“كنَّا توَدَّعْنا وْصَوْتَك غابْ .. ونادَني العمر الفاني
ولمَّا عا حالي سَكّرْتِ البابْ .. لاقيتَكْ بيني وبين حالي
مشلوحى على بحر النِّسْيان .. فارقني النوم وكلّ شي كانْ
وِجَّك ما كان يفارقْني .. وجرِّبْ إسبح ويغرِّقني”
https://www.youtube.com/watch?v=7kA25GcDj9Y
أنت صديقي؛ ممن ألجأ إليهم في محنتي وقسوة الدنيا على قلبي وفكري، ولا أستبدل مودته مهما تقلبت الأيام أو تبدلت قناعتي وتقدَّم عمري. ولو أنه من المؤكد عندي أنك في هذا الوقت، تغط في نوم أرجو أنه عميق ومريح، فأنت لا تسهر حتى هذه الساعة المتأخرة. ولذلك ينبغي أن ألقي عليك تحية الصباح عوضا عن أماني المساء، متوقِّعة أن ينحسرَ شرُّ “نورما” هذه الليلة بفيض من خير المطر عند الصباح. نورما التي غدرت بنا وتستحق طلاقا خلعيا لا رجعة فيه.. لكنني قبل هذا وذاك؟ دعني أعتذر عن تأخري بالرد لانشغالي، بالإعداد لأمسيتين شعريتين في عمان.
وأما الفيديو المرفق برسالتي الذي اخترته لك هذه المرة..؟ إن هو إلاّ احتفال للرقص الشركسي في أحدى “فنتزيَّات” الأعراس في الأردن. حيث يقيمون مثل هذه المناسبات للصبايا والشباب العزاب فحسب، وذلك بعد أن تتم عملية اختيار الفتاة وخطفها للزواج. “والفنتزية” هذه إن صحت مفردتها؟ فإنها فرصة بالغة الأهمية ليتعرف كل واحد إلى نصفه الآخر، بدءاً بالرقص فالحب والاختطاف ثم الزواج، وما يلي ذلك من متاعب أو أفراح الدنيا لتعتدل أو تتمادى فينا الحياة في قول أبي نواس: فاحْسُ من ذا ثلاثة واتْلُ من ذاكَ أحْرُفا – خيرُ هذا بِشَرِّ ذا فإذا الله قد عفا.
ويقضي العرف باتفاق الشاب مع الفتاة التي راقصها واختارها، أن يخطفها ويستأمنها بيتا موثوقا وأسرة كريمة. ثم يرسل من يبلغ أهل الفتاة، أن ابنتهم قد خطفت لكي يتدبروا أمرهم؟ فيفرح أهلها وينتشر الخبر وتعم البهجة سائر الأحياء المجاورة، ويسارع أهل الفتاة إلى المفاوضات وما يترتب من التفاصيل. وعلى أهل الفتاة أن يوافقوا على العريس معظم الأحيان؟ فعودة الفتاة إلى ذويها بعد الاختطاف مسألة معيبة للغاية؛ وهكذا يبدأ الإعداد للاحتفال.
ومن الأعراف السارية أن لا تزور العروس أهلها، إلا بعد الإنجاب الأول مهما تأخر أو طال بها الزمان. لكن جيل اليوم يحاول تخطي هذه العادة لتغدو الزيارة بعد شهر من الزواج، دون اعتبار الإنجاب شرطا من شروط الزيارة.
في صباي أصرت علي إبنة جيران لنا من الشركس، حينما دعتني مع شقيقتي لحضور فنتزيتهم؟ فقد استعانوا يومها بمساعدتي وخبرتي في تسريح الشعر الشينيون، أو تسريحة فرح ديبا زوجة الشاه تبعا للموضة المعتمدة يومذاك، وهي حرفة أتقنتها في ذلك الوقت؛ وشقيق الفتاة كان سفيرا للأردن في واشنطن، وقد وقعت الفتاة في هوى شاب قريب لنا، كان يقوم بزيارة كبرى شقيقاتي المتزوجات. وكان شكله يوحي بالعرق الشركسي بالتمام والكمال.
كنت وشقيقتي الأخرى نشعر بالاحراج الشديد والخجل، فلم نكن قد تعودنا الاختلاط بالشباب، ولم نكن لنشاركهم الرقص الشركسي بطبيعة الحال؛ وحضرت والدة العروس حيث أقيم الاحتفال في زاوية من حديقة الدارة الفخمة، وهذا التصرف بذاته كان خرقاً لعادات الشركس، ذلك أننا من العرب و محظور علينا حضور الفنتزيات.. كما لا ينبغي للأم أن تصحبنا كما هي عادات الشركس. هكذا دفع بنا الخجل إلى الانزواء في ركن بعيد بمحاذاة الأم نداري خجلنا بالعزلة لئلا يقترب منا شبابهم ويدعونا للرقص، فلا يجوز للفتاة رفض دعوة الشاب بالطريقة التي تظهر في الفيديو.
والحقيقة التي عرفتها بعد مضي وقت من الزمن؟ أنّ الأم وجدت نفسها مع تصرف ابنتها متورطة معنا ونحن “فتاتان جمليتان”، وربما كنا سبباً في ضياع فرص بناتهم في الزواج. وقال بعض الشباب الحضور للأم يومئذ: سامحك الله وأنت تخفين عنا أحلى البنات، ليصيبها ويصيبنا الإرتباك، لكننا وقد وجدنا أنفسنا في جو غريب؟ فقد طلبنا الإذن من الأم بالإنسحاب وغادرنا الاحتفال، فأنقذناهم وأنقذنا أنفسنا من عادات غريبة عنّا ولم نكن قد الفناها بعد.
برد نورما بلغ مني العظام وصوت الريح وغزارة الأمطار في الخارج، تثير الخشية في النفوس والبرد في الأبدان، بالرغم من الملابس الصوفية والتدفئة المتواضعة بطاقة الكهرباء.. وبيان متأخر من وزارة التربية والتعليم، بتعليق الدوام المدرسي عند الصباح، فالمنطقة معرضة على امتداد نهر الأردن، والبحر الميت ووادي عربا إلى حدوث أضرار بالغة لن تسلم منها عمان. هي العاصفة تتحرك من جديد ثم تهدأ لتعود ثانية إلى الغضب والعصيان. صباح الخير يا أحلى الأصدقاء، والصباح الطيب لسوسن همزة الوصل، التي لا غنى عنها لإيصال الرسائل والفديوات.
لو تراءى لي أن رسالتي ستنشر..؟ لكنت بذلت مزيدا من العناية في تدقيق مضمونها، وصياغتها على نحو أفضل، وهذا حقا يقتضي مني واجب الشكر على الاهتمام بنشرالرسالة.
مهما يكن الأمر..؟ حينما تناولت الشق الجغرافي (للحفرة الانهدامية)، المعروفة في وادي نهر الأردن والبحر الميت، ووادي عَرَبا حتى خليج العقبة..؟ كنت أعني الخوف من حدوث زلزال متوقع، في مناطق جغرافية تشكل جزءاً من صدع جغرافي عظيم يسمى: الحفرة الانهدامية.
وهو ربما أكبر صدع جغرافي على مساحة الكرة الأرضية، حيث يبدأ من نهاية سلسلة الجبال في تركيا، مرورا بسوريا ومجرى نهر العاصي وسهل البقاع في لبنان، إلى مجرى نهر الأردن باتجاه البحر الميت.. ومن ثم إلى جنوبه في وادي عَرَبا، حتى خليج العقبة وشق حفرة البحر الأحمر. وهذا الشق يتعرض عادة للزلازل الصغيرة بصورة مستمرة تقريبا، ولا يتم التركيز والاعلان عنها عموما كونها زلازل بسيطة.
لكن الزلازل القوية تقع كل 75 سنة إلى 100 سنة تقريبا، وكان من المتوقع في هذه الفترة حدوث زلزال قوي، من خلال المنخفضات الجوية التي رافقت (نورما)، ولو حصل مثل هذا التوقع لكانت تأثرت به الأردن وفلسطين وسوريا والبقاع اللبناني حتى اليمونة… والله أعلم.
ومن جانب آخر؛ ففي الأردن احترام ملحوظ لسائر عادات الشعوب العربية وغير العربية، فالدستور الأردني يكفل للجميع حقوقهم وحرياتهم في ممارسة طقوسهم وعادات شعوبهم، وهو ما يجري تقريبا في معظم الوطن العربي، فنحن شعوب مسالمة تقبل على التعايش مع الآخر، وتحترم العادات والتقاليد لمختلف الأجناس والأعراق والطوائف، طالما هذه العادات والممارسات لم تتجاوز القانون، ولا تسيء للأخلاق والعقيدة.
وهذا من مسلمات ما يجري في الأردن، مما قوّى ويقوي أواصر انتماء المهاجرين للأردن، على اختلاف مشاعرهم وانتماءآتهم، بدليل عدم رغبة المهاجرين الشركس والشيشان والأفغان والشابسوغ والتركمان والبخارية الطاجكستان والأرمن العودة إلى بلادهم، وأغلبهم استعربوا فتداخلت الأنساب بينهم وبين العرب، حتى أن أغلب الجيل الجديد من أبنائهم، بدأوا يفقدون اللغة الأصلية لبلدانهم.
عبارات الشكر والامتنان تقصر في حقك يا صديقي العزيز ابراهيم يوسف فقد غلبني كرم مبادراتك وإني أسجل هنا أجزل آيات الامتنان لجميل خلقك وكريم طبعك ورفعة خلق ابنتك سوسن فلكما أطواف وأطواق الزهر الفواح الشذى في أنساق بديعة تليق بكما
ما قلتِه في عزِّ النوم..؟
كان مفيدا ورائعا
يستحق العناية والاهتمام
ولو أنك بوحي من نزار قباني..؟
“لم تلتفي بشالٍ قصبيّ
وترقصي
كالأميرات ببهو عربي..!؟ ”
الله يسامحك
مثل هذه الفرصة للرقص
لا تتكرر أو تُفَوَّت يا هيام
نهار دافىء
وشمس مشرقة تستحق
رحلة ممتعة للسهر في الريف
تبقى ناقصة من صداقتك النبيلة
ووجودك المؤنس
كان الزمان غير هذا الزمان
وكنت تربيت في بيئة أنثوية محافظة من حيث القيم
ليس من السهل الانقلاب عليها رغم انفتاح الفرص
وذكرياتي تحمل من القصص جميلها
أسكبُ بعض منها خلال مناسبات الاسترجاع
فاتتني الفرصة للرقص.. وأحفادي اليوم يتقنون الرقص الشركسي
كنت أهديتهم آلة الأوكورديون الفخمة التي كانت تعزف عليها ابنتي في المرحلة المدرسية
ليتعلموا عزف المعزوفات الشركسية
حين تصبح حجم أيديهم مناسبة لاستخدامها.. كون أخوالهم شركس
جميلة الدنيا بقدر جمال أحداثها.. كثيرا ما تربت على قلوبنا بأنامل الفرح
فهناك بريق لذيذ للذكريات يسكر أفئدتنا
كلما استعدنا بعض مشاهدها تراقص النبض فينا
دعواتي لكم بالتوفيق
الأستاذه والصديقة الكريمة هيام ضمرة
تصحو الكلمات على نص من نور وحب ..حين تكتبين ..!
فنحن محظوظون بك وبهذا الحس السردي البديع ، وهذه المشاعر والأحاسيس التي تكاد
أن تكون مرئية لصدقها وعمقها ولطافتها ..
محظوظون ونحن نقرأ بعضاً من رسائلك الخاصة والعفوية التي تمتليء حروفها بالحياء
والخجل الأنثوي الجميل ، وأنت تعودين بنا إلى ذكريات الزمن الجميل المليء بالدفء والحنان والعلاقات الطيبة البسيطة .
ذكريات أعادتنا إلى جمالية الحياة وجعلتنا نعيش البساطة والفرح والهناء ..
إذ صغت ِ لنا بوصفك أجمل حكاية ، فشارفنا على عيشها لحظة بلحظة ..
وكان الأروع أن نتعرف على عادات وتقاليد بعض الشعوب ونغرق في ثقافاتهم المختلفة
، فكانت عينك الذكية هي البوصلة والدليل لنا ، وما اختزنته الذاكرة وسجله القلم…من
أحداث وقصص وفهم طبيعة العلاقة المتشابكة مع الآخر في تنوعه واختلاف عاداته
وثقافته ..
شكراً لك كاتبتنا المبدعة ، والشكر موصول للأستاذ إبراهيم يوسف الذي ما بخل علينا
وأحب أن نشاركه ونستمتع وإياه بسردك وحديثك القيّم .
للصديقة الغالية ليلى
لحضورك الجميل رونق الكلام وجمال احساسه
حب الأرواح للأرواح بالعادة لا يخضع لقانون ولا لقواعد.. هو ميل طبيعي وتلقائي للأرواح وصديقي الشاعر سعيد يعقوب يتحفنا بجميل قوله:
أنا وأنت كطائرين بأيكه= والأفقُ طلقٌ والنسيمُ عليلُ
والكونُ يرقصُ من هوانا نشوة= فيميسُ سكرانَ الخُطا ويميلُ
هيهات أنسى الذكريات وسحرها= مهما جرى إنَّ الأصيلَ أصيلُ
إذا كان هناك من محظوظ فهو بالتأكيد أنا.. محظوظة بك وبصداقتك الأروع سيدتي.. وبأستاذي وصاحب المبادرات الطيبة التي تحدث مفاجآتها الجميلة العفيفة الأديب ابراهيم يوسف أطال الله بعمره، واستمر علينا فيض لطفه ورقي مبادراته
شكرا جزيلاً لكلماتك التي أصابت موقعها عندي والحديث بيننا يتشعب ويطول
فالحب ما يجمع أرواحنا وما يسجل لذكرياتنا كثير حكايا وجميل طلول
بارك الله بك ونفعنا بحكمتك ولنا في الحياة أمنيات للهوى ليس تزول