طبيخ نَوَرْ/ هايكو

بواسطة | 9 مارس 2020 | شعر | 8 تعليقات

image.png

1-
تأبّطت عتبة الدّار
أطفالها جياع
هذه النورية..

2-
دِسْتٌ/*عتيقٌ
يتسوْل بخفْةٍ
بين البيوت..

3-
من كل بيت غَرْفَةْ/*
ومع كل غَرْفة غصّة..

4-
يا امرأة ما هذا 
الخبيص
طبيخ نَوَرْ!؟

5-
“تسرق الكحل من
العين”.
دعيها عند الباب..

6-
عبّأت سروالها
بصاع/* قمح!!
خبّرتني العجوز..

7-
يا لدستها الحزين
عاد اليوم فارغًا..
خذلتها النساء..

8-
دعوها تُهدْهد..
صوْتها يتدفق كالنّهر
يُفتت الصّوان..

9-
وجهها المرشوش بالوشم
لا يعرف سرّه
غير النجوم..

10-
أضحكتنا وأدهشتنا
حتى البُكاء..
هذه النوريْة!

11-
يا لرقصُها.. 
رغيف ساخن.. عُجن 
بوصفة سحّرية

12-
تنام في قطرة ماء
وتُجدّل ضفائر الشّمس!

13-
سرقت فرحتي الأُولى..
سوار خطوبتي!!
بكت العجوز

14-
هم..
لا يملكون شيء
ويملكون كل شيء

15-
وطنهم أي مكان
وأي مكان
وطنهم..

16-
رأسمالهم:
خيمة عربة وحصان
كلبٌ وديكٌ..

17-
خفة اليد
وقراءة الطالع
لقمة عيشهم

18-
الطبيعة مُلكْ الخالق
وحده..
تعتقد هذه النورية..

19-
رجلٌ أشعث
امرأة مسخ
نَوَرْ!

20-
عجيب أمرهم!
إنهم كالريح
لا يركدون بمكان!

21-
حضورهم مهرجان
ورحيلهم المُفاجئ
إبهام!!

22-
أقفاص العصافير
وحصائر القصب
غزلوا بأرواحهم..

23-
بغيابهم اختفى 
كل شيء..
حتى وشوشة النجوم..

24-
في أطراف القرية
لا أثر لهم
رحل أبناء الريح..

25-
هؤلاء النَّوَرْ
“جماعة النجمة”/*
لا أحد يسأل عنهم!!

إضاءات:

*/الغجر أو النَّوَرْ: جماعة بلا هوية توحدهم ولا وطن يحلمون بسيادته أو العودة إليه. 

اعتاشوا على التسوّل، وامتازوا بخفة اليد وقراءة الطالع وضرب الودع.

النور والدومر والروم وغجر الشرق الأوسط أسماء متنوعة لشعب لا يحصى وتاريخ طويل من الاضطهاد العنصري، فرّقتهم الأرض وجمعتهم حكاية واحدة.

– شعب تحدثت عنه الثقافة الشعبية برومانسية وحطت من قدرهم في الوقت ذاته، وهو شعب قاسى قرونًا من الاضطهاد وعدم التسامح في أوروبا وفي الشرق الأوسط.

– غرابة أطوارهم وطريقة حياتهم جعلت منهم شخصيات ثرية لكثير من الكتّاب والأدباء، منهم غابريال غارسيا ماركيز الذي خلق شخصية ميلكيادس في روايته “مئة عام من العزلة”.

في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان هم “غجر” أو “نَوَرْ” وفي السودان هم “الحلب” وفي العراق “كاولية”

– */هوميروس أطلق عليهم لقب: “جماعة النجمة”.

 -*/الدست: (وعاء نحاسي كان يستخدم لطهي كمية كبيرة من الطعام) “الكشكول”

*/غَرْفَة ؛ “حفنة” ما غُرِف من الماء وغيره باليد أو بمغْرفة: “ملعقة خشبية كبيرة”.

 */الصاع والمِدْ: وحدتا قياس كان يستعملها القرويين في تكييل الحبوب. “الصاع الواحد يساوي أربعة مداد”.

شهربان معدّي كاتبة من الجليل.

8 التعليقات

  1. إيناس ثابت

    الطبيعة ملك الخالق
    وحده
    تعتقد هذه النورية

    المقطع السابق شد عواطفي واطرب مشاعري
    الطبيعة ملك الجميع
    كما “لم” تعتقد النورية
    صنعها الخالق ووهبها ملكا
    لكل الكائنات بلا استثناء
    كما يقول إيليا أبو ماضي:
    كم تشتكي وتقول إنك معدم
    والأرض ملكك والسما والأنجم
    ولك الحقول وزهرها ونخيلها
    ونسيمها والبلبل المترنم

    اشتقنا لك شهربان…لا تطيلي الغياب.

    الرد
  2. شهربان معدي

    عزيزتي إيناس الغالية:
    “بينما أحجر نفسي عن تفاهة العالم بالقراءة”
    في زمن العزلة الإجبارية التي فرضتها علينا الكورونا
    الزائرة الغريبة الأطوار..
    التي اجتاحت “كل” العالم دون استئذان..”
    وأقرأ بشغف، رواية “مزرعة الحيوان” للكاتب الإنجليزي جورج أوريول، والتي نشرت عام 1945م، وهي من أفضل مئة رواية عالمية، وترمز الرواية بوضوح إلى الثورة الروسية، تحت حكم جوزيف ستالين، والتي قامت بخداع الشعب، وانتهت الثورة بعد ذلك بعد ما أوصلت الشعب إلى النقيض من هدفها الأصلي، وهو العدالة الاجتماعية”

    نحن أبناء هذه الحياة..
    ومن العدل والإنصاف أن نتمتع بخيراته وموارده
    بلا منة أو صدقة من أحد..
    وهذا ماتؤمن به هذه “النورية” الشريدة..
    التي تعتقد أن الطبيعة مُلك الخالق وحده..
    ولذلك تمنح نفسها الحق بأن تنهب كل ما تطاله يدها..
    بل وتضيف لذلك صبغة شرعية…
    لأن “الطببيعة من حق الخالق وحده، وقد وهبها لنا جميعنا، دون استثناء،
    أو غربلة أو تمييز..

    وكم يشرفني يا غاليتي إيناس؛
    أن أتبادل معك الأفكار..
    وأتقاسم معك الهموم..
    في عالم قاسٍ..
    يبات فيه المرء على شيء..؟
    ويستيقظ على شيء جديد..
    وحتى وإن اندمج هؤلاء الغجر في كل مرافق الحياة..؟
    فلا ضير أن أوثْق ما حكته لي الجدات عن قومٍ..
    سكنوا في أطراف قريتي..
    ورحلوا ولم يسأل عنهم أحد..

    دمت وجميع اخوتي القراء بألف خير..
    واللهم إبعد عن جميعنا شبح الكورونا..

    الرد
  3. إبراهيم يوسف

    أ/ شهربان معدي

    “كلّما قلنا صفا زمنٌ *** (رَجِعَتْ) كالرّيح تشتعلُ
    هات لي عمري فأجعله * طائراً في الأرض ينتقلُ
    أنا يوم َالبعدِ أغنية ****** تأخذُ الدُّنيا وترتحلُ”

    في زمن الكورونا والأبواب الموصدة
    بلا مصافحة أو تقبيل
    ومع التفاؤل والإقامة الجبرية
    والبعد من المتحدثين لمترين.. أو أكثر
    وأسباب الحيطة والحذر..! والله زمن!
    فلا ضمانة ولا سلامة.. أو أمان لأحد

    فلا عجب يا صديقتي أن يستنبط
    الفكر “الإنساني” الموجّه نحو التضليل
    القنبلة النووية يبيد بها البشر

    أو يُنّمي فيروسا لنفس الغاية
    وينشر الوباء على سائر الأرض
    عندما يكون مفعول الوباء
    أشد هلاكا للبشر
    والعالِم مكتشف الإثم
    يعرف أو يجهل؟ لا فرق في الحالين

    “ومن يجعل الضرغام للصيد بازه
    تصيَّده الضرغام… فيما تصيَّدا”..

    هكذا؛ قلت في نفسي فلأبادر بالرد
    على شهربان ابنة الأصل الكريم
    ما دمتُ مقيما… لا أبرح الدار إلا
    للضرورات الملحة
    فمع وباء يمعن في الانتشار
    وحكومات هزيلة لا أمانة للحظ والأقدار

    أما شهربان؟ هذه (النورية)… الخلاّبة بحق
    فإنها تندفع ببشاشة وثقة إلى باحة الهايكو

    لترسم صورا جذلى.. بديعة الألوان
    ساحرة الوقع على القلب والعين والحواس

    فينتشي على خصرها
    ويسكرُ الفستان
    مزركشا.. متهدلاً
    على قامةٍ ممشوقةٍ هيفاءْ

    توقفتُ طويلا وأنا (أمَزْمِزُ) كلماتِها
    بدقة كيف تحمل دستها
    وتقتحم البيوت برشاقة سحرتني
    وهي تسرق أو تتسول الأمر سيّان
    ولا تتردد فتغري الرجال
    تستفز بقدِّها مشاعرهم من الأعماق
    والرجل رخو لا تهزو واقف ع شوار

    ما يعنيها فحسب..؟ أن تحصل
    على كفاية
    من خبيص طبختها… والسلام

    عشقت قصيدتك بحق يا شهربان
    وحسدتك من قلبي… فسامحيني

    د. أحمد أخبرني همسا..؟ عن نورية
    سمع بها من بعضهم.. في الجوار
    وكتب عن حميدان والبدوية الحسناء

    https://assanabel.net/archives/320

    أنا أيضا كتبت عن: أغاني الغجر
    والكركم الأصفر؛ لكن الحقيقة..؟

    أنا أعجز من أن أبلغ براعة
    نوريتك وروعتها في الرقص

    وهو سببُ حسدي منك كفاك الشر
    وكفى عيوني العمى… يا شهربان

    فَأْسِيْ..
    طَوْعُ يَمِيْنِي
    وَبَأسِي.. كَسِكِّينِي
    شَحَذَتْهَا
    عَادِيَاتُ القَدَرْ

    زَوّادَتِي..
    خُبْزُ شَعِيْرٍ
    يَاْبِسٍ
    خَيْمَتِي
    عَلى كَتِفِي
    وَلِبَاْسِيْ.. سُتْرَةٌ
    مِنْ جلْدِ البَقَرْ

    لا الرِّيْحُ تُثْنِيْنِي
    ولا النَّهْرُ
    الغَاضِبُ
    يُعَرْقِلُ رِحْلَتِي
    أجْتَازُهُ
    إلى الضَّفِةِ الأُخْرَى
    بِلا خَشْيَةٍ
    أوْ حَذَرْ

    فالنَّهْرُ لَنْ يُثْبِطَ هِمَّتِي
    ولا زَخَّاتُ.. المَطَرْ

    سَأجُوْبُ.. السَّهْلَ
    والوَادِي
    مُتَسَلِّقَاً
    قِمَمَ الجِبِالِ
    تَارِكَاً خَلْفِي
    خِيَمَ الغَجَرْ

    في الأفْقِ
    عَلى سَفْحِ هَضبَةٍ
    أسْمَعُ صَهِيْلَ خَيْلٍ
    أرَاهَا مُرَقَّطَةُ القَوائِمِ
    تَرْعَى
    عَلى أطرَافِ المُنْحَدَرْ

    أسْرُقُ مِنْها مُهْرَةً
    دَهْمَاءْ
    وَحِصَاناً
    يَنْضَحُ بالرَّغْوَةِ
    البَيْضَاءْ
    حَوَافِرُهُ تُوْمِضُ
    وَتُشَرْقِطُ نَارَاً.. وَشَرَرْ

    ما أسْرُقُ لَيْسَ
    للرُّكُوْبِ..
    أو عَرَبَاتِ السَّفَرْ
    بَلْ لِلْبَيْعِ..
    بمَالٍ وَافِرٍ

    أشْتَرِي
    لطائشةِ النَّهْدَيْنِ.. امْرَأَتِي
    الّتِي مَلَّتْ عِشْرَتي..
    قِلادَةً مِنْ الياقوتْ
    وشَالاً مُزَرْكَشاً
    وَخُفّاً لامِعَاً أحْمَرْ

    وَسِرْوَالاً..
    مِنْ حَرِيْرٍ
    بِلَوْنِ الزَّعْفَرَانْ
    والْكُرْكُمِ الأَصْفَرْ.

    الرد
  4. شهربان معدي

    أستاذي الراقي ابراهيم يوسف..
    “أين مني مجلس أنت به .. فتنةٌ تمت سناء وسنى
    وأنا حبٌ وقلبٌ هائمُ .. وخيالٌ حائرٌ منك دنا
    ومن الشوق رسولٌ بيننا .. ونديمُ قدم الكأس لنا”

    في هذا الصباح القارس أكتب لك أستاذي الأريب..
    ولا يؤنسني في وحدتي سوى صوت صفير الريح..
    وصوت تدفق الماء من المزراب الى “السيح” مباشرة.
    ليعزف أجمل سيمفونية تطرب الأذن.. وتشرح القلب
    والسيح هو مجمع مائي تحت الأرض..
    اجتهدنا في حفره أيام عديدة..
    ونجتهد بأن يمتلأ كل سنة بماء الشتاء الزلال “قطر السماء..”
    رغبة في شرب الماء الحلال..
    الذي يغذي الروح والجسد في آن واحد..
    ويهذّب الجوارح ويطرّي القلب..

    وبالنسبة لنوريتي الخرقاء..؟
    المهمشة، المسحوقة..
    ألم تذكرك بوطن اسمه “فلسطين”
    وطن تشرّد أهله..
    ودار بدسته العتيق في كل أرجاء المعمورة..
    يحمل قضيته على كتفه..
    ولكنه عاد صفر اليدين..
    خذله كل “العالم”

    “وفي أطراف القرية
    لا أثر لهم
    رحل أبناء الريح..

    25-
    هؤلاء النَّوَرْ
    “جماعة النجمة”/*
    لا أحد يسأل عنهم!!”

    مهما كتبنا أستاذي..
    ومهما تألقت حروفنا..
    وأزهرت أبجديتنا..
    فستبقيان أنت ود. أحمد شبيب
    تاج على الرأس..
    وفقكم الله أساتذتي الكرام..
    واللهم يقينا من هذه الفيروس الفتّاك
    الذي وحْدنا في خانة واحدة..
    خانة “الإنسانية”
    وهذا يكفينا.

    الرد
  5. أحمد رشاد

    نصٌ جميلٌ و راقٍ
    لقد خالطتُ الغجر عند إطراف مدينتنا.
    عالهم مغرٍ يدفعك كي تستمر في الركض خلف فراشات الضباب دون أن تقدر على قطف واحدة.
    لقد تمكنتِ في التفاصيل.
    دمت بخير

    الرد
    • شهربان معدّي

      “عالهم مغرٍ يدفعك كي تستمر في الركض خلف فراشات الضباب دون أن تقدر على قطف واحدة.”
      نعم أستاذي الراقي..
      ربما لم أنجح أن أقطف فراشة واحدة..؟
      ولكنني نجحت بقطف هذا التعقيب الراقي، الموضوعيّ من بيدرك الخصيب.
      شكرًا لعطر مرورك الأثير، الذي سبر أعماق تفاصيل نصّي، وحلّق معي..
      لنقطف “فراشات الضباب”
      وقد كانوا هنا..
      على أطراف قريتي..
      “هكذا حدّثتني السيّدة العجوز..”
      افتعلوا هرْجًا ومَرْجًا..
      ورحلوا دون أن يسأل عنهم أحد..
      دومًا بخير أستاذي
      فضّلت كثير.

      الرد
  6. د.رامي سمهوري

    لقد حولت الغجر العاديين البسطاء البعيدين عن النظافة والترتيب والعشوائيين اللامبالين لمادة سحرية رومانسية سيريالية ربما بعضهم لا يستحقها ونحن نشاهد نمط وفوضى حياتهم على اطراف المدن العربية ومعذرة فانا مثقف صريح ومستريح!

    الرد
    • شهربان معدي

      “مثقف صريح ومستريح”
      ولأنك بهذه الصراحة والثقافة العالية
      أشكرك على مرورك العطر 
      وكم يٌشرّفي يا أستاذي الأريب
      أنني استطعت تحويل هذه الشريحة المُهمّشة،
      “اجتماعيًا، ثقافيًا، سياسيّا، إنسانيًّا..”
      لمادة سحرّية، سرّيالية، رومانسيّة..
      يجب أن تلتفت إليها المجتمعات الدوليّة، وتمدُّ لها يد العون.. 
      بدل أن تبقى مجمّعات سكّانية، بائسة،
      تعمّها الفوضى والعشوائية، وتمزّقها ريح الفاقة والعَوَّز..
      كم شرّفني مرورك الأثير.
      دومًا بخير أستاذي الراقي.

      الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.