وهو يعالج تسرُّب مياه الشرب، من خزان على سطح المنزل عَطَبَتْه شظايا القذائف، حينما تلقى الطلقة القاتلة. هكذا لم يقتله القنّاص خلال سنوات الحرب الطويلة، وحينما أصرَّ أن يرأب خزان المياه احتفاءً بنهاية الحرب؟ المياه التي أرادها الله عنصر الحياة الأول. أقدم طينُ الله في الأرض على قنصه وقتله.     

تحجّر قلب القنّاص، والمخدِّر ما انفكَّ يسيطر على عقله وأعصابه، ويتحكم في إرادته، فخلال دهر من سنوات الحرب، قتل فيها من الآدميين ما يزيد عن خطاياه. عينه تراقب الهدف من بعيد من خلال عدسة المكبِّر، وسبّباته جاهزة ومتحفزة في اللحظة الحاسمة للضغط على الزِّناد.

لومضة وجيزة يقطع نَفَسَهُ قبل إطلاق الرصاصة، عندما تبدو الضحيَّة أمام عينيه ويستقرُّ مُرْشِدُ البندقيَّة على الرأس أو ناحية القلب، تليها انتفاضة الاحتضار في بركة من الدَّم، لا زال يسبح فيها حقد العالم وإثم مصانع السلاح. هكذا نضب الزيت من سراجه وانطفأ نور الله في عينيه وفكره، وأضيف اسمُه إلى سجل الشهداء وضحايا الحرب. وأقمنا له شاهدا باسمه على قبره.

القنّاصُ الذي احترف هوايةَ القتل بأعصاب باردة، لا أحسبها بعيدة من المتعة، لا يعرف شيئاً عن ضحيته الجديدة، هل هو فقير ومحتاج أم ميسور الحال وملتزم بما حضَّ عليه الله من أعمال البر والتقوى، وما نهى عنه من الأعمال الحرام. أيساعد اليتامى ويزكّي أمواله فينفقها على المحتاجين الفقراء، أم هو شحيح المدخول وتجوز عليه صدقات أهل الخير..؟

هل هو مريض أسعفته وزارة الصحة على نفقتها، بالعلاج مجاناً في مشافيها لبعض الأسابيع والأيام..؟ أم هو سليم الجسم معافى؟ لكن عِلَّتَه في روحه وفكره، وعداوة الغير لآدميته بلا أسباب..!؟ هل هو مؤمن بالله يصوم الشهر الفضيل، ولا تفوته صلاة التراويح في الليل، أو يقصِّر في صلوات النهار..؟ أم هو ملحد كافر ومن طائفة مختلفة، ويستحق عقوبة الإعدام.!؟

لكن “ميترا وبوذا ومحمداً ومازدا والمسيح”، وجارنا الإمام الأوزاعي “الذي تحدَّى ذات حين أبا جعفر المنصور في إجلاء المسيحيين عن أرضهم”؛ طالبوني جميعا وطالبوا أسرته بالصفح عن القنّاص؟ وسامحناه جميعا ليغفرَ الله لنا وله، فالخطاة أشد حاجة إلى المغفرة من سائر الناس، كما علَّمنا السيد المسيح وأوصانا هؤلاء الأنبياء.

وأنت يا صديقتي لم تقولي كلاما منكرا، وما من فارق كبير بين حكايتك وحكاياتي وبين بلادك وبلادي. ليبقى الترفع والمغفرة، ومستقبل أطفال ممن لم تلوثهم أحقاد الحرب، القضية الأولى والأخيرة التي ينبغي أن تستأثر باهتمام العالم.

ولئن كان ينبغي أن نغفر ونسامح..؟ لكي لا نثأر أو نرتكب مزيدا من الحماقات والآثام الجديدة، فإنه لا يصح أيضاً أن ننسى ما جرى ويجري، ليحفر عميقا في النفوس المؤمنة بعدالة السماء.

(3)“يا رب لا تجعلني جزارا يذبح الخرفان، ولا تجعلني شاة يذبحها الجزارون، يا رب ساعدني أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء، وساعدني على ألاَّ أقول الباطل لأكسب تصفيق الضعفاء. يا رب علّمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن حب الانتقام هو أول مظاهر الضعف”.  

أنت إنسانة صادقة ومترفعة وكريمة. فتعالي نرمم مشاعرنا من جديد، ولنفتح للمحبة والفرح كوة واسعة تؤدي إلى قلوبنا، ولنمضِ معا يدا بيد وقلبا على قلب في مواجهة الزمن. سيلتف حولنا فيضٌ من النفوس التقيَّة الطاهرة، ممن يؤيدون مسيرتنا، ويدعمون أهدافنا على أسس متينة لا تعرف الزلل. وكفى بالله غفورا رحيما.

ليت من يقررون الحرب؟ يرحمون الأطفال ويجنبونهم  عبء النتائج، أو جناية الموت قبل الأوان، لأَنَّ لِلأطْفالِ مَلَكُوت السماء؛ بفضلهم ومن أجلهم يتواصل الرجاء، وتستمر الحياة.

خالص أمنياتي ومحبتي القلبية، لكِ وللأستاذ جلال ولكل من ظلمته المطامع والضغائن، وصراع المكاسب على الأرض؛ فالأرض سخيَّة لا تقل كرما عن الله، ولا تَضِنُّ بما يفيض من خيراتها على سائر الخلق. لكنها ليست مسؤولة عن جشع النهمين، ممن لا يشبعهم إلاّ التراب.

(1)سعيد عقل

(2) الحسن بن هانىء – أبو نواس

(3) رابندرانات طاغور

 

كاتب لبناني

2 التعليقات

  1. أحمد شبيب الحاج دياب

    أخي الحبيب الأديب ابراهيم يوسف
    بعد مركب الريح والعمر الذي عبر
    ألايحق لنا أن نعلن ما أخذنا من عِبَر؟
    أما آن لنا أن نرسو على برّ؟
    أما آن لنا أن نصحو من مجلس العزاء المستمرّ ؟
    قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ
    …أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ
    كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت
    …..فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ
    أخي، أولدنا كي نعيش ونحيا أم خلقنا فقط للبكاء؟
    ويا أيها الناس من أهل الكتابة والثقافة اتركوا لنا منفساً
    واتركوا لنا شيئاً بريئاً وانتبهوا لألفاظكم
    يا بني وطني وأبناء أمي وأبي
    لبنان غالي على قلوبنا
    والقمر سمير ليالينا الجميلة
    ***
    وبلادي ببنيها تنجلي عزباء تيها
    ***
    زوّجوكِ يا بلادي من الرجل الخمسيني
    وأنت على أطراف الطفولة
    لم تعودي عزباء ثمّ ترمّلت
    بقيودٍ كبّلوكِ أيّ ظلمٍ ظلموكِ
    وبلا وعي قبّحوكِ شتموكِ
    فلا تبكي ها قد أتيت فما طال غيابي
    أنا ابنكِ سوريا أنا حفيد اليمن
    والدي تاجر مواشي في الصحراء الكبرى
    وأختي سيدةٌ فاضلة في نواحي نجد
    هذه ربوع بلادي
    اخوتي حفاة عراة تحت القصف
    ارحمونا ولا تشتمونا نحن الفقراء من أهل العزاء
    خالص تحيّاتي

    الرد
  2. إبراهيم يوسف

     أخي وصديقي أبو عامر 

    “يا عاقدَ الحاجبينِ
    على الجَبينِ اللّجَيْنِ 
    إن كنتَ تقصدُ قتلي …؟
    قتلتني مرّتين

     مَوْلايَ لم تُبْقِ مني حيّاً
    سوى رَمَقَيْنِ
     أخافُ تدعو القوافي
    عليكَ بالمشرقين

    ” لا تبكِ سوريا”
    فالأرْزُ أفلتَ من حُرّاسِهِ
     ومشى
    وفي ثناياهُ من جرحِ الرَّدى خَدرُ

    ” “لقد عدتُ إليكِ  مؤمناً
    تائباً مستغفراً راكعاً على ركبتيّ        
     على عتباتك يا دمشق
     أسيراً طائعاً بين يديكِ

     قبلة في الفم
    أو طعنة في القلب

     من هنا من “شمس الجبل”
    بجوار صنين العالي
     كسيف في غرة التاريخ
    أسمع وجيب لحمك العاري
     
    هذي.. ربوع بلادي
    وبلادي لي.. وحدي
    ومعي وثيقة من السماءبملكيتها..
    بأنها لي وحدي

    أنا ابنكِ يا سوريا الشام
    أنا حفيد اليمن
    جدّتي الخنساء
    من قبيلة مضر
    أخت صخر وحفيدة امريء القيس

    والدي تاجر مواشٍ في الصحراء الكبرى وأختي سيدةٌ فاضلة في نواحي نجد

     تبكي عزها وعودة أبنائها
    من ثنايا الزمن

    تحت القصف، وفي مهب الريح
     إخوتي حفاة عراة.. جياع
    فلا نبتغي منكم عونا..
    لا حُبَّاً ولا خبزاً
     ارحمونا ولا تشتمونا 
    وكفوا أذاكم عنا… وحسب
     فنحن الفقراء ونحن.. نحن أهل العزاء”

      كل ما تقوله يا صديقي
     كلام وجداني عميق
     يتغلغل في حنايا روحٍ
     لا أحسبها تستفيق من الكوما
     بعد هذا السبات الطويل.. الطويل 

    https://www.youtube.com/watch?v=6P-rpPLSkGI

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.