لقاءات الخلان في زمن صراحة الإعلان

بواسطة | 5 نوفمبر 2018 | مقالات | 2 تعليقات

ويستمر مسلسل العري السياسي العربي، أمام الهجمة التطبيعية المذلة مع دولة الاحتلال العنصرية المنتهكة لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، هكذا بكل بساطة وبمنتهى الأريحية وصل الحال بحكام العرب أن يضربوا بالعروبة عرض الحائط، ليجعلوا العدو صديقاً لا تشوبه شائبة، والصديق عدوا مزعجاً ينتهك حقوقهم ويحول دون تقدمهم، وعلى هذا وجب أن يمنعوا من حج بيت الله الحرام، فرب البيت لا يعترف بهويتهم ولا يقر بانتمائهم إذ هم لا وطن لهم ويحق عليهم الاستعباد والتزام أوامر العباد.ها هم يستعرضون نهجهم الجديد بالقفز عن مستوى العلاقات السرية المتوارية خلف ستائر المسرح السياسي المخملي، إلى واجهته العريضة، تحت أكبر وأوسع دائرة للضوء، وأمام كل أبواق الإعلام وعدساته، وبات السجاد الأحمر يبسط للمجرم الذي قتل شعبنا وأطفالنا بدم بارد وشرد شعب فلسطين وغرز أظافره في صدورنا ليُمكّن وجوده وينال رضى قبوله بين ظهرانينا، هكذا ودون أن يرمش جفن لحرج، أو يطق عرق لحياء، فتصبح الرحلات الجوية النشطة مقروءٌ عليها آيات الحماية من الحسد بالاتجاهين العربي والإسرائيلي.. ها هي المدافع تطلق بارودها بالواحد والعشرين طلقة إيذاناً بعبور بوابة الزمن الجديد لصفقة القرن.

وماذا بعد كل هذا يا عرب..؟

أهو سلام الاستسلام أم الرضوخ وتواصل الالتحام السياسي والاقتصادي والمالي وقريباً الاجتماعي؟ وربما تزيد أفراحنا أفراح، ونملأ الدنيا أصداح، بعدما تسحبت عنا نخوة الفلاح، لنصبح الحبايب والنسايب ونقيم الليالي الملاح، هي هكذا ستكون في قابل الأيام والمستقبل ما زال يعد بالكثير الكثير من الجديد المغرق بالإثارة، والمثير للدهشة وانهيار ما بعده انهيار، واحتقار يفوق كل احتقار، وذل تاريخي يسجل بأعتى عيار، وهكذا في أعقاب كل الإنكسارات التي ألبسونا هلاهيلها في أزمان ماضية سيسجل العرب الانتصار، الانتصار للمصالح والأولويات الذاتية، حين العرب يلحقون بالركب الغربي السريع فيقفزون عن زمن تخلفهم وعمر تاريخهم، وهوية لطالما رفعوها عاليا وتمجدوا بانتسابهم إليها، فالزمن ليس للهويات انما للكيانات.

الضغط الأمريكي، والتلويح الاسرائيلي جابت أخيراً أكلهما، واليوم حان موسم الحصاد بلا أدنى اعتراض ونقص إعداد، فافرحوا يا عرب وتغنوا بوطنياتكم الموهومة، تمهيدا للانتقال إلى الحضارة الحديثة الموعودين بها والمشاريع العظيمة التي بها تحلمون وإن تقزمت في واقع الحال، وافتتحوا مدنكم الجديدة وحدائقكم المزهرة وارفعوا ناطحاتكم وانشاءاتكم الغريبة اللعينة التي ستشهد فداحة الثمن، وغرابة المشهد، وضيق المعبر، خذوا أنفاسكم قبل أن تختنق صدوركم بالحقيقة البائسة والعجائبية المقيتة التي تبعث على الغثيان.. زمن الجرأة حد الانهيار، والخذلان حد البلادة، والزلات دون ارتباك أو احتدام أو حتى اعتراضات تسد الباحات والساحات فقد تم اخلاءها من المعترضين الأغبياء، فقد ركع الراكعون وانبطح المنبطحون علناً وعلى المكشوف دون وجل أو خوف أو ارتباك، ولتضرب الشعوب رأسها بكل حوائط الدنيا فقد ابتنت اسرائيل لرؤوسهم جدارا عظيما يليق بهم، فما بعد قرار الساسة قرار.

توقفوا وعوا هذه هي نتائج توقيع اتفاقية السلام .. سلام الشجعان.. هل تذكروها؟؟

إن تذكرتموها فقد بصمتم بالموافقة، وإن لم تتذكروها فقد أصابكم الصمم وغشت أعينكم، فما عادت تتبين شكل الأشياء ولا حقيقة المعاني، فقد أدت لعبة الدواعش دورها ومنحتهم فرصة تجميع ولملمة الأحرار في مرجل الاحتراق الأخير، وما عاد هناك من تأخذه الثائرة أو تحركه العزيمة أو حتى روح الايمان. فلسطين يا أيها الفلسطينيين ما عادت لكم ولا عدتم أهلاً لها أو بها، فالزموا منازلكم، وانسوا قضيتكم، وتراجعوا عن مطالبكم، فما عادت الأذان تسمعكم أو تستسيغ لكم صوتاً أو مطالباً، فقد امتلك عدوكم الإذن بتصفيتكم إذا ما اعتراكم وهم البطولات ورفعتم بالمطالب عقيرتكم.

مبارك لكم وعليكم يا عرب.. فمتى كان رؤساؤكم لا يطبِّعون مع عدوكم من بدايات التسعينات من القرن المنصرم؟.. والتجارة البينية والرحلات السياحية تجري على قدم وساق بكفاءة عالية وجهود فوق العادة، وما الفرق بين تطبيع مدارى تواريه أشكال الخداع، وآخر مكشوف على مستوى العالم تتباهى به الدولة ويفرد له السجاد الأحمر وتضرب له آلات النفخ والطبل، ويخرج للاحتفاء به أكبر الرؤوس على الاطلاق منحنياً بالتحيات بكل فخار، فما الفرق بين الامارات وعُمان ودبي وعجمان؟ وبماذا تختلف قطر عن البحرين أو حتى عن السعودية أو مصر والأردن والعراق فالاتفاق صار وفاق عام واستباق لأمة لم تتحد إلا بالسلام مع عدوها التاريخي اللدود.

فلتشرعوا أيها العرب أوطانكم وملاعبكم وقاعات استقبالكم لنتنياهو ووزرائه وفرق رياضته وصحافييه ومراسليه ورجال استثماره، فليس بعد الانهيار والسقوط إلا الارتطام بالقاع، فالعرب باتوا لعدوهم أصدقاء وجيران وأحبة يأخذونهم بالأحضان ويقبلون لهم الجباة، فيما الفلسطينيون بلا أرقام وطنية تنسبهم لوطن ما عادوا عباد الله المؤمنين ولا يصلحون حتى لهذا، ولا يستحقون حتى زيارة بيت الله الحرام والحج أو أداء العمرة، طالما استمر رفضهم لصفقة القرن فقد حق عليهم أن يخرجوا من الدنيا ومن الملة ومن عبادة ربهم الذي خلقهم أحراراً إنما برؤيا صفقة القرن المهينة ورؤيا ترامب ونتنياهو والمطبعون الشجعان، فهذا عصر القرون وكلٌ يتعظم بحجم ما يملك منها ويتقن عليه النطح، فكل شيء في زمن العجائب يصير منقلباً غير مفهوم ولا مستساغ.. وما الذي في زمننا هذا بات مستساغاً؟.. فالسلامة أمانة مسؤول عنها كل حاكم وكل مسؤول، ومن يرغب العيش بسلام فليغمض عينيه ويطبق شفتيه ويغلق أذنيه ويكسر كل الأقلام.. فسلام يا عرب سلام.

[ratings]

هيام فؤاد ضمرة – الأردن

2 التعليقات

  1. إبراهيم يوسف

    هيام نور الدين ضمرة
    الصديقة الشجاعة

    من الإنصاف أن أتوجه إليك بالتحية والمودة الخالصة، لأشهد على إرادتك بالمواجهة وعقلك الراشد في تحكيم الأمور، فلا تهزمك أو تنال من شجاعتك أوقات الشدة والمرض، وأنت تكتبين وتنشرين وتلازمين المشفى وغرف العناية بشجاعة عالية.

    ويصح فيك ما قاله درويش:” يداك خمائل ولكنني لا أغني ككل البلابل، فإن السلاسل تعلمني أن أقاتل… أقاتل … أقاتل”. يعطيك العافية ويجبر خاطرك يارب. وحمدا على سلامة هيثم وقلبه وعينيه.

    https://www.youtube.com/watch?v=bbp1o7mji0g

    الرد
  2. هيام فؤاد ضمرة

    صديقي العزيز الأستاذ ابراهيم يوسف
    صاحب القلب الرؤوف الشفاف

    كم أنت إنسان بالغ الإنسانية، وصديق مخلص لا تغيرك الظروف ولا طول الزمن، أصيل المعدن وذكرك بين الأنام كالمسك والعنبر.. ليباركك ربي ويسعد أيامك بأبنائك وأهل بيتك وأحبتك أيها الفاضل الأصيل!

    أستمد قوتي من رب رحيم يرأف ويلطف بعباده المتوكلين والمسلمين أمرهم إليه، ثم بالطيبيين ممن حولي من أمثالك، وإني أحمد الله أن جعلني بين زمرة من الأصدقاء والأهل الكرماء النفس المخلصين الذين يبلسمون الجراح بحسن خلقهم وكريم مواقفهم

    قلمي صديق وفيّ هو الآخر أهرب إليه في لحظات سعدي ولحظات ضيقي فهو يمنحني صدرا حانياً لأفرغ معتملي بما يدور بخلدي، وبما يدور حولي ويصيب أمة العرب.. أمتى التي إليها أنتسب وما يصيبها فإنه يصيب فؤادي في الصميم.

    أحمد الله وأشكره وأتعبده بإخلاص، رب عظيم يرأف بقلوب الأمهات أمثالي، أن تجاوزت محنتي مع مرض ابني وخروجه والحمدالله سالما، أسأل الله ألا يرمي قلبي بسهم الكلم نهائياً فأبنائي جزء أثير من روحي ولا احتمل أن يصيبهم مكروه، وأسأل الله الرحمة لقلوب كل الأمهات والآباء.

    كل أشكال الشكر وعباراته تقصر أمام كلماتك الرائعة وأمام مواقفك الكريمة فأنت الإنسان الممتلئ إنسانية وأنت عبق المواقف والداعم بكبرياء الواقفين على أقدام الاستعداد دوما وأبداً.. سلمت يداك وعيناك ومبادراتك السباقة.
    فشكراً لك كثيراً كثيراً

    فتحية عابقة بالعطر من الأعماق وسلام

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.