بانتظار الهجوع الأخير

بواسطة | 29 يونيو 2019 | مقالات | 12 تعليقات

بانتظار الهجوع الأخير
إبراهيم يوسف – لبنان

من النصوص التي ركنتُها
 في إحدى زوايا الحاسوب
وفاتَني أن أنشره في موعده
كردٍ على 

أيها الوالدان إنكما متهمان
للصديقة هيام ضمرة – من الأردن
المنشور في موقع السنابل

https://assanabel.net/archives/2594

لكن نص (غير مرغوب فيه)
في السنابل أيضا

https://assanabel.net/archives/3350

للصديق الأستاذ
عبد الجليل لعميري – من المغرب

أيقظ  ذاكرتي من جديد
على النص المنسي

(بانتظار الهجوع الأخير)

لأنني.. أبتغي الموتَ خليَّ البالِ
 مطمئنَ الخاطر وعاقلاً 
كما فعلَ “دون كي شوت” ذات حين

بعيداً من أسبابِ الجهلِ والحيرةِ 
 ومن التعسّف والجنون

 قريباً من نفسي ومن الناسِ
وحِمَى الأصدقاء
 مؤمنا بالله والعقلِ والمعرفةِ والمنطق

 بناءً على هذا كلِّه 
اتخذتُ قراري بالرد على ” الوالدين المتّهمَيْن”.

C:\Users\ibrah\Desktop\download.jpg

قرأتُ مقالتك بكثير من العناية والهدوء.. ومن التّحفظ الملحوظ أيضا. أمّا وقد تجاوزتُ بعض الدّواعي الطارئة والظروف المحيطة للرد وإبداء الرأي؟ فلن أكتفي فحسب بتعقيب سريع. لكِ خالص محبّتي وأمنياتي يا أم هيثم. عشتِ يا صديقتي ولْتَبْقَ أيامُنا مفتوحة على الغايات النبيلة وسلطة الفكر البَصير، وعلى الصدق والمحبة والصراحة والرأي العادل السديد. 

حتى ولو لم أتابع بدقة ما الذي أقدمتْ عليه الفتاة، المعنيّة في مقالتك عن الوالدين “المتهمين بالتقصير”..؟ إلاَّ أنني من خلال ما تفضلتِ بقوله، والتأكيد على التصدي للتفلّت من قواعد السلوك الحسن والخلق الحميد، والحريات الخارجة على بعض المبادىء والأعراف، التي يخضع لها ويعمل بها من هم حولنا، ممن يسعون في مناكبها ويأكلون من رزقها. 

لكن مضمون المقالة حَرَّضني على الرد وإبداء الرأي، والتوقف عند التفاوت والمقارنة، بين ما نفكر فيه كمجتمع ملتزم بقناعات، لا ينبغي أن تكون كتلة صلدة لا تتحرك، أو قِيَماً اجتماعية ودينية متطرفة، وكثيراً من الأمراض الفتّاكة في الاجتهاد، بفتاوى منافية للعقل والمنطق والدين، ما يثير الخشية والخوف والحنق.. حتى حدود الغضب الشديد.

كأن لا يجوز للزوجة في بعض الديار، تشغيل مكيف التبريد والطقس لهيب، عندما يكون زوجها غائبا عن المنزل، لئلا يتبادر إلى ذهن “مارقٍ” على الطريق أن في المنزل زوجة وحيدة!؟ وربما سولت له نفسه الأمارة بالسوء، أن يقتحم المنزل – ولسنا نعيش في غاب – وما قد تتعرض له الفريسة المُحتملة، من صحوات “التعنت والإرهاب الفكري الجديد”!؟. 

وإذا خطر للزوجة أن تنعم بقليل من الحرية وتخرج لبعض الدواعي، كزيارة ذويها أو شراء الخضار؟ فمن حق الرجل عليها طلب الإذن المسبق لمغادرة “سجنها”، وربما مع حراسة مشددة في الطريق. وآخر ما تناهى إلى سَمَعي منذ أيام قليلة في نشرة إحدى القنوات؟ فتوى أتحفنا بها مرجع في مصر، يقضي بجواز ضرب الزوجة فلا يبلغ تكْسيرَ العظام.! 

ناهيكِ عن فتوى الإرضاع الشهيرة ابتغاءً للحلال، ممن تباركتْ عمامتُه تاجا على رؤوسنا بلحيته وشاربيه الحليقين. لئن كان يريد تحريك الغرائز ففي البورنو ما يفيض – هذه المفردة أثارت ضحك الحضور لغبائي، وأنا أسأل مرة ما تعني- وربما أدهى ما قرأته على الإطلاق عن  تفخيذ الصغيرات. ألا ينبغي أن نشعر بالخجل، ونلعن الشيطان.. على فتواه.؟ 

والعجب المقرون بشعور لا يوصف، من النفور والتقزز في فتوى مواطأة الزوجة المتوفاة..! “قوليلي” بربك يا هيام ما هذا الفكر المغرِق في القرف والعقل الساقط المريض..؟ وأين نحن مما هي عليه الفتاة من السلوك “الشائن”، ولو في أعلى مراتب التمرد والعصيان..! لئن بلغت حد البغاء..؟ سيكون البغاء مقدسا بالمقارنة مع مواطأة الوداع.  

“قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ –  مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ –  الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ – مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ “. جلّ جلاله سبحانه وتعالى أن يرضى “بحماقة الزلل”، والتّرخيص (لفدَّانٍ) له شكل البشر بمواطأة الختام. تبلغوا وبلغوا أيها المُفْتون في جنبات الأرض أن الإنسان على صورة الله ومثاله، وأننا من صنف البشر كما تدل أشكالنا، ولسنا أبدا من الحيوان.  

https://www.annahar.com/article/664300

وبعد؛ أين لا يقف هؤلاء إلى جانب الرجل، ويناصرونه على حساب التعسف في النيل من قيمة المرأة الحيَّة العائشة؟ حتى في الحقوق البديهية كالحضانة والميراث والشهادة وغير ذلك. صدقيني أن الدنيا عندنا ليست “بألف” خير يا هيام. حتى في بعض الجوانب البسيطة، مما يضيق ذكره في تعقيب لا أريده أن يورطني، أو يطول ويضيع في متاهة ليست في البال. 

في الغرب نجحوا في استئصال الجدري والهواء الأصفر، وابتكار الأدوية والأمصال وأدوات الجراحة وتأصيل النبات، وطائرات تجاوزت سرعة الصوت. ناهيك عن وسائل الاتصال، ومنجزات علمية هائلة.. لا فرق سهَّلت أو عقَّدت الحياة. 

فماذا فعلنا بالمقابل وفي حساباتنا أموال الدنيا..!؟ إلا ّ الإصرار على البراءة من خديعة التكفير وتغطية سيقان النساء. ولا زلنا لم نحسم بعد طريقة الوضوء: من.. أو إلى المرفقين. وكيف نُراكِمُ حسنات الدنيا في احتفال صاخب، بلغ أسماع أهل الحيّ للعبور إلى الفردوس، ونحن نسمع طبلاً وزمراً في المسكن المجاور، لأن سكانه تمكنوا من  قتل “بُوْ بْرَيْصْ”..! 

الغرب مليء بالخمرة والنساء ممن يكشفن عن سيقانهن – وهذه ليست دعوة فاجرة لتقليدهن على الإطلاق – ومعظمهن عفيفات ومنيعات على أصحاب الفحولة المتفذلكين من الرجال، وأنا أولا وأخيرا أدافع عنك وعن بناتك وبناتي يا هيام. ويبقى “جنوح” الفتاة عن “القيم” مرفوضا في العموم، ما دام بعض من في الغرب يرفض ما راحت إليه الفتاة.

ولي شهادة صادقة على ما رأيته إبان دورة دراسية، حينما اقترحتْ عليّ عاملةُ فندقٍ؛ أن أستفيد من موسم الأوكازيونات في (Pau) مدينة في تلك الديار. وانتظرتُها كما اتفقنا في بهو الفندق في اليوم التالي، فتأخرتْ طويلا عن الموعد المحدد، ثم أقبلت مسرعة لتعتذر إليّ بأنها لن تتمكن من مرافقتي للتسوق، فالبلدة صغيرة والناس يعرف بعضهم البعض.

 ثم صارحتني عن تحفظها، أن أحدا في البلدة لو رآها معي..؟ لعيَّرها برفقة رجلٍ غريب ما يؤثر على مستقبلها في الزواج. ثم من يضمن لها كما قالت بأن لا أضايقَها، أو أتحرش بها في رحلتنا إلى المدينة..؟ وذلك بحث مختلف آخر. 

ألا تعتقدين معي أن الأمر سيختلف لو كانت الفتاة شابا..؟ وهو يقتحم المسرح مُزْبَطِرَّاً بفحولته فيحتضن المغنية أو الممثلة، ويغمرها ويشم رائحة عطرها، وربما تمادى أكثر وقبلها في فمها..؟ لينال نصيبا أعلى من الإعجاب والتصفيق.

التطرف يا صديقتي أو الاعتدال، لا يكون في جانب واحد بل في الجانبين على السواء. وأما نهج الإسلام فلا ينبغي بل لا يجوز أن يكون وحده “الإيديال”. في اليابان يدينون بالبوذية وليس بالإسلام، ولا يشكون من الجنوح والتمرد والفلتان. ألا تعتقدين معي أنهم في اليابان، أحسن مما هي عليه أحوالنا في “لبنان”..!؟ وليس في سواه من سائر بلدان الجوار.

ويبقى العدل في التوازن من وجهة نظري؟ لا يتعدى تحكيم العقل والمنطق في مختلف الأحوال. وجملة القول إن (رهف) المسكينة تعيش كما تراءى لي وسط مجتمع شديد الانغلاق، معروف بالتزمت والتضييق على حرية المرأة..؟ وهكذا فإن التشدد والكبت يقوِّي الواحد منهما الآخر، ويؤديان إلى الحرمان ثم الرفض “والانحراف” والضياع في نهاية الأمر. 

“أما أولادكم في رأي جبران فليسوا لكم. بل أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها. بكم وليسوا منكم يأتون إلى العالم. يعيشون معكم وليسوا ملكاً لكم. تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم. لأن لهم أفكارهم الخاصةً بهم .في قدرتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم. لأنها تقطن في مساكن الآتي، ولن تتمكنوا أن تزوروا مستقبلهم ولو في أحلامكم، ولكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم؟ لكنكم عبثاً تحاولون”.

 أن نؤمن ونعمل؟ إنِّه المثلُ الأعلى. أن نؤمن ولا نعمل؟ هزيمةٌ وعجزٌ وتقصير. أن نعمل ولا نؤمن؟ هوالعمى يصيبُ القلوبَ قبلَ العيون. أن لا نؤمن ولا نعمل؟ ذلك هو الضياعُ بعينِه وضرب من المستحيل. قلتُ بعضَ ما في خاطري، واستغفرتُ الله ربي لي ولكِ واستغفرتُه للمؤمنين والكافرين. وأنهيتُ كلامي إلى نوم مؤقت.. بانتظار الهجوع الأخير. 

كاتب لبناني

12 التعليقات

  1. مهند النابلسي

    روعة سردية ممتعة وأمثلة دالة وحكم منثورة خلال السياق…

    الرد
  2. إبراهيم يوسف

    أهلا وسهلا بالشيخ مهند، والمشيخة في لبنان كانت درجة عالية من الإقطاع.. لم تكن سيئة بالمطلق. ما دام أمين معلوف قد تحدث عنها في روايته (صخرة طانيوس)، بأسلوب لا يخلو من العذوبة.

    الرد
  3. مهند النابلسي

    لقب فخري أعتز به كثيرا لأنه صدر عن صديق صادق صدوق ومعلمنا جميعا في هذا الموقع اللبناني التليد علما بأني احب كتابة أمين معلوف وقد سبق ولخصت روايته الشهيرة “ليون الافريقي” ولاحظت اعتماد تلخيصي من قبل موقع الانترنت الشهير ويكيبيديا في حينه قبل سنوات ويمكن البحث في الرابط ادناه:
    https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A_(%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9)

    الرد
  4. مهند النابلسي

    http://www.etudes.franco-orientales.com/permalink/15774.html
    سلام عنوان الرابط الذي استندت له ويكيبيديا كمرجع لمقالي المسهب عن رواية ليون الافريقي لأمين معلوف (في حينه) وكان اسم الموقع الشروق الباريسي وقد نشر المقال اللافت قبل اكثر من عقد ونصف وقد اندثر الموقع حاليا ولا يوجد الا رابطه فقط وسأحاول ارسال المقال الأصلي لسعادتكم ان تمكنت ووجدته مخزنا عندي ويسعد صباحكم البيروتي الجميل…

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      يعطيك العافية يارب.. وشكرا للإشارة إلى ليون الأفريقي لأمين معلوف، التي لا تقل روعة المقدمة في مدلولها على لسان الحسن الوزان..؟ عن حسرة سرڤانتس في الصفحات، والساعات الأخيرة من حياة دون كي شوت.

      أغادر إلى الريف.. فإلى لقاء قريب.

      الرد
  5. إيناس ثابت

    مفردة إيمان مشتقة من …”أمن”

    و الأمن في كافة النواحي يتحقق
    بتطبيق القانون والعدل
    والحرية والمساواة وحفظ حقوق الفرد..
    والتوصل إلى حلول للمشاكل الصحية والبيئية وغيرها …عن طريق العلم والبحوث
    لتأمين البشرية ومستقبلها وتحقيق الأمن لها

    والعمل الصالح يكون بنهضة الأرض وتعميرها ونهضة الانسان

    والمثل الشعبي يقول أهل مكة أعلم بشعابها
    ونحن أعلم بأحوالنا وفسادنا

    وقانون الكون وخالقه يسطر:أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض؟

    أوافقك الرأي معلمي… واختصر الفارق بيننا وبينهم بهل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون!

    ودمت بخير..معلمي الغالي

    الرد
  6. شهربان معدي

    “بوشكين مات مقتولاً. ودستويفسكي حالت لحظة قصيرة بينه وبين الإعدام. وتولستوي قضى نحبه على رصيف الكون في محطة مهجورة وتحول إلى حفنة من عظام، بعد أن زهد في زخارف العالم وبهارجه. وتشيخوف نهش الدرن رئتيه ومات مصدورا. وليرمنتوف ضاع في مُبارزة لا معنى لها. وغوركي تحدى العالم حينما أطلق النار على نفسه، لعله يوقف العالم عن تدمير البؤساء لأنفسهُم. أي عُنف واجهه هؤلاء الكبار من صُناع الجمال، أو وقعوا كالفرائس في براثنه..!؟”

    سأكتفي بإشارة سريعة لأنني أفهمكَ جيدا، وأعرف مدى تواضعك حينما أتذكر بعض المبدعين، ولئن لم تكن بمستوى شهرتهم..؟ فإنك لا تقل عنهم في التصدي والشجاعة، حينما لا تستحي وتشير إلى خطأ الخلط أو النقل بلا تردد أو حرج.. وهكذا لا يتحول الخطأ إلى خطيئة في التعقيب على أماديوس، والإشارة إلى نباح الكلب على الأضياف.. وإلى الأخطل وجرير.

    “وأنهيتُ كلامي إلى نوم مؤقت.. بانتظار الهجوع الأخير..؟” عن أي هجوع تتحدث يا صديقي ومن يجاريك فيتحدث بلغتك الراقية عن البؤساء المنكوبين وعن المرأة والشيخ العاجز والطفل اليتيم..؟ فهل سيأمر لك الباري عزّ وجل بغير خاتمة الأتقياء الطاهرين..؟ وحاشا أن تضيع عنده هباءً ميزة الخير فيك..؟

    وليسامحني الملحدون والمؤمنون؟ فلو غيرنا مقولة الرجال قوامون على النساء..؟ بالنساء والرجال معا في السعادة والشقاء. لتغير تاريخ العرب وارتفعت معه مكانة المرأة، وإعداد الأسرة ومركز الطفولة يدور المستقبل حول محورها.

    “في الغرب نجحوا في استئصال الجدري والهواء الأصفر، وابتكار الأدوية والأمصال وأدوات الجراحة وتأصيل النبات، وطائرات تجاوزت سرعة الصوت. ناهيك عن وسائل الاتصال، ومنجزات علمية هائلة.. لا فرق سهَّلت أو عقَّدت الحياة”.

    ونجحوا أيضا في المصالحة فيما بينهم والصلح مع الذات، ولو أنصف الرجال النساء..؟ لكنا واكبنا الحضارة ونافسنا الغرب في مختلف انجازاته من أوسع الأبواب. بدل الإنشغال في مقتل بو بريص وحجاب وجلباب، مع مراعاة حشمة المرأة وعفتها وسلوكياتها بطبيعة الحال.
    دمت صديقا للجميع ورائدا من رواد الفكر المتحرر.. المتنور.. السديد.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      عزيزتي شهربان

      كل الشكر لكِ على براعة الالتفاف حول التّعبير ليأتي قاطعا وبسيطا، فلا تُحرجي كاتب النص بالمقارنة غير المنصفة مع هؤلاء العباقرة الأعلام، ممن أشرتِ إليهم ما داموا في منزلة عالية لا يطالها بصره، أو تملي على المتلقّي ما “يستخفُّ” به.

      أما علاقة التاريخ والجغرافيا وحسن الجوار والوفاء للخبز والملح، واللغة والأرض والمصير المشترك..؟ فقد تلاشت بين سائر العرب وتحوَّلت إلى تناحرٍ وفرقة، بفعل المصالح الضيقة والغباء المستحكم. ولم يقتصر تخلّفنا على تجدّد الغزوات فيما بيننا، وما سموه بجهاد “المعاشرة” في سفح مستودع أسرار النساء، وقتل بو بريص للدخول إلى الفردوس..! والحبل على الجرار في استنباط ترهات جديدة في الجهالة والغباء.

      بينما تعززت العلاقة بين الدول الأوروبية بعد الحرب الثانية فتحولت بعد الدماء الغزيرة، إلى نهضة شاملة في وقت قياسيٍّ قصير، وسخّروا لمصالحهم الوجه الحضاري لنهاية الحرب. ومع ذلك فالرهان علىى إسراء؟ “تُقَصْقِصْ وَرَقْ وِتْساوي عَرَبْ”، وتحوِّلُ المنفى بالورقة بالقلم إلى جنان.

      وما دمتُ من “المؤمنين” وحروبُنا تتواصل لنصرة الإسلام؟ فلن أستأذن أحدا للقول إننا منذ فجر الدِّين، ونحن نتمسك ونُذَكِّر بما حصل من مظالم، بما لا يتعدى ما يحدث اليوم في بعض الديار. ولا زلنا نتقاتل أفرادا وجماعات في الدّين وضمن المذهب الواحد.

      تناحرنا وتذابحنا فلم نتعب ونلقِ سلاحنا ونخرج من تحت العباءآت، ولا زلنا نشهد بالزور على ما اقترفناه، ونفسّر ونجتهد في التفسير عما قالوه ويقولوه وماذا كانوا يقصدون، ولا زلنا نصلي وندعو الله ليبيد اليهود ويشتت شمل الكفار.

      ونحن نملك من الثروات بما لا يُقدَّر بمال، وعدد المحرومين عندنا في ازدياد. وحينما كانوا يدعسون على سطح القمر ويعملون على انشطار الذرة؟ كنا نستسلم للنوم في أحضان النساء والثروات، ولا زلنا نتدارس كيف يصحُّ الوضوء وطريقة دخول المرحاض، وكيف نطهِّرُ الآنية من ولغ الكلاب، ثم نحجُّ لنغسل ذنوبنا ونرجم الشيطان..!! والشياطين لا تتكاثر إلاّ في بلاد المسلمين. نشف الريق في حلقي وقلت بعض ما في خاطري، وما يفرِّج قليلا من كربتي.. وانتهيت.

      الرد
  7. هيام ضمرة

    كعادتك سيدي في العدل والواقعية، وكعادة أسلوبك الأدبي في العرض السهل الممتنع، ومنسوج عباراتك الأنيقة الصديقة، التي تلامس العقل بكثير راحة وكثير قناعة. وقد أوليت مقالتي الاهتمام وأثارت في يراعك الحفر على منحوتات الكلام.

    ما بتنا نسمعه ونشاهده من فتاوي لا تليق بديننا السمح وقيم فضائله النبيلة، ليس إلا خطة مبرمجة على تشويه الدين، والتشكيك بمصداقية هؤلاء الذين سموا جزافا بعلماء الدين، وليس في الأمر تطرف فكري ديني أصابه الاعوجاج،

    فأصابع اللعبة إن هي إلا جزء من ساعد أطول مما نعتقد، امتد إلينا من الخارج مدعوما بالمال والمكر، ليُسكّر عجزاً في منافذ الحاجة عند الفقراء من بني جلدتنا، ليحققوا لعدو الدين بالتالي تشويها متعمدا، لصورة الدين وتشكيكا بمبادئه ومفاهيمه.

    الجريمة موجودة في كل مجتمع، مهما استخدمت سلطاته أقسى وسائلها في القصاص.. فالإنسان قد ينحرف تفكيره عن جادة الصواب وقد خلقه الله في أصله خطاءً، وقد يرتكب جريمته تحت ضغوط نفسية تفوق قدرته على الانضباط.والتحكم،

    إنما في العقوق والخروج عن القيم مدعاة للدراسة، والتمحيص والنظر بتركيز أعمق وأقوى لأنها جريمة لا تقبل التبرير أبداً، فلو كانت الفتاة من الصنف المحاصر داخل مجتمع مغلق..؟ لما كانت ضمن جمهور مختلط في حفل غنائي لمطرب معروف، لتخرج من بين الجمهور مع دهشة الحضور، فتعانق المطرب وتقبله دون أن تدرك ما يسببه ذلك لأهلها وأهل محيطها المحافظ من أثر وإحراج.. ولو كانت هذه الفتاة مضطهدة لما سافرت مع شقيقاتها ووالدتها للاستجمام في بلد خارج حدود بلادها، ولو كانت معنفة وتتعرض لعنف أسري متواصل وغير مبرر ..؟ لما ملكت المال الكافي الذي أهلها للسفر بالطيران عبر قارات ثلاثة والحصول على فيزا دخول لتنتهي بطلب الحصول على اللجوء السياسي تحت حجة تعرضها للعنف.

    كنت في مدينة أورلاندو الأمريكية ذات رحلة مضى عليها عشرات السنين، حين تعرضت إبنتاي الصغيرتان لفيروس خطير، علمنا فيما بعد انتشاره في تلك المدينة، وضحاياه من فئة الأطفال الصغار الهشة أجسادهم، وتطلّب الموقف عيادة طبيب أطفال، حصلنا على عنوانه من إدارة الفندق نفسه، ليتسجل على مرأى منا ومن المتواجدين في غرفة الانتظار ، تلك الأم الأمريكية التي عنفت طفلها وضربته ضربا موجعا لأنه بالغ في استخدام طاقة حركته وأعمال شيطنته، وما من أحد من الحضور الذين اكتظت بهم صالة الانتظار اتهم الأم بأنها أم معنفة، ولم توافها جهات رسمية تسحب منها طفلها تحت هذه الحجة، وكنت أتوقع أن تقوم قيامة المتواجدين عليها، لكن المشهد مرّ مر الكرام ولم يعره أحد أي اهتمام.

    0

    الرد
  8. إبراهيم يوسف

    الصديقة هيام ضمرة

    لا خلاف معك يا ست الكل على مبادىء وأسس التربية السليمة، وأما الأنظمة وأساليب الحكم التي تنصف وترضي البشر فلم تولد بعد، ما دامت الحياة نفسها قائمة على التناقض، بين الشياطين والملائكة وسائر المكونات على اليمين واليسار، كالحق والباطل والصواب والخطأ… والعدالة التي لم تتحقق على الأرض؟ سيباركها ويحققها لنا رب السماء.

    الرد
  9. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    قبل أن نبحث عن معنى ال”إيمان”
    ونحدد:
    من نحن؟
    ومن هم؟
    وما هو ال”كفر”؟
    وبما ال”إيمان”؟
    لا يمكننا الخوض
    بين العمل والإيمان
    ففيهما تاهت العقول
    وقلقت النفوس
    وتعبت في حملها الأبدان
    ******
    أقول (وهذا القول سيصبح مأثوراً):
    ما ضير العمل بدون ال “إيمان”؟
    *****
    صديقي الغالي
    أستاذ ابراهيم يوسف
    يا من تصمم أزياء الكلمات الأنيقات
    وتختار لهن حركات الكتفين وما تحتهما وما فوقهما
    وترسم لهن تسريحات الشعر
    ولون الشفتين
    وسعة تقطيب الحاجبين،
    ناهيك عن أنواع العطر
    وتكحيلة العينين
    …….
    الله يطوّل بعمرك
    فهل تريد أن ينقطع بعدك موردي من معتّقات النبيذ؟
    أم أنك تريد أن أسبقك إلى هناك، إلى ما لا يُتَسَابَق إليه؟
    لا يا صديقي
    وحبيب قلبي
    أنا مش مستعجل لأيّ هجوع
    لا للأخير ولا لما قبل الأخير
    لا إلي ولا إلك
    الله يطوّل بعمرك… طْفيلنا هالسيرة.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      حبيب قلبي د. أحمد

      “لا تشغل البال بماضي الزمان
      ولا بآتي العيش قبل الأوان
      واغنم من الحاضر لذاته
      فليس في طبع الليالي الأمان”

      الحق معك…. وببصملك بالعشرة
      فلمذا نبحث..؟
      عن جحيم دانتي.. وأبي العلاء!؟

      وعلام ندخل المتاهة لقتل المينوتور؟
      ثم نحتاج إلى أريادني لنهتدي..!؟
      وبكرة خيطان أطول من صبرك معي

      وهناك أرائك الراحة.. وقبس
      نور في ليل هذا العالم
      فلِمَ لا نستقرب.. وندخل
      أقبية كسارة أو كفريا أبعد شوي!؟

      وأما الإيمان حبيب قلبي د. أحمد..؟
      فلا يعني الثواب والعقاب
      ويوم الحساب…؟ إنما العمل نفسه

      الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.