الشجرة المثمرة

بواسطة | 24 ديسمبر 2020 | مقالات | 13 تعليقات

الشجرة المثمرة
إبراهيم يوسف – لبنان

صوغه بني مالك — ‏‎صفق بحرارة لمن علمك القسوة ، ثم إصفعه بقوة لكي...

الأستاذة الصديقة شهربان معدي
والدكتور الكريم رامي سمهوري
تعقيباً على”كلّ هذا الحب”  
ما سبق.. وما تلا
على صفحات “السنابل”

“صَفِّقْ بِشِدَّة لِمَنْ عَلَّمك
قَسْوَةَ الرّأي؛ ثم “اصْفَعْهُ
بالتجرّد.. وقوَّةِ الرَّدْ
ليِعْرِفَ… أنَّكَ تَعَلّمْتْ؟”

لكن؛ لو نهدأ قليلا ونسترخي
ونخلع عنّا إلى حين
رداء “الثأر” والرصانة
والجدِيّة الصارمة.. التي
تتعبنا وتتعب من هم حولنا
من القُرّاء.. والكُتّاب 

ولتتفضلوا في البداية
بالبقاء معي
نستمع إلى أغنية اخترتُها لي ولكم
أرجو أن تساعدنا على تَحَمُّل 
مناكفات وخشونة التعاطي فيما بيننا 

ففي الغناء والألحان؟
بعض سعادة الحب
والعتاب 
وراحة الأرواح المُسْتًنْفَرة

لعلها تخفف عنا قَدْراً
من أعباء
الدّنيا وسلالة الوباء الوافدة
وخواء العواطف في القلوب
وخرابا.. يلوح في الأفق 
ربما يعقبه 
رحيل أو زوال.. بلا إياب؟ 

 وقِّف يا أسمر

من كلمات وألحان 
الأخوين رحباني

https://www.youtube.com/watch?v=vI-bUFnoJAA

قال لمّا بتلمحك بين الشباب

بتحس برعشة لذيذة وإضطراب
بتعرفك لو كنت ماشي بالضباب 
وبتلمحك لو كنت خاطر بالظلام

يا شريد القلب عم تسأل كتير
ولا بد ما تتعب ويضنيك المسير
وتلمح جناين حبِّها الزاهي النّضير 
وتزورها وبربعها تلقي سلام

يا هلا بشهربان؛ ومرحباً بالوافد الكريم الدكتور سمهوري صديق “رشيد طه” من جزر القمر وصاحب قصيدة: واحة من قلب الصحراء العربية “الشهيرة” التي تقمّصتني؛ أو هو “راجح” في مسرح الأخوين رحباني!؟.

ولو عدتُ إلى أطراف الماضي؟ لوقعتُ على نص اعتنيتُ به ونشرتُه في بعض المواقع، وعنوانُه: “حاملُ الهوى تَعِبُ”؟ توجهتُ من خلاله بالردّ على تعقيب للصديقة، والكاتبة أشواق مليباري من المملكة العربية السعودية.

والصديقة أشواق كاتبة متنوِّرة، أحملُ لها فيضاً من المودّة في عمق وجداني. قلتُ لها في النص كلاماً لا يخلو من الحدّة فتحمّلتْ ولم تزعلْ ولا اتّخذتْ موقفاً سلبيّاً مني. لأن الأخطاء والالتباس والهفوات ليست إلا جزءاً لا يتجزأ من أحوالنا الشخصية وإنسانيتنا أيضا. وهكذا تحولتْ السيدة أشواق إلى صديقة  شديدة “الغلاوة” عندي.

ولئن لم يكن من حقّ كاتب أو إنسان، أن يملي رغباتِه أو إرادتَه على الآخرين؟ ما دام هدفنا في النهاية (المنفعة) العامة من خلال ما نكتب، أو نتحاور به لإثراء النصوص، فلا يجوز أن نفرض قيمة تربويّة محدّدة، كيف يصحُّ أو لا ينبغي أن نتعامل به مع هؤلاء، ممن أطلقنا عليهم أصحاب الاحتياجات الخاصة، ممن نحترمهم ونحبُّهم حقا.

ومن غير المُجدي في اعتقادي، أن نفرض قِيَمَنا أو (نُرَبِّي) المعترضين على وجود “المُعاقين” بجانبهم، ليلتزموا نمطا في التربية يتّسم بتقبُّلهم، وعدم التّعنت في التعامل مع من لا حول لهم ولا قوة، كهؤلاء المساكين المقصِّرين. 

وهكذا فالصديقة الكريمة شهربان معدي، إنما كانت تدافع عن فضيلة راسخة تؤمن بها، وليس من الإنصاف أن نلومها على مشاعرها. بينما د. سمهوري في “حملته” وإن بالغ فيها؟ لكنه لم يكن ليستهدف الكاتبة بشخصيتها.

ولا النيل من قيمة ما كتبته بقدر ما كان يعترض على الأسلوب. وهكذا تبقى أعلى مراتب الديموقراطية والحرية ما أتى على لسان ڤولتير الكاتب الفرنسي “الملحد” وهو يقول: أنا ضدّك في كل ما تدَّعي أو تقول..! ولكنني معك حتى الموت أن تقول كل ما تريد. وهو في اعتقادي لسان حال الصديقة شهربان وكذلك المنطق الذي يؤمن به د.سمهوري صاحب التعقيب. صدِّقيني؛ بأن التعقيب تحوّل إلى قيمة مضافة.. وزيادة في رصيدك أمام الجميع.

وإن لم تصدِّقي؟ فتعالي معي إلى فيتاغورث على أطراف الزمن القديم، ما قبل السيد المسيح بأكثر من خمسمائة عام. فيتاغورث واحد من عباقرة التاريخ. مؤسس الأخويّة وصاحب نظرية المثلث ذي الزاوية القائمة؛ حينما تمنّى على لسان راهب، لَعِبَ دورا محوريا في رواية عزازيل؟ لو كان في حيواته السابقة شجرة غير مثمرة لكي لا تُرمى بالحجارة، بل تمنح ظلها للمُتعَبين بلا مقابل. أنتِ يا شهربان هذه الشجرة المثمرة في الجليل، ترشف ندى الصباح بجانب الشمس والريح.. تؤمها للراحة صنوف الفراش والعصافير، التي رُمِيَتْ بحجر طمعا بالحلاوة. 

أن نؤمن ونعمل؟ إنِّه المَثلُ الأعلى. أن نؤمن ولا نعمل؟ هزيمةٌ وعجزٌ وتقصير. أن نعمل ولا نؤمن؟ هوالعمى يصيبُ القلوبَ قبلَ العيون. أن لا نؤمن ولا نعمل؟ ذلك هو الضياعُ بعينِه. هذا بعض ما كتبته في ردي على أشواق. 

وتبقى أبعد القرارات عن الموضوعية والصواب وسلامة التعاطي؟ تلك القرارات التي نتخذها ونحن في حال من  الغضب.. والانفعال الشديد. ثقي أن صخب التعليق هذه المرة؟ أفادك أكثر مما نال منك أو ضرّك. وتمنيتُه لو كان من نصيبي أو كُتِبَ لأجلي؟ فأجتهد في قولِ ما يريحني من العبء في قلبي، ويفتح أمامي بابا مشرّعا للرد.  

كاتب لبناني

13 التعليقات

  1. د.رامي سمهوري

    بصراحة انبهرت من هذا التعليق الذي يفيض بالحكمة والذكاء والبصيرة والبعد الانساني الجميل والمغزى والحافل بالعبر…

    الرد
  2. شهربان معدّي

    “ولتتفضلوا في البداية بالبقاء معي
    نستمع إلى أغنية اخترتُها لي ولكم
    أرجو أن تساعدنا على تَحَمُّل
    مناكفات.. وخشونة التعاطي فيما بيننا”

    عندما تكون الكاتبة امرأة، أُمٌّ وعاملة جنبا إلى جنب
    ليس لديها ما يكفي من الوقت لتقوم بأعبائها
    فما بالكم تلجأ للمهاترة أو المُناكفات؟!
    وهي في الحقيقة – بلا قسم -؟ لا تحمل في قلبها
    شيئا من النوايا المبيتة أو الضغينة على أحد
    فأنّى لها أن تتعاطى بخشونة مع خصمها أو مناوئها
    لم تمارس يوما سوءاً في حياتها
    ولا استخدمت الأقلام للكتابة على ورق أصفر

    حينما تشعر بالخطأ؟ تبادر بشجاعة للاعتذار فورا
    لا تعتبر العالم سيئًا، ولاتراه من خلال منظار أسود

    حبر قلمي من قلبي لا أساوم في توظيفه، ولو نزف
    ربما يفوتني كيف أتعامل مع همزتي القطع والوصل
    والأسماء الممنوعة من الصرف، وجواب الشرط؟؟
    كما يفوتني وقتي فلا أتناول حصتي من الغذاء
    أو أنسى موعدي طبيب العيون..
    لكنني لا أنسى أن أطعم القطط السائبة في الحارة
    قد أنسى في الصباحات أن لا أضيف للقهوة السكر
    وأحيانًا؟ أنسى الكلام وأرتدي ثوب الصمت لساعات
    يسرقني “باشو” بهايكوهاته اللازوردية
    ويدهمني الندم حينما أنتبه أنني استخدمت
    الكناسة الكهربائية… وأطفال الجيران نيام
    أنسى نهاراتي وليلي وريح الزمن
    تؤرقني… وتنفخ صفيرا في أذني
    وتوقظ مواجع قديمة
    تراكمت في قلبي..
    وحينما ألجأ للكتابة في الوقت المقتطع
    للتنفيس عن حالي
    أنسى حاضري وأمسي.. ونفسي..
    وأتعامل بجدية عالية وكثير من الهدوء
    حتى يكتمل نصّي..

    أشياء كثيرة أنساها أستاذي
    ولكنني لم أنس للحظة واحدة أنني إنسانة
    مرهقة بقلة التقدير
    يؤلمها وجع الآخرين ووجعها على نفسها..

    دمت لنا ولعائلتك الكريمة الغالية
    أنت صديقي وأستاذي
    لك كلّ الجمال والحب وأعلى مراتب الأمانة
    فضلك كبير على قلبي، وخاطري لا ينساك
    ودام سيدنا فيثاغورث الموقر عبر الزمن
    مدرسة روحية، أخلاقية، فلسفية..
    ننهل “الحكمة” من مائها العذب الزلال.

    لكم أتمنى من د. سمهوري صاحب التعليق
    أن يشاهد هذه الدراما التُركية
    و يتحفنا بتحليلاته الموضوعية؛ الراقية
    لعلّها تسعف القلوب القاسية التي لا تلين

    https://youtu.be/6hL4z9QF-HQ

    الرد
  3. إبراهيم يوسف

    الدكتور سمهوري

    بالصدق؛ والصراحة إياها..؟ أشكرك وأشكر
    الأستاذة والصديقة الكريمة شهربان معدي

    حفزتماني بالتعقيب على التفاوت في الرأي
    ومقاربة الموضوع، كل من وجهة نظره
    راجيا أن يكون قد انتهى ما حدث
    فلا يترك أثرا سلبيا ولا يفسد في الود قضية

    خالص مودتي وأمنياتي
    بميلاد مجيد.. وقيامة بعام مقبل أقل إيلاما للجميع

    الرد
  4. أشواق

    مساء الخير للجميع
    أسجل إعجابي بهذا الرد الجميل، والتعقيب المنصف، والأفكار النيرة مصاغة بأسلوب الأستاذ إبراهيم الذي كما عودنا يلامس القلب والروح، ويظهر من خلاله نبل أخلاقه، وحسن تصرفه، ومحبته للآخرين.
    هو الذي علمنا كيف نختلف، ونتفرد، ونكون نحن فلا نتبع القطيع، كيف نحافظ على المودة، رغم اختلافنا.
    وليس أجمل من أن أطلعكم على مسيرة مميزة كانت لأستاذنا، وسيرة عطرة، شهد عليها الجميع
    شرف لي أن يكون لذكرى مكان بين سطوركم.
    أجدد التحية للجميع.

    https://youtu.be/E2ItkgE8g6M

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      الصديقة العزيزة أشواق

      تسجلين إعجابك بالرد؟
      وأسجل إعجابي بوفائك يا أشواق
      أنت الكاتبة اللماحة الموهوبة
      والأم الرائعة التي تعبت
      أمام أسرتها وأحسنت تربية أطفالها
      وأدت رسالتها كأحسن ما تفعله الأمهات
      أنت الصديقة الصدوقة يم براهيم

      شكرا لك من أعمق نقطة في القلب
      على الإشارة المقدرة إلى اليوتيوب
      المرفق بالتعليق الذي أتعبك إعداده
      وأبقى مدينا لك بكل ما فعلته من أجلي

      الرد
  5. ليلى

    كاتب وأديب ساطع نجمك
    مفعم بالحيوية محب للحياة
    عاشق للفكر وللشعر وللمرأة
    له العديد من الكتابات والنصوص الملهمة
    لا أظن أن لك شبيه..؟
    فأنت نسخة أصلية
    وضد التقليد .

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      السيدة الكريمة ليلى

      لئن كنتُ كاتبا بسيطا أو “أديبا ساطعا”؟
      أوعاشقا “ملهَما” للفكر والفن والثقافة؟
      أو محبا للشعر والنثر.. والمغنى؟
      وللمرأة الفاتنة التي تتمتع بمشاعرك يا سيدتي؟
      فلا يسعني إلا أن أتوجه إليك بالاحترام
      وعفويتك الخالصة، ومحبتك الأكيدة.. الصادقة
      ولو تراءى لي في البداية
      أن تعقيبك فيه افتراءٌ وتشهير مبطن بالإيحاء

      لكن أرجو يا سيدتي أن لا تَحْمِليني على الانتفاخ
      لكي لا أبدو أكبر من حجمي لأنني أعرف جيدا حدودي
      وما في الانتفاخ من الأخطار على صحتي

      وتبقى أسوأ الاعتبارات..؟ سوء الظن بالآخرين
      وقد جئت لأكتب تعقيبا مستفيضا “مختلفا”
      لكنني لجمت نفسي وحسمت أمري بلا تردد أو ندم

      الرد
  6. هاله

    إنت مش كاتب يمتلك حرفاً مخصصاً للإبداع فقط !
    إنت ؟
    عازف على أوتار تترنم وترتل لها قلوب البشرية المؤمنة ، في أعياد الميلاد المجيدة .

    كل عام وأنتم بخير

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      هالة؛ اسم جميل لسيدة يتراءى لي أنها أجمل، وهي تتوسل (المِشّ) في عامية بسيطة، ليأتي التعبير واضحا بعيدا من التكلف والتعقيد، قريبا من جمال زينة شجرة الميلاد، ومزود الطفل المولود… يسوع المسيح.

      لمناسبة الميلاد المجيد، تلقت مدينة بيت لحم من الڤاتيكان قطعة خشب أثرية، لا يتجاوز طولها الإصبع؛ قيل إنها من مزود السيد المسيح. وكان حريٌّ بالڤاتيكان أن يقول (لليهود): توقفوا عن قتل ألفلسطينين أصحاب البلاد الحقيقيين.

      الرد
  7. إيناس ثابت

    معلمي إبراهيم

    بهذه الدقة والذكاء وسرعة البديهة؟ أحسنت الفصل في الحكم.. بنفس الدهشة التي تتحفنا بها وتمنحنا المتعة. أما شهربان فصديقة غالية، وشجرة طيبة تستحق الإنصاف.

    أنت مختلف جدا، ومايكتبه لنا قلبك يعلق ويستقر في قرار ة النفس. مكانتك في عيوننا فلتبق دوما بخير.. وكل عام وأنت في حب وسلام.

    الرد
  8. إبراهيم يوسف

    إيناس الصديقة العزيزة

    هي قلوب المحبين يا إيناس؟ ترى وتقرأ وتلون ما يطيب لها، مما ينضح من شذاها وعطر زهورها. شكرا لك على حضورك العابق، والأمل بعام مقبل مختلف عن أعوام القحط الماضية.

    الرد
  9. د.رامي سمهوري

    المبدع ابراهيم يوسف يصلح كروائي مدهش لو سخر قلمه لكتابة الروايات ويملك قدرة فذة على ربط الخاص بالعام والدخول في متاهات سردية معرفية حساسة قل نظيرها!

    الرد
  10. إبراهيم يوسف

    دكتور سمهوري.. تأخرتُ كثيرا حبيب قلبي
    في التعاطي مع الشأن الكتابي
    ولا أحسبني أتجرأ على المحاولة
    ومقاربة الرواية وأنا على “الفينال”
    بالغ مودتي وشكري على ثقتك وتقديرك لي

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.