سبع صلوات على وجه القمر

بواسطة | 15 أغسطس 2019 | مقالات | 10 تعليقات

سبع صلوات
على وجه القمر
إيناس ثابت – اليمن

(1)

كتبتُ اسمك على منديل أبيض في صباح ربيعيّ مشرق، طرَّزتْ يدايَ حواشيه بالخرز الملون وخيطان الحرير. ضممتُه إلى صدري. رق قلبي للمنديل الموشح بطيفك.. فغرَّدتْ مهجتي وسرى منها نور يملأني بفيض من الصلوات والتراتيل. رفرفت فراشات الحقول بأجنحة لها ألوان البحار عند الشفق، وبدا شراعك قصيّا في الأفق البعيد. وكانت غزلان الربى تتقافز جذلى كأغنية الأنهار في صدى الريح. وعساليج الندى تحاكي عطشي، وتفاوض مهجتي وتنساب عذبة في ثنايا جسدي، وعصفور أحمر يغرد على نافذتي، فألهج باسمك حرفا حرفا: أحبك… حتى الجنون.

(2)

عندما أحببتك جاورتُ شعاع القمر، منحته صبابتي وكتبت اسمك في قلبه، والقمر عاهدني أن يصون سرنا، وينير ليالي الهوى من عمرنا، ويغسل وجهينا بشذرات من نور الرب العظيم.

(3)

حطت نحلة في حضن زهرة تترنم بلحن المروج وأنا أعدّ على أصابعي العشرة: أولا أحبك.. ثانيا أحبك.. ثالثا أحبك.. رابعا أحبك.. خامسا أحبك، وبعد كل مرة قلتها أورقت زهرة على وجه القمر.

(4)

غار منك القمر وتوسل قبلة من فمي أو يطفئ نوره؟ ابتسمت له ولم أستجب وأكملت العد: سادسا أحبك.. سابعا أحبك.. ثامنا أحبك.. تاسعا أحبك… بكى؛ فلم أكمل العد وغاب من سمائي القمر.

(5)

عندما أحببتك..؟ تحول العالم أمامي إلى كوكب زهري، له جناحان ناعمان براقان، يمتطي كوكبا مذّنبا ويسبح من ألف عام في أديم الفضا، فيولد شموسا وأقمارا ونجوما تضيئ بسنا عينيك.

(6)

أراك فراشة عارية تغتسل بالنور، فلا يحترق جناحاها بلهيب القيظ تحت عين الشمس في تموز، وفي أحلامي أنت زهرة لوتس، تنام بوداعة في بحيرة تؤرجحها الريح، وطير بلون الياقوت الأحمر يطير مسافرا في ضوء القمر. أو عذراء في معبد ترقص تنورتها رقصة الوالهين. زورقا ينساب فوق النيل على أنغام المواويل. نجمة تتفتح في السما وتفاوض في قبلتها ثغر القمر.

في عرس الياسمين على أطراف ثوبي المطرز بخيوط النور، وغدائر حسناوات الزمن البعيد   يعصرن بأقدامهن خمرة الكون في دنيا الوجود. وعسل مصفى على طبق من سلاف الرغبة في الجفون. غيمة تغازل  أمنية المطر وعيون طفل ناعسة وثغر يناجي الأم في ثدي الحليب. تواشيح غناء في كل المواسم والفصول، ترود الوجوه وتقيم حبات الكرز في الشفاه وعلى الخدود.

(7)

أنت سر صنعه الله من نور القمر، من رقة الندى وخضرة أوراق الشجر، من نون الحنان وعطر  الندامى في ليل الخمور، وزهو الطاووس وقوة العواصف ولين النسيم، وكرم السحاب وحكمة البحر وعطاء الشمس والريح، وطهر النار والمطر، وليل الشتاء ودفء السهر في لون العيون.

إيناس ثابت - اليمن

10 التعليقات

  1. شهربان معدي

    تكفينا صلاة واحدة
    منك يا شهرناس..
    لنلمس النجوم
    ونخاطب القمر..
    بوح رائع..
    رقيق كأجنحة الملائكة
    طريُ كمنديل العروس
    صافٍ كعيون العذارى
    بوركت الأنامل
    والقلم الأخضر.

    الرد
    • إيناس

      ما أحلاكِ شهربان..وما أحلى وأرق كلامك

      من القلب قريبة أنتِ..
      دمت بألف خير صديقتي الغالية

      الرد
  2. مهند النابلسي

    رومانسية خلابة آخاذة تسبح بحمد الخالق الوهاب وتضيء دروب الحياة الجميلةالنقية…

    الرد
    • إيناس

      في الحب نور من أنوار الله
      لولاه لماتت فينا الحياة..

      تواجدك يسعدني أستاذ مهند
      خالص احترامي ومودتي..

      الرد
  3. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    لست أدري أين تقع هذه العوالم النورانية التي تأخذيننا إليها يا نجمة الصبح.
    كمّ أنا مفتون بهذه الروعة!

    الرد
    • إيناس

      د.أحمد دياب

      إذا كان الأستاذ إبراهيم معلمي..؟
      فأنت معلمنا.. معا
      وأنا واثقة سلفا أنه يحبك ولن يزعل مني
      ألف شكر لك دكتور أحمد
      على حضورك الآسر

      الرد
  4. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    في عالم القلبِ
    وفي فسحة الدنيا
    تلميذاً صغيراً
    سوف أبقى
    طفلاٍ تأخذه الدهشة
    سوف أبقى
    عاشقاُ تؤنسه النجمة
    سوف أبقى،
    سوف أبقى.
    ولئن كان ابراهيم خليلاً لربّ السماوات
    أباً لجميع الأنبياء وأصحاب الرسالات،
    كلّمته الحروف، ودانت له الكلمات
    ولو أن الحكمة وردت إليه
    أو أنّ المعاني سجدت بين يديه
    سنبقى وإياه في منهل الأدب والعلم طلّاباً
    و لسحر المعاني عشّاقاً وخطّاباً
    وسيبقى الالتباس قائماً ما بين الشيخ والمريد
    تلك هي جدلية الحياة وتركيبة الكون

    دمتي لنا يا إيناس متألقةً كنجمة الصباح

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      سبقني د. أحمد هذه المرّة كما في كل مرة، وأنا واحدٌ من طلبةِ صَفِّه ومريديه، دون التباسٍ بين شيخٍ ومريدْ، وحلَّق بنا إلى مجرّاتِ النوايا الطاهرة والقلوب العامرة، وأرشدنا بِوَحي الأولياء الصالحين إلى واحات الله الواسعة.

      وهو المُبادر الكريم إلى المودة وصاحب مشروع إنساني مؤيد للسيد المسيح، بأن “لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور؛ ولا تمعن كثيرا في الضلال”. ويقومُ على خدمة أهدافه ومبادئه بأمانةٍ عالية؛ تغنيني وتغنيكِ عن أفصح التعابير.

      طبعا ما بزعل أبدا يا عزيزتي لأنني أحبُّه وأحبُّك أيضا. ( ولو خفّ نظري قليلا..؟ فيكِ تقولي: هيدي عين؛ وهيدي أختها يا إيناس). دمتِ لنا جميعا أنت والدكتور أحمد. أنتما آغاتي وسدارة على رأسي، بتعبير الصديقة الكريمة هدى المهداوي.

      وبتسمية د. محمد علي حيدر..؟ بتموني عالدّمات حبيبة قلبي يا “شهرناس”، ومش كتير عالدكتور أحمد يكون معلمي ومعلمك؛ ومعلم الكل. ربِّي يُحبُّني فيكما والحظُّ يحالفني؛ خالص مودتي واعتزازي بصداقتك وصداقته.

      الرد
    • إبراهيم يوسف

      هي خمس صلوات فحسب يا عزيزتي؛ فمن أين أتيتِ بفتوى الإضافات..!؟ لعلها تحاكي ما ابتكره الدكتور أحمد حينما أدخل “نون الحنان” إلى معاجم اللغة، وأغناها بهذا التعبير الذي يثير الخفر مما أغفل مدلوله كثيرون..!؟

      أما هذه الكتلة المتدفقة في النص من الأحلام الوردية المزركشة..؟ كمياه العاصي أو كثياب الغجر وأزهار الزيزفون..؟ تنشر عطرا خفيفا منعشا ولا تعقد مرة ثمرا.. لكي لا ترمى من الصبية بالحجارة. لذلك “صُوِّحَتْ أزاهِرُهُ قبل يُعقد الثمر”. لكنك لو شئت تسمية مختلفة لأحلامك هذه التي تشبه زهر الزيزفون وعطره؛ مما يتكاثر في الإقليم وشمس الجبل دائما بتعبير مولانا الشيخ أحمد..؟ فأفضل ما يليق بها: من كل واد عصا..!!

      https://www.youtube.com/watch?v=2E3u7toNJpQ

      وتبقى هذه الأحلام البهية يا عزيزتي تختلف على نحو ملحوظ عن تلك “الوجوه الملونة”، التي قرأتُها لك ذات حين. مهما يكن الأمر؟ كان ينبغي في اعتقادي.. أن تلتفتي بعناية أعلى وأنت تؤدين الصلاة السابعة بعيدا من الترديد والرتابة.

      لكنني أشهد أنك ذكية “وداهية” في الترويج لنفسك، حينما تستدرجين الآخرين بما “يعزّز حضورك” بين الجميع.

      الرد
      • إيناس ثابت

        بعد قراءة تعليقك غيّرت فكري، ومسحت ما خطر ببالي قوله..؟ فلا يصح للعين أن ترتفع فوق الحاجب، والتلميذ مهما حاول الاجتهاد فإنه لا يتجاوز حدوده مع أستاذه ومعلمه.

        لكن؛ بناء على إشارتك إلى “الوجوه الملونة” التي أشعرتني بكثير من الاعتزاز والزهو؟ فقد اتخذت قراري بإعادة نشر النص من جديد…؟ ما دمتَ تشعرُ بالرضا عمّا قلتُهُ.

        الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.