أُمنيةٌ صَغيرةٌ

بواسطة | 10 يناير 2021 | قصص قصيرة | 12 تعليقات

“أحيانًا تَقْتُلنَا مشاعرٌ لا أسْمَاء لها”

فِي الْوَهْلَة الْأُولَى الَّتي أَقّبَلتْ نحوي تِلك الْمرْأَة المُسنّة، بلباسها القرويّ الْبَسِيط، وفستانها الكُحليّ أَبُو العُبّ الفضفاض الَّذِي يجْعَل المرْء لا يُميّز بيْن مُحيط صدرِها وخصرِها، ومشّايتها الرثّة الْقَدِيمَة الَّتِي تجرُّ مَعَهَا عُمْرِهَا كلّه..

كَادَت تتعثّر بشرشفها الصّوفيّ الدّاكن، ذُو الخُطُوط الْحَمْرَاء الكاشحة والّذي كَان يلفّها مِنْ رَأْسِهَا حَتَّى أَخْمَص قَدَمَيْهَا، عِنْدَمَا جَلَسَت بِجَانِبَي عَلَى الكرسيّ الْكَبِيرِ في صُنْدُوقٍ الْمَرْضَى، كَانَت تُغَطِّي فمِها بِكمِامَة مُجعلكة نوعًا مَا وكَأَنَّهَا اسْتَعْمَلْتها مرّات عَدِيدَة وَخَطَر بِبَالي، رُبَّمَا حتَّى المصورين المحترفين بعدساتهم العصرِيّة الخرْقاء والَّذين يَسْتَطِيعُون رَصَد وردة جوريّة تتفتَّح؛ أَوْ سوقٍ شعبيٍّ بكلّ تَفاصِيله الصَّغِيرَة، لأهون عَلَيْهِم مِنْ رَصَد تِلْك اللَّحظة الـمُـهيبة، الَّتي زَغْرَد فِيهَا قَلْب تِلْكَ الْمَرْأَةِ وانفرجت أَساريرُها، عِنْدَمَا نَادَى مُكبّر الصَّوْت فِي الْقَرْيَةِ مُعلِنًا عن حَمْلِة التنزيلات الْهَائِلَة عَلَى كلّ أَصْنَاف اللُّحوم وَاَلَّتي تشْمل الدَّجاج الأمريكانيّ العتقيّ الَّتي جفّت عناقيدِه وشحّ انتاجه، وَبدَل دفنه فِي حُفر الرَّدم الصّحّيّ، يُباع بِأسْعَار زهيدة لسُكان القُرى الَّتي مَا زَالَتْ تُعْتَبَر هَذَا الدَّجاج سِرّ جودة طَبْخِة “المُغربيّة” والَّتِي يعتبرونها أشْهى طبخات كوانين..

– سمعْتِ يَا خَالَتِي شُو قَال..؟ خمس جاجات بميّة..!
سَأَلْتنِي بَعْد أنْ خلعتْ كمامتها وأعادتها بسرعة البَرْق، خوفًا مِنْ الْوَبَاءِ اللَّعين..
– نَعَمْ يَا خَالَتِي سمِعْت..
أجبتها دُونَ أَنْ ألْتفت إلَيْها، حَيْثُ كُنْت مشغولةٌ بِفَتْح رَسَائِل وصلتْني عَلَى الواتس أب، لَمْ يَسْمَحْ لِي وَقْتي بفتْحِها..
– يَا رَيّْت يَا خَالَتِي لَو حَدا بياخذني أشْتُرِي ولَوْ أَنَّه بمية شيكل، بكفّوني كُلّ فَصْل الشِّتَا..
تَابَعَت التحدِيق بصندوق الْعجب خاصَّتي وَلَم أجبها..
– سقا اللهُ عَلَى أيَّام زَمَان، كنّا نسّتنى برْد كاوانين عَلى أحرّ مِنَ الجَمْرِ، تنذبح الدُّيُوك اللَّي كبَّرْت فِي القُنّ.. ونطبخ عَليْها..
– “….”
– لَو معِي نَمْرَة كنتي..؟ أَو حَفِيدِي تَامر.. كُنْت قُلتلك تحاكيهم منشان يوصلوني..
– يَا ريْت يا خَالَتِي . . لَو بِعُرْف نُمرتهم كَنْت حاكيتهم . وساعدتك مِن كلّ قَلْبِي..
أُنْزِلَت كِمامَتَها مرة أُخْرى، وَقَالَت بحسْرة وامتعاضٍ:
– لو.. في حَدا يُوصلني.. الدَّجاج الأمريكاني بيجي مرَّة واحدةٌ فِي السَّنة!

– آسْفَه . . أجبتها بضجر.. – كمان شوّيَة مَوْعِد عَوْدِة وِلادِي مِن الْمدرسة.. وقتي ضيّق جدًا يَا خَالَتِي.. وَالْخَيْر وَفِير؛ كل يَوْم تُوجَد فِرَاخٌ طرَّية طازجة فِي كلّ المحلّات التجاريَّة وَهِي أَطْرَى عَلَى أسنانك، وَلَا تَأْخُذُ غَلْي عَلَى النّارِ..

– أَخ مِنْكُمْ يَا بَنَات الْيَوْم! قَالَت بعصبية، عَلَى زَمَانِنا كَان اْلولد يَشْبَعْ مِنْ عيق المجدْرة، حَفْنَة عّدس وحفْنَة بُرغَل ، بيطعموا كلّ الْعيْلة ونبعث صَحْن للْجِيران.. وإسّا بطّل الدَّجاج الأمريكاني يعجبكوا!؟

– يا خالَتِي الْيَوْم الدُّنيا تغيَّرت، الكنتاكي والشنيتسل والمسخَّن والجريل، بكبسة زرّ؟ توصلك جاهِزة مَعَ كُلِّ السَّلَطات والمُقبّلات بلا تَنْظِيف وَطَبخ وَنَفخ وَوَجَع سِنان..

وخيّل إليَّ أَن جُملتي الْأَخِيرَة، استفزّتها وَزَادَت حدّة غضبها وأيقظت فِيهَا مَشَاعِر مكبوتة مُنْذ أمدٍ طويلٌ؛ حَيْث خلعتْ كمامتها نهائيًّا واسترسَلَت فِي حَدِيثِهَا بصوتِ عالٍ، جَعَل السكرتيرة الْمَشْغُولَة فِي الرَّدهة، تَتْرُك حاسوبها وعملها وَتُتَابَع حَدِيث تِلْك المرْأة، مَعَ كُلِّ الحَاضِرِينَ فِي الْعِيَادَةِ وَبَدَأَت تتكلَّم بِثِقَة واعتزاز وكَأَنَّها قَرَأْت كلّ كَتَب إِبْراهِيم الفقيه وَكَانَت كلُّ كَلِمَة تَقُولُهَا تُسَاوِي “ليّرة ذهب” عصّمليّة..

بَدَأَت بحديثها عَن دُكان عمَّي أبُو حُسَيْن، الَّذي كَانَ يَبِيعُ فِيه كلّ شَيْءٍ، مِن الإبْرَة حَتَّى فتيلة اللوكس والخُضار وَالْفوَاكِه الطّازجة يوميًّا، وسمّ الْفِئْران وَشُرْبَة الْمِلْح لمغص الْبَطْن، وَصِبْغَة الْمَلابِس وَأَبَرّ الْخِيَاطَة، وَالسُّكْر وَالْمِلْح وَطَحين الإعاشة، ونُقلية الْعِيد وشوكلاطة “سلفانا” مِنْ مَدِينِهِ رَام اللَّه.. وأخيرًا وصلت لشاحنة الدَّجَاج الْبَلَدِيّ، الَّتِي كَانَتْ تَصِل فِي سَاعَاتِ الْفَجْر الأُولى مِن كلّ يَوْم أحد، وأسْهَبتْ حَدِيثِهَا عَن الْقَفَص الْكَبِيرِ الَّذِي كَانَ يزِجُّ بِه عمّي بُو حُسَيْن الدّجاجات.. وطابور النِّسَاء الطَّويلِ الَّذِي كَانَ يَنْتَظِرُه، كُلُّ امْرَأَةٍ تتأبط سلّتها البلاسْتِيكِيَّة وتنتظر دَوْرها، حَيْثُ كَانَتْ تؤشّر لَه نحو الدَّجَاجَةِ الَّتِي تُريدها، فيمدّ الرَّجُل قَضِيب حديديّ ذُو رَأْسٍ مَعْقُوفٍ ويصوّب عَلَى سَاقٍ الدَّجَاجَة الْمَقْصُودَة ويجرّها إلَيْه بِحَرَكَة سَرِيعَة، مُباغتة، وَبَعْد مَعْرَكَة ضارية كَانَ فِيهَا الشَّيْخُ الْجَلِيل، المُنتصر دومًا، رَغِم الخَدُوش وَالْجُرُوح الَّتِي كَانَتْ تُدمي يَدَيْه الخشنتين، حَيْثُ كَانَ يَقْبِضَ عَلَى الدَّجَاجَة بِكُلّ قوّته، ويلفّ جناحيها الْوَاحِد فَوْقَ الْآخَرِ ويضعها في السَّلَّة وَتَعُود النِّسَاءِ إلَى بُيُوتِهِنَّ، لتبدأ مَرَاسِيم وطقوس الِاحْتِفَال بوليمة الدَّجَاج البلديّ..
– إيهِ يَا خَالَتِي . . تَنَهَّدْت الْعَجُوز وتابعت لتُحدثنا عَن حَفْلاَت الشِّوَاء فِي الحَارَةِ، بَعْدَ قُدُومِ شَاحِنَة الدَّجَاجِ مِنْ شَرِكَةِ تنوفا..
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ يُحَدِّثُ… ؟ يَوْمَ الْأَحَدِ بِالتَّحْديد..

– كُلّ الْحَارَّة كَانَت تشْوي يَوْمَ الْأَحَد، كَان عنّا عِيد فِي الحَارَةِ.. وانتو مَا لحقتوا هاي الأيّام الحلوة وَلَا حسّيتوا فِي بَرَكَتُهَا..
– يَا رَيْت يَا خَالَتِي لحقناها وَيَا رَيْت تذوّقناها، الْيَوْم الْخَيْر فَائِض، بِس الْأَكْلُ بِلَا طَعْمِه..
أجَابَتِهَا بانفعالٍ إحْدَى السَّيدات الَّتِي كَانَتْ تَجْلِسُ عَلَى الْمُقْعَدِ المُقابل..

فأردف أَحَدٌ المُسنّين قائلًا بحماس:

– صَحِيحٌ.. كُلِّ شَي مُتَوَفِّر الْيَوْم وَتَأْمِين الختياريّة مَا مخلينا نَحْتَاج حَدا.. بسّ طَعْمة الْمَغْرِبِيَّة الْمَطْبُوخَة بالدَّجَاج الْبلَدِيّ، مَا بِعِوَضِهَا إشْي..
بلعَتْ الْعَجُوز ريقها، وَنَظَرْت حَوْلَهَا بيأسٍ ثُمّ أَرْجَعْت ظَهْرِهَا للوراء، وَأَسْنَدْت رَأْسها بَيْن كفيّها المُخضّبان بتجاعيد الزَّمَان وتمتمت بِهُدُوء:
– يَا رَيْت لَو في حَدا بيوصلني.. خَمْس جاجات؟ بس بِمِيّة! نَظَرْت إليّ السَّيِّدَة الجالسة عَلَى الْمُقْعَدِ المُقابل وهمست بِصَوْت خفيض لم تَسْمَعَه الْعَجُوز الْمُسْتَرْسِلَة فِي أمنياتها:

– سُبْحَانَ اللَّهِ بَنِي آدم بخلق صَغِير وبيرجع صغير..

أومَأتُ لَهَا بِرَأْسِي كعَلَامَة على مُوَافَقَتِها الرَّأْي واستأذنتُ مِنْ الْجَمِيعِ لأنَّهُ أَتَى دَوْرِي للدّخول عِنْد الطَّبيب.. غادرتُ الْعِيَادَةُ فِي عُجالة مِنْ أَمْرِي دُونَ أَنْ الْتَفَتَ إلَى الْوَرَاءِ؛ كَوْمَة هُمُوم وأشغال تنتظرني فِي بَيْتِي وَما لي وَللّدَجَاج الأمريكانيّ؟ فِي الْأَسَاسِ عائلتي لا تستسيغه!
مرّت أيّامٍ قَلِيلة؛ فَرَضَتْ فِيهَا الدَّوْلَة الْإِغْلَاق الكُليّ، بِسَبَب تَفَاقُم انْتشَار الْوَبَاء اللَّعِين وانصرفتُ لِأُمُورِي وكتاباتي، حَتّى أَتَى ذَلِكَ الصّباح، الَّذِي نَفَخَ فِيهِ صَوْت المُنادي فِي مُكبّر الصَّوْت..

كَان صباحًا هادئًا، بَعْد عيانة دَسِمَة غَسَلَتْ كُلّ طُرُقَات قَرْيَتِي الوادعة وَبُيُوتِها الْجَمِيلَة، تَمَنَّيْت مِن كلّ قَلْبِي أَنْ يُنادي عَلَى حَمْلِة الدَّجَاج الأمريكانيّ، وَقَد عزمتُ النِّيَّةِ أَنْ أصطحب تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْعَجُوز خَفِيفَة الظّلّ، لِمَحَلّ الدَّجَاج ونحضّر سويّة طَبْخة مَغْرِبِيَّة بنكهة أَهْل زَمَان..

شَعَرْت بغصّةٍ كَبِيرَةٍ فِي قَلْبِي، عِنْدَمَا أَعلن المُنادي عَن رَحِيل امْرَأَة.. امرأة كُنت قَد تجاهَلتُ مشاعرها الصَّادِقَة، ودفء رُوحِها.. هذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ صَاحِبَة الْأُمْنِيَّة الصَّغِيرَةِ فِي صُنْدُوقِ الْمَرْضَى وَالّتِي رَسَمَتْ فِي مخيلتي لَوْحَة جَمِيلَة كُنْتُ أَعْرِفُ كُلّ تَفَاصِيلِهَا الدَّقِيقَة، وفَتَحَتْ لِي نَافِذَة عَلَى ماضٍ جَمِيلٍ، رَحَل مُنْذُ أَمَدٍ طَوِيلٍ.. كَم كُنْت أوَدّ أَن اصطحب تلك الْمَرْأَةِ حَيْثُ يَبِيعُون الدَّجَاج، وَأخْبَرَهَا بأَنَّنِي أيضّا كُنْت انْتَظَر مَع أُمِّي فِي طابور يَوْم الْأَحَدِ، وبِأَنّنِي مَا زِلْت أَشْتَهِي “المُغربية الْمَطْبُوخَة بالدَّجَاج البلديّ” واشتاق لرائحة دُكَّان عَمِّي بُو حُسَيْن الَّتِي فَاقَت خَدَماتِه كُلّ خَدَمَات الْمَتَاجِر الحَدِيثَة بِكُلّ تقنّياتها وبضاعتها الْعَالِيَة الْجَوْدَة، واشتاق لطعم الْمَفْتُول الأصليّ الَّذِي كَانَتْ تَجْتَمِعُ كُلّ نِسَاء الْحارَّة لتحضيره وَلَكِنَّها رَحَلْت.. كَمَا رَحَل الكثير من مُسنّي قَرْيَتِي الَّذِين قاوَموا سَنة الثّلجة وَالْجَراد والنّكبة وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا مُقَاوَمَة وَبَاء الكورونا اللَّعِين وصدقًا أَقُول؛ هَذِهِ الْمَرْأَةُ تُرِكَتْ فِي قَلْبِي غصّة لَن تبارح فُؤَادِي مَدَى الْحَيَاة.. مَاذَا لَو أغلَقْتُ جوّالي قليلًا.. أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ أَوْلَادِي.. ؟ وَعَن مَوْعِد الْغَدَاء أَوْ حَتّى عَنْ كلّ الدُّنْيا..
مَاذَا كُنْت سَأَخْسَر لَو كُنتُ أوصلتها لتشتري دجاجاتها الْعَجيبة وأُحقّق أمنيتها الصَّغيرة..
*********

الحِوَار فِي القصّة بِلَهْجَة أَهْل الرِّيف فِي الْجَلِيلِ.
عيانة: الْمَطَرِ الشَّدِيدِ الَّذِي يهطل لَسَاعَاتٍ طَوِيلَةٍ دُونَ تَوَقُّفٍ؛ ويروي الْأَرْض لِأَيَّام عَدِيدَة.
المُغربية: أَكْلَةٌ شَعْبِيَّةٌ تراثيّة؛ أَصْلِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ، تُعدّ مِن الْأَكَلَات الشَّعْبِيَّة فِي رِيف الْجَليل.

شهربان معدّي كاتبة من الجليل.

12 التعليقات

  1. عامر جنداوي

    قصّة رائعة، سردًا، وحوارًا، لغةً وتعبيرًا، كشفت رأي العجوز وحنينها لحياتها القديمة، والحياة الحاضرة، قدّمت الكثير من المعلومات عن تلك الحياة الهادئة النّظيفة على قلّة مواردها المعيشيّة، مفردات كثيرة من التّراث القديم…
    والرّوعة في النّهاية حين أعربت الرّاوية عن أسفها لعدم مساعدة تلك العجوز، وبعد أن سمعت خبر وفاتها، وهو حساب الذّات ومراجعة الضّمير، مع أنّي أعذرها، لنفس الأسباب التي منعتها من تقديم المساعدة في حينه…
    قصّة رائعة حقًّا، جديرة بالقراءة، وكم نحتاج مثلها لما فيها من قيم تربويّة وحضاريّة…
    تحيّاتي وتقدير العظيمَين أديبتنا المبدعة…

    الرد
  2. شهربان معدّي

    كم شرّفني مرورك العَطِر شاعرنا المُرهف
    د. عامر جنداوي
    في زمن أغبر ، عصيب، تحكمه العولمة الحديثة بكل تقنياتها وسحرها ومكائدها، التي سرقتنا وسرقت أولادنا وأحفادنا، رُغم إيجابياتها الكثيرة ولكنها جعلتهم ينسون إصولهم وجذورهم وعطر ترابهم؛ والحياة البسيطة، الهانئة التي رضيّ بها أجدادنا وأهلنا رغم شظُفَ العَيشُ وقلة الموارد.
    وقد ارتأيت أن أُدْخِل هذه المفردات “العتيقة” لتبقى عالقة في الذاكرة الجماعية التي تعيش في أطار الحاضر المؤقت، وكأننا أتينا من الفراغ..
    فضّىلت كثير أستاذي، بتعقيبك الثريّ، العميق الذي تشرّفت به.
    وما هذه العجوز سوى عصا الماضي الجميل؛ بكل تراثه المجيد وجمالياته، جاءَت لتلكز ذاكرتنا النائمة، وتوقظ فينا، أريحية ومحبة وإلفة، كانت تجمعنا يومًا ما وليتها تعود لتزهر وتزدهر، حياتنا التي أقفرت..
    تقديري وامتناني لحضرتك ولصفحة السنابل الراقية.

    الرد
  3. إيناس ثابت

    “مَاذَا كُنْت سَأَخْسَر لَو كُنتُ أوصلتها لتشتري دجاجاتها الْعَجيبة وأُحقّق أمنيتها الصَّغيرة؟”

    ماذا سيحدث “لو” صارت الأحداث في طريق مختلف..؟ ماذا لو…..؟
    ليت “لو” تصلح الكثير مما أفسدناه عبر الزمان..

    جزيل الشكر لك شهربان ولقلبك الطيب.

    الرد
    • شهربان معدّي

      ليت “لو” تصلح الكثير مما أفسدناه عبر الزمان..  
      نعم يا صديقتي الغالية.. إيناس ثابت
      كلمة “لو”  لو عرفنا قيمتها..؟
      لتبدّل حال الدُنّيا! وحالنا وأحوالنا.. وتفاصيل حياتنا الدّقيقة..
      لو لم يأكل سيدنا آدم التفّاحة.. ولو لم يقتل قابيل؛ سيدنا هابيل..
      ولو لم يعمِي الطمع والغرور والنرجسية عيون “هتلر”
      لما قُتل “على ذمّته” الملايين من البشر وتشرّد مئات الإلوف..
      وضاعت بلاد بأكملها..

      وفي حياتنا اليومية..
      كلمة “لو” تعني الكثير..
      وتؤثر كثيرًا على سيرورة حياتنا وصحتنا النفسيّة..
      وقد تبقى “غصّة في الصدر” نحملها معنا مدى العمر..
      شكرًا لعطر مرورك مبدعتنا الأصيلة.

      الرد
  4. دينا تلحمي

    حقًاهي قصة جامعة وعميقة؛ تحاكي واقعنا ولحظات التخبط التي نمر بها كبشر
    ومواطنين..

    ما يميز ها ليس فقط جمال اللغة وجمال الحبكة ، إنما يميزها هذا السرد للتفاصيل
    الصغيرة ذات الأثر البعيد ..
    والحوار الذي جرى بين جيلين مختلفين مع البوح بمشاعرهما الصادقة والحقيقة .

    انغمست في القصة حتى شعرت وكأنك تقدمين لنا طعمًا من العسل والشهد الذي
    طالما استنتجناه من رحيق أزهارك وعلمك وفكرك النير .

    من كل قلبي أقول: شكرًا شهربان ، شكرًا على كل قطرة حبر خط بها قلمك.

    الرد
    • شهربان معدّي

      “من كل قلبي أقول: شكرًا شهربان ، شكرًا على كل قطرة حبر خط بها قلمك.”

      ومن أعمق نقطة في قلبي أقول لك؛
      شُكرًا على تفاعلك مع قصتي..
      أٌستاذتي القديرة، دينا تلحمي
      وهي قصّة كلّ الناس..
      تحدث مع الجميع
      نحن لم نهبط من المريخ..
      ولا نعيش في أبراجٍ عاجيةٌ
      كلّنا مُعرّضون لهذه المواقف..
      التي ارتأيت أن أسرُد أدقّ تفاصيلها..
      وما أنعمه درب الخيال..
      حين نوظّفة لخدمة الإنسانية والإنسان
      كم شرّفني تعقيبك الأثير سيدتي الراقية
      دومًا بخير.

      الرد
  5. نبال شمس مرعي

    ما أروع سردك ونثرك صديقتي..
    قصة جميلة، تأخذ القارئ الى الجليل والحارات ورائحة الحبق على شبابيك جداتنا.
    قصة فيها شهد الماضي وريحان الحاضر، حوارك رائع لا يترك القارئ حتى آخر حرف..
    اتمنى لك كل الخير

    الرد
    • شهربان معدّي

      “شبابيك الجدات..
      والحارات العتيقة المرّصوفة بالحجارة..
      وأحواض النعناع والحبق..
      الزقاقات التي تفوح منها رائحة الزيتون والزعتر..
      وأريحية ونخوة..
      وتكافل اجتماعيّ وبساطة
      ورحمة ومودة بين الناس..
      نشتاقها، كما تشتاق الأرض للمطر الأول..

      شُكرًا لريحان حضورك..
      أستاذة نبال شمس مرعي
      تشرّفت بحضرتك
      دومًا بخير.

      الرد
  6. د.رامي سمهوري

    موهبة سردية وصفية واقعية في الصميم تجذب القارىء للتعلق بالفقرات والحروف!

    الرد
    • شهربان معدّي

      “ضيوفٌ نحن على أديم هذه البسيطة
      تُظلّلُنا سماءٌ واحدةٌ..
      وتجمعنا أرضٌ واحدةٌ..
      فلتسقط كلّ الحدود والحواجز
      ولنعيش معًا بسلام وأمان..

      تشرّفت بحضرتك
      د.رامي سمهوري
      دومًا بخير.

      الرد
  7. عبدالجليل لعميري

    الأستاذة شهربان تسافر بنا في رحلة حكي شهية لنكتشف جانبا من تاريخ الطعام المحلي بفلسطين. …مع استحضار ها دائما لالم الإنسان. …أمنية صغيرة قتلتها مشاعر لا إسم لها. ..أو لها إسم فعلا! هل كانت الساردة مسؤولة عن ذلك؟ لا طبعا المسؤولون أحيانا يكونون بلا أسماء أيضا. تحياتي

    الرد
  8. شهربان معدّي

    أستاذي الراقي
    عبد الجليل لعميري
    لطالما قتلتنا مشاعر لا أسماء لها
    نتيجة ظروف قسرية..
    أو إهمال معيّن..
    أو أنانية تحكمنا..
    مشاعر ترافقنا مدى الحياة..
    وهذه السيِّدة القروية
    تمثّل جيلاً كاملاً
    ربّانا برموش العين ونبضات القلب.
    في مرحلة مفصليّة في تاريخ الشرق
    يشرّفني أن أكتب عنهم وعن بساطتهم وطيبتهم
    ورغم أنني لم أكن مسؤولة عن ذلك..؟
    ولكنني تألمت وتأثرت وأنا أكتب قصة جيل كامل
    رضيَ بالكفاف، وقلة الموارد..
    واجتاز محن كثيرة..
    ليحافظ على وجوده وأرضه وكرامته.

    تشرّفت بحضرتك أستاذي الكبير
    وشكرًا لموقع السنابل الكريم
    على نشر نصوصنا وتفعيلها.
    دومًا بألف خير.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.