النقد التاريخي عند فولتير

بواسطة | 7 يناير 2018 | مقالات | 0 تعليقات

صديقي الدكتور شوقي يوسف

عندما يفلسُ المرءُ، يعود إلى دفاتره القديمة. أو يتفرّغ مثلي لكتابة الرسائل، فقد كان لنا نحن المفلسون، روادٌ أوائلُ في العلوم، نشطوا في القرن الثامن الميلادي، وأضافوا الى ما نقلتْه الترجمةُ علوماً بمرتبة الكنوز، تعِبوا في استنباطِها وأبدعوا فيها. مجدٌ غابرُ نذكرُه كلما آلمنا قصورُنا الحاليُ وأذهلنا إسهامُنا البائسُ في حضارة الكوكب. كانت الفتوحاتُ عاملَ التقاء للثقافات، مثلما هي وسائل التواصل الآن، تلاقحتْ وتصارعتِ فيها الثقافات، ثم استقرتْ، والعلمُ من توابع استقرارِها، فتُرجم من الكتب الإغريقية والفارسية والسريانية وكذلك من القُبطية والكلدانية الشيء الكثير، وبلغَ النقلُ والترجمةُ عصرَهما الذهبيَ في عهد المأمون. الخليفةُ الذي كان كان يتقبّلُ الجزية كتبا، ويدفعُ وزنَ ما يُترجَمُ ذهبا. هذي دفاترُنا القديمة، نرويها لنقول: كان لنا ماضٍ. الماضي الزاهرُ لا يبرر القصورَ، ولا الحاضرُ يغفرُه و يثريه. بعضُ المستشرقين كتبوا عنّا بعداوة ظاهرة فيها بقايا من نزاعات القرون السالفة، فنما حسُّ التفوق الغربي، وطغى لديهم شعورُ الإزدراء لحضارات الشرق وأديانه. الى أن وَفَدَ التنوير وشَقَّتِ العلومُ طريقها في قلب الجامعات الأوروبية، فأصبح الناسُ، تحت ضغط الفضائل الهيلينية، أسواءً ومن أديم واحدٍ في مواهبهم، ورأى فولتير أن ما كتبه المستشرقون مسيءٌ للحضارات مبالغٌ فيه، فالعربُ والمسلمون مؤسسون أوائلُ للحضارة الغربية، “الجبرُ من اختراعهم، قال، والأريتماتيك جلبَه لنا عربيان اشتغلا على الألواح الألفونسية Tables Alphonsines”.

عندما كتبتُ عن سبينوزا أيها الصديق، تجاوزتُ تفاصيلَ النقد التاريخي الى مناهج بحثه. مع فولتير، أيقونة التنوير، سأتجاوزُ مناهجَ البحث الى ثراء نقدِه الباذخ. أعترفُ أن ما لديَّ من المراجع بائسٌ وشحيحُ، ولا يجتمع في الكتابة العالية عن العظماء شُحٌ وثراء، فالناقد الفرنسي، عقل فاعل وأساسيٌ في ما انصرفتُ للكتابة عنه على موقع السنابل، وقد وجدتُ في كتب محمد المزوغي من المراجع ما افتقرت إليه وأغناني. لا شك أن عماراتِ الدين بما حملتْ من ضَعف الروايات، عماراتٌ هزيلة. وعمارةُ النقد التاريخي قد ارتفع شأنُها مع سبينوزا الى مستويات جديرة بالتقدير، استخدم فولتير هذه الملكة في نقد الكتب الدينية بما حفل به متنُ الكتب من سخافة القصص وتناقضِ الروايات، وبدائية المعارف العلمية. “إن الله ليس سخيفا جاهلا، ورجالُ الدين يستعملون طوفانا من الكلام لتسويق السخافات، ويتبادلون تُهمَ الكفر من جيل الى جيل، يتعطشون للثروة والجاه، وقد امتلأت الأرضُ من حولهم جوعا وبؤسا” وكثافةُ البؤس، تُجيزُ للإنسان العاقل، أن يشككَ في وجود كائنٍ متعالٍ غريبِ الأطوار. كما تجيزُ لشخص رقيق المشاعر، أن يتخيل الإلهَ الذي يصنعُ التعاسةَ للناس، الهاً مشكوكا في وجوده. “لم ينفِ فولتير وجودَ الإله، وعلى قول المزوغي، لم ينفِه بحزمٍ، كما لم يعلنْ إلحاده كبارون دولباخ D’Holbach. كان مقتنعا بوجود قوة روحية تحكمُ العالم وتسيِّرُه، وفي الوقت ذاته كان حاقدا على الكنيسة داعيا للتسامح، تناول الكتبَ الدينية الثلاث واعتبرَها نابعة من مصدر واحد. وما قرأه فيها لا يسوِّغُ الإعتقادَ بسلامتها “فإذا كان الله هو من أوحى بها، فلنا أن نعجبَ لإلهٍ  يُبدي أفكاراً خاطئة في علم الفلك والجغرافيا وتاريخ الخلق والأنساب، كقوله بالنهر العظيم في جنات عدن، وما تفرَّع منه من أنهار دجلةَ والفراتَ و النيلِ العظيم”. إلهٌ يفرضُ تعاليم أخلاقية من كتب حمورابي لا يقبلها عاقلٌ جامعٌ لأمره ولا يرضاها مثلُك ذو حجرٍ كقانون: “العين بالعين والسن بالسن”.

هذي كتاباتٌ يعوزُها العقلُ، ليست ملهمةً ولا هي صناعة وحي. كتاباتٌ تصدمُ العاقل ذا النُهى وتُذلُّه، وهي مختلفة في سخافتها عما أباحته الشريعة الإسلامية من تعدد الزوجات، وكانت تلك الإباحة نقطةَ ضعف في البناء الإسلامي، أشبعَها المستشرقون تناولا وتشهيرا للدلالة على الطبيعة الحسية للإسلام. لكن فولتير بسعة أفقه وضع الإباحة في إطارها التاريخي، بالرغم من حسية الديانات عموما فقال: “إن ديانات الشرق سلّمتْ بتعدد الزوجات فكان لداوود ثمانيَ عشرةَ امرأة، ولسليمان مئاتٌ ستُ، إضافة لثلاثماية من الجواري فإذا حددتْ ديانة محمد العددَ بأربع زوجات فذاك تعففٌ ونقلة نوعية في مسار الشيء. “أيْ أنه وضع مشروعية التعدد في إطاره التاريخي والإجتماعي. والتعددُ في منشأه ومبتداه موافقٌ للطبيعة “معمولٌ به على ما يقولُ عند كل الحيوانات التي يوجد فيها كثير من الإناث مقابل ذكر واحد”. طريقة في النقد أو “التعاطف” بمنطق المستشرقين أثارت عاصفة من الردود المسيحية فقال أحدُهم: “إن لفولتير تعلقا سريا بدين الأتراك وذلك على حساب المسيحيين. لقد تجاوز الكاتبُ حدودَ اللياقة، وليس مستبعدا أن تكون نهايتُه ختاناً في ربوع القسطنطينية”.

يقولُ الكاتبُ، أيقونةُ التنوير: رغم وجود التناقضات العديدة في القرآن، فإنه في بعض مقاطعه أخلاقيٌ متسامٍ. رسّم كثيرا من الأعراف السائدة وتبادل مع الأديان الأخرى طقوسا ومعتقداتٍ، كما تتبادل الأديان أفكارها وطقوسها. لكن بعض المحظورات كشرب الخمر كانت شاقة على مريديه في الأماكن الباردة، كما كان الصوم شاقا في الأماكن الحارة، أما لعبُ القمار فكان أشبه بقانون دير مما هو قانون دولة. لقد كوَّن النبي أمة جاهزة للقتال صالحة للصلاة والإنجاب. ثم استطرد وقال: “رجلٌ قوي ومرعبٌ محمدُ هذا، أرسى تعاليمه بفعل شجاعته وسلاحه، إلا أن ديانته أصبحت لينة ومتسامحة.  بينما المعلم المسيحي أمرنا بالعفو عن الإساءة ثم أصبحت ديانته بربرية متعصبة”. (كان تقديره في غير موقعه، فلو وصلت اليه داعش، لما بقي هانئا في رقاده السرمدي).

لبس فولتير عمامة المعتزلة، فانهالت عليه اللعنات من كل حدبٍ وصوب. سُجن ونُفي، وتجرّأ مع ذلك، على ما لم يتجرأ عليه أحد، إذ أكمل نقده للدين ساخرا من كذب المستشرقين الذين أدانوا الحضارات القديمة ليُرسّخوا في أذهان مواطنيهم تفوقَ الغرب، فانبرى لهم بروحية الناقد البارع والساخر كاشفا إيجابياتٍ كثيرةً في القرآن، كانوا قد عملوا طويلا على طمسها وتغييبها، فالقرآن، من الكتب الدينية الأنيقة، لا بل من أكثرها أناقة، وما كتبه المستشرقون عنه أكاذيبَ لم تكن أبدا فيه. إنه كتابٌ شرقي على ما في الشرق من مواعظَ مبهمةٍ، وما فيه أيضا من سحرٍ ووحيٍ مضحك، فلم يكن محمد إلا مسيحيا متزمتا (جونسينيست Janséniste) مؤمنا بالقضاء والقدر ثم يقول: “مهرج بارع هذا المحمد بن عبدالله، سافرَ من كوكب الى كوكب في ليلة واحدة، رأى ما رأى ثم غامر وشق القمر”. نشر قوانين مثيرة للإعجاب بوسائل لم تكن كذلك. يُعْذرُ في المَكْر ولايعذر في القتل، آمن العرب قبله بمئة وعشرين نبيا، فلا ضرر أن يزدادوا واحدا. الناس بحاجة لمن يمكرُ ويقولُ لهم “آمنوا بأني تكلمتُ مع جبريل أو ادفعوا الجزية” ثم يَخلصُ بقوله: كم هو فاضلٌ كنفوشيوس أول “الأنبياء” الذين سنُّوا القوانين بغير وحي. لم يستعمل “الكذبَ ولا السيفَ”، فقيرٌ معدمٌ نشر الأخلاق، علَّمَها ومارسَها وجعل أتباعَه أفضلَ الشعوب وأحكمَها.

صديقي العزيز 

لم تزل ذاكرتي ناشطة بعض الشيئ، فُرِضَ علينا في المرحلة الثانوية قراءاتٌ مزيفة وأخبارٌ ملفقةٌ، هل تعرَّفتَ على الغزالي أو فولتير كما تعرفهما الآن؟ كم هو سهلٌ على واضعي البرامج التعليمية إخفاءَ الحقائق أو قلبَها وتزييفَها. أنا ممتن للكتب التي وضعها المزوغي بين يدينا. قال المؤلف التونسي: إنه شخصياً على دين دولباخ، وقال فولتير: إنه يعبدُ الله ويحاولُ أن يكون عادلا، وأن يتعلم، فايُ دين أعقلُ من دينيهما. لقد كان فولتير “عقلا نقديا حازما يتحلى بقدر كبير من الفطنة”. أعطى للأديان حقها التاريخي، وكانت ملكةُ النقد متعقلةً دوماً لديه، لم يعطلْها أمام المقدس كما عطّلها لدينا معلمون أوائلُ في صفوف الفلسفة.

أما العهدُ القديم، وما أدراك ما العهدُ القديم، كتابٌ صبيانيٌ بتعبير فولتير، تكلم عن الطريقة التي يجب أن يتغوط بها اليهودُ، بينما بقي مآلُ النفس عندهم مجهولا. “فهل اهتم نبيٌ ملهمٌ من الله بمؤخراتنا على حساب أرواحنا”. علماً أن زرادشت شرّعَ قبله بقرون أنْ “بِرّوا بوالديكم وأحبّوهم إن كنتم ترغبون بالحياة الأبدية” أما التوراة فقالت في وصاياها “أكرمْ أباك وأمك لكي تطولَ أيامُك على الأرض”. ألا يصابُ الإنسان العاقل بالصدمة من تخلف النص “الإلهي” عن رديفه الوضعي. ألا يصاب بالبَلَهِ لدى قراءته أن “الله يتنزه في جنة عدن كل يوم في منتصف النهار” وأنه “خلق النورَ قبل الشمس”. وأنه “حكم على آدم وذريته بالإعدام، من أجل تفاحة، أن طوفانا غمر الأرض، وأن كل الحيوانات استقلت سفينة واحدة. كم مضى على نوح منتظرا الكسلان من غابات أمريكا؟. ثم يتساءل: أيهما أكثر إيغالا في الأسْطرة الكتبُ الدينية أم كتاب الميتامورفوز Métamorphose لصاحبه أوفيد؟ كيف يمكنُ لعاقل أن يعتقدَ أن الشمس أخَّرتْ زوالَها حتى يفرغَ اليهودُ من قتل العموريين؟. كيف عثر اليهودُ في قرية صغيرة كمِدين على ستماية وخمسة وسبعين ألف خروف؟، وعلى واحد وستين ألف حمار. كيف جمع شمشون ثلاثماية من الثعالب؟، كيف وجد شاؤول عند شعبه سيفين فقط، وترك خليفتُه داوود عشرين مليار دولار نقدا؟. كيف أكل حزقايل كتابا من البُردى وغطّى خبزَه ببراز إنساني وكيف افترس أليسع، وقد كان مختبئا في قاسيون خوفا من ملك بعلبك، أربعين صبيا لأنهم عيّروه بالصلع.

أيها الصديق العزيز 

جاء في كتاب (بُغية الوُعاة في طبقات اللغويين والنُحاة) لجلال الدين السيوطي، أن أبا حيان التوحيدي لما رأى إعراض الناس عن كتبه، جمعها وأحرقها. وقد أشار لهذه الحادثة ياقوتُ الحموي ولم يسْلم منها إلا ما نُقِلَ  قبل الكارثة. استترَ وماتَ في شيراز قبل فولتير بسبعماية وخمسين عاما ولم يُعرف “البانثيون” الذي دُفِن فيه. كان أبو حيان سبَّاقا في اكتشاف النقد التاريخي لكن استتاره أو تغييبه ما زال قائما، فهل تحملك اليه رحلة أثيرية أخرى. قال في الإمتاع والمؤانسة: “من هذا الذي يقرُ منكم أن عصا موسى انقلبتْ حية، وأن البحر انفلق، وأن يدا خرجت بيضاء من غير سوء، وأن بشرا خُلق من تراب، وأن آخر ولدته أنثى من غير ذكر، وأن نارا مؤجّجة تحولتْ بردا وسلاما، وأن رجلا مات مئة عام ثم بُعث ونَظرَ إلى طعامه وشرابه على حالهما لم يتغيرا، وأن طينا دُبِّرَ فنُفخَ فيه فطار، وأن قمرا انشق. “فهل وصلت نسخة من مخطوط المؤانسة الى فرنسا؟ العرب شكاكون دائما يا صديقي ولو في غير مواقع الشك.

يقول فولتير “أعرفُ أنني لا شيءَ، وأعرف أنني من قاع هذا العدم، لا يمكنني أن أسائلَ الوجودَ الأسمى، لكن مسموح لي مثلما كان مسموحا لأيوب أن أرفع آهاتي المحترمة من باطن بؤسي لأقول كيف لإله أن يموت؟ “ثم يقول: أنا أتبنى التعاليم الأخلاقية ليسوع، لكن أيُّ مشرِّع علَّم أخلاقا سيئة؟. قال يسوع “لا يوضع خمرٌ في إناء قديم!” والخمر القديم افضلُ من الجديد، أهكذا يتكلم الإله؟ لا، لم تكن أقوال يسوع أقوالا حكيمة، فالحكيم لا يطلب التينَ، من شجرة، في غير أوانه، ثم يلعنُها لأنها لم تثمر. لا يمكن للحكيم أن يحوِّل الماء الى خمر ليُسْكر اناسا سُكارى، وكم كنتُ حزينا متألما عندما قرأتُ قوله: “لا تظنوا أني جئتُ لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما، بل سيفا، جئت لأفرق الإنسانَ ضد أبيه، والإبنةَ ضد أمها، والكنة ضد حماتها” أعترف أن هذه الكلمات تركتني متألما مرعوبا. وكيف قال لأمه أخيرا: ما لي ولك يا امرأة!

إن العامة أيها الصديق، كما كنتَ تزعمُ ونحن نُخففُ من غُلَوائك، تغترُّ بالأضاليل، تلهثُ دوما وراء القصص الخارقة، وتقتنعُ بيُسر أن الإله “أعلى قليلا من الإمبراطور الروماني” أو على قدر واحد معه، فقد سبقت الى نفوسهم اعتقادات فاسدة وترسّخت فيها، يكفي ثلاثةُ رؤوس حاميةٍ أو أربعةٌ مثلُ بولس ليجذبوا الغوغاء لديانةٍ مختلفة عن ديانة المسيح. إبنُ نجار لم يكتب شيئا قط، عاش ومات يهوديا مختونا، امتنع عن لحم الخنزير، وأكل لحم الأرانب. فهل أحيا الموتى ومات مصلوبا؟

صديقي العزيز: إن الضميرَ هو الإلهُ الوحيد صاحبُ السلطة، لا حقَّ أحقُ منه بالتقديم، ولا منقبة إلا وهو ذروتُها وكلنا يملكُ حقَّ  الإستماع اليه وواجبَ الخضوع له، فكيف تستمر الأديان وفيها كل هذا الهُراء؟ كيف استقرت وتوسعت؟ أجاب الفيلسوف ُالساخرُ: إن رجلا صاحب خيال جامح يسحب وراءه أشخاصا ذوي خيال ضعيف. والقطيعُ يتضخمُ ويتسعُ. ثم يبدأ التعصبُ والمغالاة، والمكرُ يتمم العملية. التاريخ الصحيح ليسوع لم يكن إلا تاريخَ رجلٍ صالح استأنف رذائلَ الفريسيين الذين قتلوه، ثم جعلوه نبيا، ثم بعد ثلاثماية عام جعلوه إلهاً.

مات فولتير أو فرنسوا ماري أروويه عام 1778م كما قلتَ لي قبل الثورة بعشرة أعوام أو أكثر، وكان من رافديها الكبار. حرر الإنسان الفرنسي والأوروبي من سلطان الخرافة والطغيان، لذا يُسْتنْهَضُ اليومَ (Lève-toi Voltaire) كلما حلَّ بالعلمانية خطبٌ أو عِثارُ. حتى عام 1814م طُبع من أعماله الكاملة أربع طبعات فقط، وبين أعوام 1817م و 1824م ظهرت أربعَ عشرةَ طبعة جديدة. وكان دالومبير D’Alembert قد نصحه أن يخفف من نقده الديني قائلا له: “إن الحالة تفرضُ التراجع الى الخلف للقفز أحسن الى الأمام”. لم يتراجع، ظلَّ يقفز بجدارة أولمبية حتى الثالثة والثمانين من عمره عندما شعرَ بوطأة الموت، وفي لحظات احتضاره الأخيرة طلب منه القسُ أن يعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ بالترجمة الإسلامية للبيعة ـ فرد فولتير “لا وقت لدي لأكسب المزيد من العداوات، كُرمى لله دعني أرقد بسلام”.

صدر قرارُ منع الدفن في الأملاك المسيحية عام 1791م، ونقلت رفاته الى البانثيون كأحد عظماء فرنسا، ويقال أخْرِجَ منه ثم أعيدَ دفنُه فيه مرة ثانية، وكتب أحد المسيحيين خطابا في السنة التي توفي فيها الكاتبُ، يقول: أخيرا رحل عن العالم أكبرُ الأوغاد.

مهندس وكاتب لبناني

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.