آلين كوفننت Alien Covenant

بواسطة | 29 ديسمبر 2017 | فنون و سينما | 0 تعليقات

الجزء الثالث الأخير من السلسلة الفضائية الشهيرة ذات البعد المشهدي اللافت والتنبؤات الكارثية والتشويق المرعب النادر، والخيال العلمي الجامح: ثلاثية “آلين وبروميثيوس وكوفننت” المتكاملة والشيقة: هراء فضائي كاسح وتحذير من الذكاء الروبوتي الجامح!

مايكل فاسبندر يبدع بدور “الأندرويد” المزدوج: الطيب والشرير!

من تمثيل كل من آمي سيلمتيز، بيللي كرودوب،  كالي هيرناندز، كارمن ايجكو، داني ماك برايد، ديملان بلشير، جوسي سمولتز، كاترين موترستون وميكل (ميشيل) فاسبندر، واخراج البريطاني “ريدلي سكوت”: أثناء توجههم لكوكب بعيد في الجهة الاخرى من المجرة، يكتشف طاقم مركبة الاستيطان (كوفننت) ما يعتقد بأنه “باراديس” قريب، ولكنه يعتبر في الحقيقة بأنه مصيدة سوداء وعالم خطير مرعب، حيث يسكنه “الأندرويد”/المصنع دافيد (ميشيل فاسبندر)، الناجي الوحيد من جحيم رحلة الاستطلاع السابقة “بروميثيوس”، فيلم أكشن وخيال علمي تشويقي مرعب حافل بالعنف الدموي الوحشي، حيث يحمل مايكل فاسبندر بشخصيتيه “الطيبة والشريرة” الفيلم على عاتقه، ويتفوق باداء الدور الصعب المزدوج، كما تبدع “كاترين واترستون” بدورها القيادي واحساسها وحدسها الغريزي بالأخطار الكامنة والقادمة…انه رعب ممزوج بمهارة بالخيال العلمي، ولكنه بالحق فيلم مخيب للامال، فبعد خمس سنوات من اطلاق “بروميثيوس”، نرى هذا الفيلم لا يجيب على أية تساؤلات أثارها بالطرح الأول، بل يزيد الغموض ويأخذنا لمنحى آخر درامي وتصادمي…يموت كابتن السفينة الفضائية “جاكوب  برايستون” (جيمي فرانكو) أثناء “السبات الرقادي الطويل”، تاركا زوجة مخلصة مرعوبة “كاترين ووترستون”، مع مساعد ضعيف الشخصية اورام (بيلي كرودوب)، فيما لا يزال حوالي 2000 مستوطن يرقدون في حجرات السبات مع الأجنة المجمدة…أما فاسبندر الذي يلعب دور الأندرويد “دافيد” في فيلم “بروميثيوس”، فيعود هنا ليلعب دور “والتر” كنسخة جديدة للشخصية الخارقة “دافيد”، مع بعض التحوير العاطفي والشخصي وكم كبير من الطيبة الخالصة.يحاول طاقم المركبة “جميعهم” المحبطون والخائفون من الموت عند العودة للرقاد ثانية، يحاولون الاستفادة من فرصة صدور اشارة غامضة من كوكب قريب يبدو مأهولا، وينتهي بهم المطاف للنزول لكوكب مرعب مليء بالكائنات الوحشية، التي ترغب بافتراسهم والفتك بهم بوحشية او بالتوالد داخلهم وتمزيق أنسجتهم، ويتم انقاذهم ظاهريا من قبل الروبوت القديم “دافيد” (فاسبندر)، الذي استوطن هذا الكوكب بعد النهاية الدموية الغريبة التي شاهدناها في فيلم “بروميثيوس”، ويبدو هنا شكله مختلفا فقد ربى شعره، ولبس ثوب “الجيداي”(الروب المعروف من حرب النجوم)، مع قبعة رأس غريبة، كما نفهم ضمنا انه قتل الرائدة الشجاعة “نعومي راباس” (اليزابيت شو) بعد أن أنقذته واصطحبت رأسه في رحلتها المصيرية الغامضة لفك اسرار “المهندسين”، ثم نراه يعيش معزولا في أنقاض مدينة قديمة مدمرة، كان يسكنها قديما في العهد القديم ما يسمى “المهندسون” (لنستدعي المشاهد من بروميثيوس)، الذين يبدو أنه قضى عليهم ايضا بسكبه لمادة سوداء سامة قضت عليهم جميعا…ولكن “”دانيلس” تصمم على تحقيق حلم زوجها الراحل، المتمثل بالعيش في كابينة منعزلة على ضفاف بحيرة، لذا فهي تدعم مخطط “اورام” لتحقيق ذلك في العالم الجديد، ولكن حدسها يخبرها بانها قد وقعت في مصيدة فاقدة للأمل، وكذلك يشعر باقي المستوطنين…هكذا ينطلق الجزء الثاني هذا لآفاق جديدة وشيقة وغير متوقعة، ويبث عنف فضائي جامح لا يرحم، يحول البشر الى “مجازر من اللحم والأنسجة الممزقة والدماء المتطايرة”، وكذلك لرغبات مستميتة من حب البقاء، وهكذا نرى كل التقدم البشري المذهل بعد مئة عام، يذوب بمواجهة “الغباء البشري المزمن”، وهكذا ينتصر الروبوت الشرير “فاسبندر” (بدور الأندرويد القديم دافيد)، ويتفوق بذكائه وحيلته وخبرته على الجميع، ويموت معظم رواد الفضاء المرعوبين، واحدا تلو الآخر في مطاردة جحيمية وهيجان لا يرحم (والفيلم يؤكد ربما هنا مقولة العلماء العصريين الأذكياء، التي تحذر البشرية مستقبلا من الذكاء الصناعي وقدراته اللامحدودة وامكانية تمرده على صانعيه البشر)، وللتنويه فعندما اطلق سكوت الجزء الأول (آلين) من هذه السلسلة الشهيرة في ثمانينات القرن الماضي، ولاقت نجاحا غير متوقع، علق عالم الفلك الشهير حينئذ “الراحل كارل ساغان” على فكرة ظهور الكائنات الفضائية الزاحفة بهذا الشكل الوحشي الغريب بأن “هذا مجرد هراء سينمائي ولا احتمال لوقوع ذلك ابدا على ارض الواقع مستقبلا”، وأيده سكوت مبررا نجاح الفيلم حينئذ لبراعة السيناريو المحكم وللهوس الاخراجي ولبراعة التمثيل والمؤثرات حينها!يظهر في مقدمة الفيلم الروبوت “ديفيد” في محادثة مع صانعه (كفلاش باك) بيتر ويلاند (الممثل غاي بيرس، الذي ظهر كشيخ مسن في فيلم بروميثيوس)، يظهر دافيد هنا بشكل البطل المنقذ، الذي يحمي المستوطنين من هجوم  كاسح، تقوم به كائنات ممسوخة تدعى “زينومورفس” في حقل شاسع من العشب الطويل، كتبت مشاهد هذا الشريط بعناية فائقة من قبل أربعة كتاب سيناريو ” جون لوغان، دانتي هاربر، جاك باكين وايكل جرين” (ويعزى نجاحه لذلك بالاضافة لبراعة المخرج الشهير،  حيث لا يبدو الفيلم كجسر متوقع ما بين شريطي: آلينس وبروميثيوس” فقط، وانما بين “آلينس وبليدرانر”(**) أيضا، جامعا عناصر الأفلام الثلاثة في تحفة سينمائية فضائية جديدة رابعة:

*تسليط الضؤ على المشهد الرائع سينمائيا، حيث تتحرك الكاميرا افقيا وببطء وبلا قطع، لنرى “ديفيد”  يعلم بشكل انتقائي “والتر” كيفية العزف على الناي، هذه اللقطة تحديدة فريدة وتمثل قمة النرجسية والاغواء الشخصي.

*عقدة فرويد المتمثلة بمقولة “أن أكثر الأشياء التي تخشاها هي التي تحدث لك”…هنا تلعب بيضة “الزينومورف” (الزاحف الفضائي اللزج)، التي تتسرب من خلال الاذن او الفم خلسة.

*الجو الكئيب داخل مدينة ديفيد للموتى، يشجع هذا النوع من الرعب الغريب، فسطح الكوكب البركاني القاحل يبدو وكأنه حفر بالليزر، انه بمثابة “خرافة ظلامية” حول الدمار  والموت والولادة والانهاك الجنسي  واعادة الخلق، ولا ننسى وجود الزوجين الطيبين: داني ماكبرايد وايمي سيميتز.

*الفيلم يستند لمقولة فضائية حكيمة: في هذا الوقت، في الفضاء الخارجي لن يسمعك احد وأنت تصرخ!

يبدأ الشريط بالشاب واي لاند(جاي بيرس)، وهو يحاضر لصنيعه الروبوتي دافيد (فاسبندر)، حول غموض وتعقيد عملية الخلق، طالبا منه ان يعزف على البيانو معزوفة فاجنر الخالدة “دخول الآلهة” (لفالهالا): يتم هذا الحدث قبل مشروع البروميثيوس، ثم ننتقل لعشر سنوات للأمام، وتحديدا في نهاية فيلم بروميثوس عندما تضع نعومي راباس (اليزابيت شو) رأس دافيد المقطوع في حقيبة لتنطلق لكوكب المهندسين…نحن الآن في العام 2019، حيث تنقل المركبة الفضائية “كوفننت”(الميثاق) ألفي مستوطن لكوكب ناء اسمه “اوريغاسي” لبدء حياة بشرية جديدة، ولكن رسالة غنائية غامضة ومفاجئة ومشفرة باسم المغني الشهير “جون دينفر”، تدعوهم لكوكب قريب ملائم للحياة البشرية، ونظرا لمعاناتهم الحديثة التي تركت ضحايا، ينحاز معظم الفريق للخيار السهل، ويذهبون لاكتشاف الكوكب، حيث الهواء قابل للتنفس مع وجود حقول القمح المكتمل النمو…فقط الضابط (قوية الملاحظة) دانيلس (واترستون) تلاحظ عدم وجود الطيور، او ضجيج الحيوانات في الكوكب الغريب، ولكن سطح الكوكب يبدو مأهولا بكائنات فضائية شرسة تدعى “كسينومورفس” (بشكل حيوانات زاحفة شرسة تشبه الديناصورات )، كما توجد بيوض كثيرة لكائنات زاحفة مرعبة: تشبتيوسترس وزينومورفس (تم تخليقها مخبريا خصيصا لهذه السلسة الفضائية الغرائبية)، وهناك كمبيوتر ضخم وشامل ونظام حجر صحي صارم، كما أن الغبار الأرضي يحتوي ضمنيا على حلقات من الهباء المحتوي على البيوض، والتي تدخل الجسم بمجرد الدعس على الأرض، يستحوذ فاسبندر بشخصيتيه المحورتين على معظم  مشاهد هذا الفيلم، الذي يتحدث عن الخلق والدمار والعجز والأحلام وهيمنة “الذكاء الصناعي” في مستقبل الأيام، يحوي هذا الشريط الشيق على كم كبير من التفاصيل المدهشة، التي حولته لفيلم “رعب وحرب وتشويق وربما أكشن”، وحذفته ربما عن مساره الأصلي، وعمقت غموضه ومتاهته، كما أضعفت قوته…

في المشاهد الأخيرة تعود مركبة “الكوفنانت” لرحلتها باتجاه كوكب “اوريجاي-6″، ويعود الناجون من الطاقم لكابينات السبات المغلقة، وأخيرا عندما ينجح والتر من وضع “دانييل” لسريرها المغلق، تتحقق وتشعر فجاة بحدسها أنه “دافيد” الشرير وليس “والتر “الطيب”، ولكنها تطلق صرخة رعب شديدة، عاجزة عن الهرب من مرقدها، وقبل ان تسقط في النوم “الرقادي” الطويل، وقد شبهت ذلك بفزع المحتضر الذي يزوره ملاك الموت في اللحظات الأخيرة من حياته وهو يعاني من “سكرة الموت”، ليخبره بان مصيره الحتمي الختامي سيكون جهنم وبئس المصير، حيث لا مجال عنده لفرصة اخرى…ويبدو أن نتيجة القتال الضاري بين “الروبوتين” كان لمصلحة دافيد، وقد ترك المخرج ذلك غامضا بقصد، ثم يقوم صاحبنا بخبث بوضع بيوض “الآليين” في مخزن أجنات البشر المجمدة، لكي تفتك بها وتتغذى عليها لاحقا، ويعود مستخدما اسم والتر بتسجيل معلومة تشير لمقتل كافة فريق المركبة بتأثير انفجار كبير حدث في المركبة، ويستثني من ذلك “دانييل وتينيسي”، ولا نعلم لماذا؟

يتبين من سياق الأحداث قبل الأخيرة أن دافيد قام بقصد باطلاق السائل الأسود القاتل على جموع المهندسين “الفضائيين” للتخلص منهم، معتقدا بأن البشر جنس “متخلف” ولا يستحقون السيطرة لوحدهم على المجرة، وعندما يرفض والتر ذلك، يهاجمه دافيد بضراوة، ثم يقبض على “دانييل” ويبلغها بأنه سيفعل معها تماما ما سبق وفعله مع سابقتها الرائدة الجسور “شو”، عندئذ يتدخل والتر ويسمح لدانييل بالهروب والنجاة بنفسها، في حين يهاجم الرائد كود من قبل “كسينومورف” ويقتل، ويهرع تينيسي لانقاذ دانييل والتضافر مع المنتصر ظاهريا “والتر”، حيث يتآزرون معا جميعا لقتل “الكسينومورف” الزاحف للمركبة، كما ينجح “كسينومورف” آخر بالدخول لجسد لوب والخروج من صدره نافثا الدماء والرعب، ومهاجمهم جميع بضراوة وحشية، فيما ينجح كل من “تينيسي ودانييل” بمحاصرة المخلوق الوحشي الزاحف، قاذفين به لخارج المركبة!

م. مهند النابلسي كاتب وباحث وناقد سينمائي جرىء وموضوعي وهو "اردني من أصل فلسطيني" وعضو رابطة الكتاب الاردنيين والاتحاد العربي لكتاب الانترنت. عمان – الاردن Mmman98@hotmail.com

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.