كاليدوسكوب بعد النملة؛ يستبيحُ سمعة الغراب

بواسطة | 29 أبريل 2020 | مقالات | 19 تعليقات

كاليدوسكوب
بعد النملة؛ يستبيحُ
 سمعة الغراب

إبراهيم يوسف – لبنان

في  تعقيب على الصديقة

إيناس ثابت من اليمن

عن نصِّها: نعامة وثعلب وغراب

نتيجة بحث الصور عن ‪le renard et le corbeau‬‏

لئن كان لكل حيوان رمز يليق به ويناسبه؟ وكان للأسد هيبة الملك وسيادة الغابة، ورئاسة المحكمة ورمز السلطة. والفيل أضخم الحيوانات بجسمه الهائل، وخرطومه الطويل وعاجه علّة انقراضه، وحقده وحدّة ذاكرته يحفظ موارد مياهه ورزقه، لكنه يتعالى على النملة. والنملة لحكمتها وعُذريتها وهزالها وحقدها على زيز الحصيد، صاحب القيثارة الساحرة والصوت الرخيم. تتهامس مع أخواتها لتأوي إلى بيوتها، خوفا من جيش سليمان نبيّ الجنّ والرِّيح.

والجحش لصبره على الشدائد الشتائم والجوع، وسمعته المستباحة في الغباء يندّد بها الآدميون، ومشاعره الجيّاشة ينادي بها أتانه المكحولة العينين، أو يلاحقها بعواطفه الصادقة المفضوحة بين ساقيه في الطريق، ويدعوها للحب ونداء القلب بنهيق أنكره وعابه عليه ربّ العالمين! بينما كليوباترا كانت تستعيض عن مستحضرات التجميل، وتربى إناث الحمير لتغتسل بحليبها فينتعش جسدها بالحليب. والبلقان تصنع أغلى وأفخر الأجبان من حليب الحمير. 

والجمل مركبتُنا وشُبهة تخلّفِنا والتنديد بنا. أمَرَ الله عباده أن ينظروا إلى أسرار خلقه. لا يمسك نفسه فتَبين في عينيه الدموع والحشمة في عواطفه وتعاطيه. شديد الصبر على العطش وسفر الصحراء الطويل، ومياه يحملها على ظهره لا يستفيد منها إلاّ بما يعينه على  نشاطه في خدمة الآخرين، وحقد يراكمه في قلبه وذاكرة لا تقلّ عما يبيِّته الفيل.  

والكلب لرهافة شمه وتعقبه المخدرات وطرائد الطير والمجرمين، وذكائه ويقظته في الحراسة وإنقاذ الغرقى، وتنبيه الأصم إلى قادم يقرع باب البيت وجرِّ الزّلاقات على الجليد. ووفائه كأفضل صديق “لسباستيان” الفتى الطيِّب الأمين؛ ولئن لم تصدّق؟ فسل زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، كيف شيّع صديقه ورفيق عمره، وكيف تلقى المواساة بعد مراسم الدفن بفيض من المعزين.”أوسكار” صديق عمره والشاهد المحظوظ على حضور اللقاءات وما يدور في الكواليس. رق له قلب البيك فتغمده بواسع حسرته وطيَّبتْ ثراه رحمةُ المعزِّين المحبِّين.

بالغ الغرب في احترام الكلب وتمادَينا في إهانته. نَصِمُ باسمه من البشر من نحتقره أو نعاديه، فندعوه لا فرق؟ بابن الساقطة أو ابن الكلب. ولعل منهم في الشّوف كما في الرّيف؟ من كان يردد في باطنه: الميّت كلب والعزا كبير. 

والاستهانة ليست أبدا بعواطف البيك أو قيمة الكلب، الإستهانة في نفاق الحاشية من المحيطين.. المطبِّلين المزمِّرين.

والذئب لأنَفَتِه وحدّة أنيابه وحذره الشديد، يغدو إلى الصّيد فلا يعود من الطريق التي سلكها في الرجوع. عزيز النفس لا يدنو من الجِيَف ويتركها للضباع؛ فلا يأكل إلا لحما طازجا مما افترسه منذ وقت قريب. متهم زورا بيوسف يكيد له إخوته ثأرا من أبيه. تسلل في فجر أيامي من غابة السنديان في صنين، ليقتل في حظيرة بيت علي حسين داود سبع نعاج في ليل بهيم. لم يغب عن بال الأخوين رحباني.. “وعيني ما يجيها النوم يا ديب”، فكرّماه بما يليق.

https://www.youtube.com/watch?v=OldIr3mW43I

والهرّ هذا الحيوان الأليف تلمع عيناه، ويرى عن بعد حبّة الخردل في الظلام. يلتقط بكفاءَةِ الرادار الإشارة الضعيفة والأصوات الخافتة، ويتمتع بقدرة هائلة على المناورة لاصطياد الطير والفئران. يتمطى ويستمتع بالكسل وهو يستلقي ويلعق فراءه للعناية بنظافته مستدفئاً تحت عين الشمس. لكن الإنسان تمكن من تدجينه منذ آلآف السنين.

هكذا تحوّل إلى حيوان أليف، تهواه وتعشق ملاطفته أيدي الجنس اللطيف. “والقطط لم تكنِ مَخْلوقَة قبلَ الطوفان، فلم تكنْ في عدادِ الحيواناتِ على ظهْرِ السفينة، ولكن حينَما انتشرتِ القوارضُ وأخذتْ تلتهمُ مَخْزونَ الطّوْفِ من الزادَ؟ أوحى الرَّبُ لربان السفينة نوح، أن يضربَ الأسدَ على رأسِه؛ وحينما فعل؟ عطسَ السَّبعُ وانحدَرَ من منخاريه زوجانِ من القطط ذكراً وأنثى. هكذا خُلقَتْ هذه الكائنات وتولتْ القضاءَ، على الزواحف كالفئران والصراصير”. 

تعدّدت أسماؤه من الهرّ إلى القطّ والسنَّور والبس بكسر الباء والخَيْدع والهَيْطل. ويذكِّرنا ببعض أهل السياسة ممن تستضيفهم قنوات التلفزة، فيتأنقون في الكلام واختيار المفردات، ويطلقون عليهم الألقاب الفخمة كالمفكر الكبير والمحلل العسكري والسياسي والاستراتيجي، وما إلى ذلك من الأثواب الفضفاضة التي تزيد عن حجم عقولهم وتحليلهم. ويحملنا إلى حكاية الأعرابي حينما غضب ورمى الهر من يديه وهو يقول: ما أكثر أسماءه وأقل ثمنه.

والحَمَل لوداعته وبرجٍ تُمَيِّزُهُ التضحيةُ والوفاء عن سائر الأبراج. اختاره رب العباد وحمله ملاكٌ من حدائق الرحمن فداءً لنذر إبراهيم أبي الأنبياء. والنمر لسرعة جريه خلف فريسته. والأرنب لجبنه وتعثره في النزول لا في الطلوع.  

والبرغوث الحشرة الطفيلية المقززة، تستبيح الجسم من شدة الحك.. فتدميه. والقملة توأم البرغوث أو درّة الرأس، كما كانوا يطلقون عليها أيامَ لويس الرابع عشر، ما دمنا نتحدث عن “لافونيتن” مفخرة الكتاب الفرنسيين.

وشراهة فم البرغوث مزود بشفرات كالمنشار، يجرح الجلد ويمصه فيسبب فيه القروح. وصاحبته العَلَقَة النّهمة الجائعة كالبشر.. وأكثر؟ تمصُّ الدماء فتقع دون أن ترتوي ولا تشبع. ثم أكلتني.. أو (أكولني) البراغيث في الصرف والنحو، لغة قليلة لطيء سميت بهم وأنكرها عليهم سيبويه العَلَمُ الفطين. والقردة أصل بني الإنسان.. لذكائها وقدرتها على تقليد البشر ومحاكاتهم في الاستجابة لغرائزهم، وسوء أدبها – أي القردة – في العلن لا في السر كما يفعلون. 

والرّيم “كابنة د. شوقي”؟ لوداعته وجمال عينيه وجيده وَرائحة مِسْكِهِ، ورشاقته وحيويته وسرعة جريه. والنحلة لنشاطها لقاء أجر زهيد. والجراد يعلن الحرب على المواسم ليعوي البشر من الجوع فيتيهون في البراري  والدروب. 

والبجع الطيور المؤنسة، يطيب لها في طريق هجرتها أن تحيينا من فضاء بلادنا، تذكِّرني بالحنين إلى  أول مراهِقة عانقتُها، وشعرتُ بنبض ثدييها الطفلين يتردّدان على صدري، وأنفاسها تلهب عمق كياني؛ كتلة متوهجة من  مشاعر الكون الأبديّة. معها بدأتْ سعادتي ومعها أفلت طيوري تطوي مسافات هائلة من أطراف الدنيا. نطلق عليها نيران مدافعنا وبنادقنا الحربية؛ ردا على التحية، إذ تمرُّ فوق أم الشرائع  بيروت، أرقى العواصم وحواضر المدن العربية. 

والنورس لحكاياه المؤثرة وجمال جناحيه يحن للأوطان، فيحلق للوداع فوق سفن المسافرين. والسنونو كما تقول حكايا الأمهات المؤمنات، قدمت إلينا من بلاد الرافدين شاهدة على كربلاء تخضّبت أعناقها بدماء الحسين، لتنشر على الكون الأنغام الحزينة من العتابا والمواويل. ورمز الحكمة البومة المظلومة؟ تخشى من اضطّهدَ أهل البيت تقول للمسلمين: قتلتم ابن بنت نبيكم فلا آمنكم على نفسي. والرايات السود ترفرف على مساجدنا ما شاء لها التاريخ.

والخيل لفيض مشاعرها وعزّها يبدو في عيونها وقوائمها، وفي أنفتها وتفانيها ووفائها في الإخلاص حتى الموت في هوى من يروِّضها. أبدع امرؤ القيس في وصفها، والمتنبي سخّرها ليمدح نفسه ويرضي غروره.. وتعاليه.

 أعدّها الله لملائكته فخصّ بها جبريل، يعتلي صهواتها تحتك قوائمها بالريح فتشرقط وميضا من لهيب، لينقل إلى الأرض بريد السماء. والطاووس لجمال ريشه وغروره وتباهيه. والنسر لثقته بقدرته وآثامه وعمره الطويل.  والهدهد لجمال شكله ونتانة عشه ووعده لسليمان والخبر اليقين، والسلحفاة لقوة الاحتمال والفوز في السباق الطويل.

والخفّاش لطيشه وعمى عينيه، وخسارة ريشه من فرط عجلته، وغبائه في اتخاذ القرار السريع، يتنازل عن ريشه ليتحول إلى وسادة وفراش لبلقيس، حينما جفاها النوم إثر قدومها إلى قصر سليمان. الخفاش المتهم بلا أدلة قاطعة بنشر الكورونا بلوى الشيطان على الأرض، بعدالة في التوزيع بين الأغنياء والفقراء. والثعلب لدهائه يرافق موكب السلطان ليكون من رجال الحاشية المقرّبين. لكن الغراب لم يكن غبيا، إلاّ في نظر لافونتين الكاتب الفرنسي التعيس.

https://assanabel.net/archives/1989
https://assanabel.net/archives/368


الثعلب؟ وكان يَضْغو مرة من شدة المشي والجوع. يسير لا يلوي على شيء تائها يجدُّ في سيره حاسر الرأس، حافيا يشعر بلهيب الرمل في قدميه، خاوي البطن يبحث عن خلاص. كلما جدّ في المسير اشتد جوعه وعطشه لما يرويه.

وما إن يطوي مفازة حتى يمعن في تيه جديد، وأفق خلاص يتراءى لناظريه من بعيد، وكلما قطع فلاة وأوغل في المسير؟ لاحت له فلوات بلا حدود، فلا يجد ما يقتات عليه غير الأمل والصبرالجميل. لكنه لم  يقنط من رحمة ربه أو يسلِّم أمره لإبليس، فواصل سيره وهو في حال من الوهن الشديد، يكاد في كل خطوة يلفظ معها النَّفَسَ الأخير.

 حينما تراءت له من بعيد دالية حبلى بعناقيد العنب، أشد صفاء وأشهى من لون الذهب، فراوده أمل بالخلاص من محنة الجوع الشديد، ووقف يتأمل العناقيد ويتلمظ بلسانه شفتيه. لكن الدالية كانت عالية أعلى من لهفة الثعلب للعنب.

هكذا بنى أمير الشعراء شوقي؛ حكايته عن الثعلب ليس في أي مكان آخر بل  في حلب. وكان شوقي طيّب الله تربته ومثواه، أصدق في مشاعره من لافونتين في حبه للأطفال، حينما كان يقرأ قصائده على مسامعهم، ويراقب ردة أفعالهم على ما سمعوه ليقرر قيمة ما كتب، لكن لافونتين التعيس انفصل عن زوجته ولم يكن ليهتم بطفله الوحيد. 

حِكاية عَن ثَعلبِ
قَد مَرَّ تَحتَ العِنَبِ
وَشاهدَ العَنقود في
لَونٍ كَلَون الذَهَبِ
وَغَيرهُ في جنبه

أَسود مثل الرُطَب

وَالجُوع قَد أَودى بِهِ
بَعد أَذانِ المَغرِبِ
فَهمَّ يَبغي أَكلةً
مِنهُ وَلَو بِالتَعَبِ


عالج ما أَمكنه
يَطلع فَوقَ الخَشَبِ
فَراحَ مِثلَما أَتى
وَجوفه في لَهبِ

وَقالَ: هَذا حصرمٌ
رَأَيتهُ في حَلَبِ

أما ما قلتِه في حكايتك يا صديقتي..؟ فمفيد للصغار والكبار على السواء؛ ولو كتبتِ الحكاية ببعض الفذلكة أيام ابن المقفع وأنوشيروان الملك ؟ لكانت حكايتك ربما إحدى حكايات كليلة ودمنة؛ وكانت الأستاذة الراقية إيناس ثابت من اليمن، قد دخلت التاريخ من أوسع الأبواب. فتصوري كيف خانك حظك العاثر؟ فلم تولدي في زمان ابن المقفع.  

 لكن لافونتين غفر الله له ولنا ولكل المصلحين في هذا العالم المنكود؟ لم يكتفِ باستباحة سمعة النملة والتشهير بقسوتها، وتَعَنُّتِها في حكايتها مع الجندب..؟ حتى كرّر خطأه واستباح سمعة الغراب وهو يتهمه بالغباء في حكايته مع الثعلب، حينما أوهمه بحلاوة صوته ليغني له ويسمعه. وهكذا تقع الجبنة من فم الغراب إلى فم الثعلب.   

والغراب في الحقيقة أذكى وأشد دهاء، ومعرفة بطبائع المخلوقات من الثعلب كما تصور لافونتين المغفل؟ وكان حريٌّ في اعتقادي أن يطرق حكاية الغراب والثعلب، كاتب أذكى وأشد حصافة من الكاتب الفرنسي الأخرق! 

ليروي الحكاية على نحو مختلف؟ كأن يبتلع الغراب الجبنة أولا. ثم يردّ على الثعلب بقوله: تَبَّاً لك من مغفل أبله! هل حسبتني أهبل مثل غراب لافونتين المتعنّت كالنملة وأكثر! حتى أفتح فمي وأغني نشازا لتسقط الجبنة في فمك!

أم حسبتَ صديقي الثعلب يخدعني ثأرا لنفسه، من حصرم خاله يوما عنبا في حلب؟ أم ناطور المتنبي وحقد المصريين عليه، قبل رحيله غاضبا من مصر يوم العيد إلى حلب؟ أم هي سناء موسى نجمة في سماء فلسطين، تشرَّفنا بحضورها الساحر الأنيق، وصوتها العذب الرخيم، لتشارك فيروز المهرجان وتضيء سماء بعلبك؟ فمنعها اليهود؛ لتتوجه إلينا بالشدو من فلسطين: يا رايحين ع حلب حبي معاكم راح يا محملين العنب فوق العنب تفاح. 

https://www.youtube.com/watch?v=jQT_JBeA7mk

وهل خطر لأحد أنني كنتُ مغفلا أو مغتصبا كالأتراك؟ حينما راودتهم أحلامهم بعدما انتزعوا لواء الإسكندرون من سوريا، وخالوا من جديد الحصرم كالعنب!؟ فلم تسقط في أيديهم  درة  الشام وعنفوانها وقلبها النابض في حلب. 

“أم حكايتهم مع صديقي؛ ثعلب آخر، تخرّج من أرقى الجامعات بالسياسة والدهاء، فأتقنَ فن الخطابة والاقناع، واستفاد من فرصة للسفر وشم الهوا خارج البلاد؛ فحملَ خطاباً بليغاً أعدَّه عن الحربِ والسلام، ليلقيه في بهو الباب العالي على مسامعِ السلطان، وحريمه في المسلسل “التافه”، تسلط على كثير من عقول “النساء” في سائر الأقطار. 

وحينما التقى على الحدود عسكر السلطان؟ أخبروه أنّهم في البلاد يستخدمون الحمير، (يرسلونهم) إلى “سفر برلك”، للسخرة وقضاءِ مصالحِ الرَّعيَّة وحَملاتِ الحرب. لكن حرس الحدود مهروا له جواز سفره ورحّبوا به وأكدوا السماحَ له بدخول البلاد، فلا ضيرَ عليه من الزيارة ما دامَ  ثعلبا، والسخرةُ  تقتصرعلى الحمير.. وحسب. 

لكنَّ الثعلبَ وهو أقل مكرا من الغراب وحاكم تلك البلاد؟ خافَ على نفسه وعادَ أدراجَه إلى الديار.. وعندما سألوه عن السبب..؟ قالَ لهم: سأتورطُ وقتاً أطول في الخدمة وأعمالِ السخرة؛  قبلَ أن يميزوا بين الثعالبِ والحمير.”

أما ترامب الغبي الأشقر؟ فيدّعي أن سوريا ليس فيها سوى الموت والرمال! هكذا يبرر انسحابه من الفرات، وهكذا  يتعرى الأميركي الأرعن، فيتراجع ويولي هاربا  مدحورا خائبا وهو يردد: هذا حصرم الثعلب رأيته يوما في حلب.

والرمال موجودة في ولاياته المتحدة، أكثر بمئات المرات مما هي الحال في سوريا، كالصحارى في أريزونا ونيفادا وأوريغون وإيداهو وتكساس، وصحارى كاليفورنيا ونيومكسيكو ويوتا ووايومنغ وغيرها، والرمال مادة لا تقل أهمية عن مقولة بترول العرب.. (للعرب)، في إنتاج “السيليكون” عصب الحواسيب وثورة صناعة العصر. 

ويبقى الغراب كما نص عليه كتاب الله المبين؟ حينما توسله ربه ليعلَّم الإنسان كيف يواري سوأته بعد أن قتل أخاه، حينما بَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيه كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِن النَّادِمِينَ؛ لعلها إشارة الله سبحانه اختار الغراب ليكون أكثر إنسانية من بني البشر.

والخلاصة أن الغراب لم يكن غبيا على الإطلاق، خلاف ما أشاعه لافونتين المغفل عن هذا الطائر الداهية بلون العتمة. يحمل الجوزة بمنقاره بدلا من قطعة الجبنة، ويرتفع بها عاليا ويلقيها في الفضاء لتنطلق من علو شاهق، وقوة “هائلة” ناتجة عن السرعة والزخم لترتطم بالأرض وتنكسر، وتبلغ هذه المرة فمه وليس فم الثعلب؛ وهكذا لا يقل ذكاء عن علماء الآلة والرياضيات، بإدراكه علم الحركة والتسارع في معادلة نيوتن التي لم تخفَ على الغراب!

والإشارة إلى الرابط بين الذهب والغراب صحيحة، لأنه يهوى ويسرق ما يلمع ويميِّز المرأة من الرجل لأنها تتزين بالحلي، ويجمع في عشه مختلف القطع والقماش الملون. ويدفن طعامه تحت الثلوج فلا يضيّعه مهما طال الزمن. 

الغربان تهاجم البشر في أستراليا

لكن أهم ما يميز الغربان؟ أنها تحفظ وجوه من أساء إليها ويشكل لها التهديد، وتعلِّم بالتالي غيرها من  ذات الطيور، كيف تتنادى فيما بينها وتنعق بأصوات عالية، إشارة إلى وجود المخلوق المسيء من تحوم حوله  الشبهة والشكوك؛ فلا تنساه لزمان طويل، وتدرك ما يمثله عليها من الخطر الشديد، فتهاجمه ولا تتساهل معه كما ثبت بالأدلة واليقين. 

أما سلوك الغراب فأهم ما يتّسم به، ويثير تساؤلا يبلغ حدّ الذهول حول ماهية الموت، فيقيم الطقوس الجنائزية والمناحة الجماعية على طيور الغربان النافقة، ويجري لها المآتم اللائقة المهيبة، التى لا تقام لضحايا الحروب. 

كاتب لبناني

19 التعليقات

  1. إبراهيم يوسف

    خالص مودتي واحترامي وتقديري على العناية والاهتمام من: واحة الفكر، مجلة معارج، صوت العروبة، منبر العراق الحر، والفكر، وعموم المواقع الأخرى التي نشرت النص، ممن أكرموني – أكرمهم ربي – بالتواصل معي وإشعاري من خلال البريد، أو بالإشارة المقدَّرة من خلال باب التعليقات في السنابل، والشكر أيضا موصول بموقع السنابل، قراء وكتابا وأسرة تحرير. رمضان كريم.. كل عام وأنتم بخير.

    الرد
  2. شهربان معدي

    “والإشارة إلى الرابط بين الذهب والغراب صحيحة، لأنه يهوى ويسرق ما يلمع ويميِّز المرأة من الرجل لأنها تتزين بالحلي، ويجمع في عشه مختلف القطع والقماش الملون. ويدفن طعامه تحت الثلوج فلا يضيّعه مهما طال الزمن.”
    وهكذا نصّك الباذخ، أستاذنا المخضرم، ابراهيم يوسف..
    جمعت فيه سيكلوجية الحيوان وسلوكياته، وركْزت على نقاط قوته قبل ضعفه..
    وبحجج قوية دامغة، وحرفية ذكية، وبإسلوب ابداعيّ عقلانيّ..؟ قلبت الطاولة
    في وجه لافونتين ووجه كل “العالم” لتُعيد للغراب كرامته المهدورة، كما أعدتها لزيز الحصاد المسكين، في نصّك السابق.
    لهذه الموضوعية والإنسيابية في النص..
    والبعد الإنساني العميق في تفسير سلوكيات هذه الحيوانات العاقلة، الذكية، رغم أنفنا..
    نرفع لك القبعات أستاذ ابراهيم..
    وإذ كان الغراب يجمع في عشه كل ما هو جميلٌ، متألق..
    ففي نصّك الأثير استاذي..
    جمعت كنوز سليمان..
    وأسرار الخلق..
    ولم تستثني البرغوث من مقالتك الطريفة..
    لتثبت للعالم أن الله قادر قدير..
    وأنه وضع “سر خلقه في أصغر خلقه”
    بوركت أستاذنا..
    وسلمت أناملك الخضراء..
    التي تصوّر لنا الحياة..
    بنظرة جديدة.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      الأستاذة شهربان
      الصديقة
      الكريمة المقدّرة

      هذا النبض الرائع النبيل على
      فكري ووجداني.. وودي
      يطالبني بإلحاح …؟
      أن أتوجه إليك بجزيل شكري

      عشتِ يا صديقتي، وعاش
      أهلوك وأصلك وفرعك
      عاشت دارك وديارك
      وإحساسك المتوهج الراقي

      لأنت والله صديقتي
      وسيدتي و”سدارة”
      أعتز بها وأرفع عاليا رأسي

      ولئن حالفني حظي
      “وحققت” بعض “النجاح”؟
      فأغلب الأسباب..؟
      لمن يحسن الاستماع كأفضالك
      رمضان كريم
      وكل عام وأنتم جميعا بخير

      أشعر بالقلق على مهند
      ابن الحلال الطّيب
      كتبت له مرارا ولم يجب
      ثم سألت صديقة مشتركة
      تقيم في الأردن
      ولم أتلق ردا على رسالتي

      الرد
  3. ماريا

    طوبى لكَ يا صديقي.. البجعة
    المؤنسة التي ارتاحتْ بحضنك

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      وصلني إشعار بالتعليق للتو
      وأؤكد للجميع
      بما لا يدع مجالا للشك
      أن أحدا غيري ليس معنيا به

      تعودت منها مثل هذا الكلام
      فلو راجع الجميع تاريخها
      بالتعليقات على نصوصي؟
      لتبين لهم بالتأكيد صحة ما أقوله

      كنت سأهمل الرد؟
      لكن ما وصلني حول التعليق
      حرضتني لأرد عليه بما ينبغي

      الرد
      • إبراهيم يوسف

        “والبجع الطيور المؤنسة، يطيب لها في طريق هجرتها أن تحيينا من فضاء بلادنا، تذكِّرني بالحنين إلى أول مراهِقة عانقتُها، وشعرتُ بنبض ثدييها الطفلين يتردّدان على صدري، وأنفاسها تلهب عمق كياني؛ كتلة متوهجة من مشاعر الكون الأبديّة.

        معها بدأتْ سعادتي وأفلت طيوري تطوي مسافات هائلة من أطراف الدنيا. نطلق عليها نيران مدافعنا وبنادقنا الحربية؛ ردا على التحية، إذ تمرُّ فوق أم الشرائع بيروت، أرقى العواصم وحواضر المدن العربية”.

        افترى علي أحدهم إفكاً وباطلا وبهتانا، واتهمني بالتعالى! وأنا في الحقيقة أشد “وداعة وتواضعا” ولينا من نعجة السيد المسيح. لأنني لا أملك حقا ما أتعالى به على الآخرين! وأجبته وأنا مشفق عليه من نفسه الأمّارة.

        بل أنت يا صديقي من لا يعرف قيمة نفسه؟ فمن عرف نفسه فقد عرف قيمته، ومن عرف قيمته فقد أحسن لياقته معي.

        الله يسامحك يا “صديقتي”. لا أريدك أن تقضي غيرة وحسرة وحسدا. هذا كله بسبب غيظ لا أعرف سببه!؟ أميرة مثلك لا يليق بها أن تقول ما قالته. وربما تعرفين أنني أملك من قدرة على الرد بما يجرح ويدمي.

        الرد
    • هاله

      أنتَ يا صديقي لست قصة من ألف ليلة
      بل أنت ألف قصة في ليلة واحدة
      وأعترف !

      .وأنت ِ؟
      أين صوتك ِ..لا أسمع لك همساً …لم تصمتين يا امرأة ..؟
      خائفة ..؟
      أم لا يحق لك رسم المشاعر
      واختراق ذكورية هذا الرجل ..؟
      وهل الجرأة في الكتابة والتحذير حكر عليه فقط ..؟

      الرد
      • إبراهيم يوسف

        مين دلّك بالهوى ع بيتنا؟
        مر النوى
        وكاس.. العذاب اسقيتنا
        وما ربحنا بعشرتك غير الألم
        حبيتنا وياريت ما حبيتنا
        https://www.youtube.com/watch?v=CXcfu752fzo

        السيدة الكريمة هالة
        العار يا سيدتي …؟ أن يتجرأ الرجل على المرأة
        لكن العيب أن تسكت المرأة على الإهانة.. هالة؟
        من الأسماء الجميلة التي أحبها وأحترم حامليها

        الرد
  4. عاشقة الأدب

    محبوب الكل إبراهيم

    اتخذت الكتب المقدسة من الحيوانات رموزا دينية ولعبت أدوار البطولة في حكايات وقصص الأطفال
    والذئب المسكين اتهمته أخوة يوسف ظلما وزورا فلم يعاتبنا أو يشتكي الظلم الذي ألحقه الإنسان به، وقيل أن غرابا أسقط التفاحة على رأس نيوتن فاكتشف الجاذبية.

    تفضل الغراب على نيوتن وعلينا..وتفضلت الحيوانات بإلهامك هذا النص البديع الذي أمتعنا وأبهرنا..وأثار غيرة البعض
    أصفق لك بحرارة..

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      عاشقة الأدب

      ليتكِ اكتفيتِ بالعشق وحده يا سيّدتي، أمّا وأنتِ مصرّة على الأدب أيضا؟ فدعيني أصحح لك بعض المغالطات. لم يكن الذئب يوما مسكينا يستحق الرأفة. ربما كان يستحق الإعجاب بسطوته على الإنسان أو حيوان من جنسه، وأن يتسلط على الأضعف. هذه طبائع المخلوقات أو إرادة الله في خلقه.

      وهكذا فلم يكن ليرحم النعجة أو الأرنب. أما الغراب؟ وأعني “غراب لا فونتين” الأهبل، فقد أسقط الجبنة من فمه لتقع في فم الثعلب..! والغراب في الحقيقة أذكى من الثعلب كما تقدّم.

      وتفاحة المعصية يا سيدتي، لم تتوسلتها حواء لتغري بها آدم؟ إلاّ حينما اكتشفت رخاوته، فتعرّت أمامه وحرضته أن يقضم التفاحة. وهكذا تركت فردوسها لتسقط معه إلى كوكب الرغبة والغواية. وتفاحة نيوتن المُلْهِمَة إنما سقطت عن الشجرة؟ بفعل الريح والحركة والجاذبية حينما نضجت.

      أما “إنّ” بالكسرة فتستخدم في بداية الكلام كقول جرير: “إنّ” العُيُونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ *** قتلننا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانا. وبعد فعل القول نحو: يَقُولُ النَّاسُ “إنَّكَ” خِنْتَ عَهْدِي*** وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَايَ وَلَمْ تَصُنّي. وهناك مواضع أخرى كثيرة تستخدم إن ليس ما يستدعي الإشارة لها. ومنها كما في الفقرة السابقة؟ وتفاحة نيوتن المُلْهِمَة “إنما” سقطت عن الشجرة حينما نضجت.

      الرد
      • عاشقة الأدب

        ألا يكفيه ظلم أخوة يوسف له
        لنظلمه اليوم بحجب حسناته ومميزاته
        التي وهبها الله له ليميزه بها عن سائر الخلق؟

        وهل تعرف ياصديقي أن الذئب من أكثر المخلوقات برا ووفاء بوالديه في شيخوختهما ومن أشدهما حبًا ووفاء لزوجه؟ وبعض البشر تفتقد خصال البر لأهلها والوفاء فيما بينها.
        أما عن سطوته على غيره من الحيوان
        فهناك من البشر من له أنيابًا أكثر وحشية ودموية منه.

        وقصة غراب نيوتن معلومة قرأتها في أحد الكتب المختصة في قصص الحيوانات.

        وقبل الأخير كل الشكر لعينيك تصوب أخطائي..مع ياسمينة حب وامتنان.

        الرد
  5. إيناس ثابت

    فتشتُ عن معنى كاليدوسكوب ووجدت ترجمته “مِشكال”. وعرفت أنه كان موجودا عند اليونان القدماء، وتم تطويره منذ قرنين، إثر تجارب أجريت لاستقطاب الضوء، ليتحول إلى متعة للعين.

    يعتمد المبدأ على انعكاس اللون، وأشكال تتجلى على مرايا متقابلة داخل أنبوبة، تتبدل فيها الأشكال الهندسية البديعة. كلما أدَرتَ الأنبوبة بين يديك، رأيت شكلا مختلفا عما رأيته من قبل.

    لعل الإشارة إلى العنوان؟ تختصر معنى تعدد الصور المستخدمة في النص، وما يتصل بالثعلب والغراب وسائر مزايا الحيوان والطير، لتحيط الموضوع بأوسع الصور. هذا فيما يتناول العنوان.

    وأما مضمون النص عموما؟ فهو متعدد الجوانب كحال المشكال، من مزايا الحيوانات إلى الحشرات وطبائع المخلوقات، ويعرّج ببراعة على الفن والسياسة واللغة والعلم… كل بمقدار.

    فيض من الإحساس بالوداعة غمرني وأنا أطالع النص، لا يجوز أن يختنق في داخلي، وقد شممت عطر كلامك فخدرني، واحتسيت معاني أفكارك فسحرتني وأربكْتَني، وأنت تكرمني وتضعني في مقام لست جديرة به. أنت أستاذي ومعلمي ومهما قلت عنك؟ أبقى عاجزة أن أسدد بعض ما لك عندي.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      الجميلة إيناس

      أنت مخلوقة رقيقة ولطيفة، وذكية
      وتستحق الاهتمام وعناية أفضل
      رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

      الرد
  6. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    يسعد كلّ أوقاتك، يا صديقي،
    كم أسعدتني بهذا الكاليدو سكوب العجيب.
    أخرجتَني، من حَجْري، ومن حُجرتي، إلى عالمٍ رحبٍ يضجُّ بالحياة.
    تنقّلتُ معك بين الكتب القديمة والأساطير والقصص والآيات وأجمل الحكايات
    أدخلتَ رأسي في صندوق الفرجة
    وفرّجت عن نفسي من عناء غربة الغربة
    وأحد المحبسين
    لن أتكلّم أكثر
    فهذا الفجر يهجم بحرّاسه،
    ويحرمنا من اليل الجميل الذي لا نريد له أن ينجلي
    ليلك الذي أشعلتَ أنواره
    بثقافةِ وعلمٍ وحكمةٍ
    وكلمةٍ أديبة
    تستحق رفع القبّعات وأطيب التحيات.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      أخي دكتورأحمد

      يسعد صباحك.. والمسا

      https://www.youtube.com/watch?v=YoYjCOc-rGU

      ميجانا.. يا ميجانا؛ وفي العراق مَيْحَانَة
      كلِّ العيون عيون وانتو… ريف عيوننا

      ديغول خبِّر دولتك..؟ باريز مربط خيلنا

      سمعتُ مرة؛ وكنت أتابع دورةً آلوِيَّةً في تولوز
      شلعوطا فرنسيا قاصرا يشتم ديغول ويتهمه
      بضياع رشده والخرف.. وآن له أن يرحل
      وتولوز نسيت أين تكون على الخريطة الفرنسية

      في زمن الوباء والحجر المنزلي البغيض
      والتقتير في المصروف، بعدما تدهورت
      قيمة الليرة ووصلت إلى القاع
      لم نعترض على رمزية (ديغول) كان اعتراضنا على عون
      وحسان دياب، وقبله على سعد الحريري… وآله أجمعين

      فتَراجع مدخولنا بحدة وبلغ مئتي دولار في الشهر
      لا تكفي الكهربا واشتراك المولد والهاتف والنت
      ومياه الشرب والخدمة أيضا، فما بالك برخاء العيش؟
      وخدمات بديهية! عجزت دولتنا العظيمة عن تأمينها

      وما زلنا نراهن على الإصلاح
      وصحوة “الضمائر”
      أو عدالةٍ تنتزع ولو بالقوة
      لا أحسبها ستأتي على دورنا

      دبرها ومالا دبارة *** ناس بتمشي لقدام
      وناس بترجع لورى* وهَوِّرْ يا بو الهوَّارة

      فاكتفيت بشتائم أطلقتها، وفششّت خلقي
      في قشرة البصل، التي لم تنفع ولم تجدِ

      وما أطلقته من اللعاب في وجه المصرف..؟
      لم يشعروا به وقالوا هاي: الدِّني عم تشتي

      الأوطان العظيمة..؟ تستحق رجالا
      عظاما بحجم شارل ديغول… مات
      على كرسي من القش في المطبخ

      وأوصى أن يقتصر تشييعه
      على أبناء ضيعته وأن يدفن في مقبرة
      عادية لا في الپانتيون…. ولا الإنڤاليد

      لكن السلطة الفرنسية خالفت
      وصيته وأقامت له جنازا
      في كاتدرائية نوتر دام
      شارك فيه معظم كبار العالم

      أما صعاليك الرجال فيدمرون الأوطان
      وفي هذا المقام؟ شطبت كلاما “خطيرا”
      ليتني لم أكن جبانا..؟ فأقوله ملء فمي

      أما سَفرتكم ؟ فلا ينبغي أن يضيعها الوباء
      “فاستمتعوا” بالسفرة جيدا يا صديقي
      وأصل المتعة؟ في الخردل من ديجون،
      والكاممبير وأصناف الجبنة من “پو”
      على سُفرة المكتب التاني إيام المغفور
      له فؤاد شهاب يرحم بيك.. ويرحم ترابو

      أما جبنة الكمون..؟ فتغيظون بها د. شوقي
      والخردل مع الخل يلسع الأنف فمن ديجون
      وأما حلال رمضان..؟
      فمن بوردو أو التوسكانا أو أقبية كسارة
      وللمرة ما قبل الأخيرة هوِّر يا بو الهوارة

      محرَّمتان قلبت الدنيا رأسا على عقب إياك
      والخمرة ولا تشتهِ المرأة! فلا تدخل النار!

      وجهنم عرف حسن حمادة كيف يستغلها؟
      للإفادة من طاقة نيرانها
      فيبني منها حضاره….. وهور يا بو الهواره

      وتبقى إطلالتك البهية هذا الصباح
      تحمل إلى قلبي التفاؤل والرجاء
      بأن الدنيا لم تزل بخير
      ولم تزل تغري بالعيش مع مساوئها

      وحق النبي ساما.. وقبته العالية
      ومكانته المشرقة تنير عتمة قلبي
      وسنديان السلوقي وضهر المغارة
      ورزق الله على الهوارة

      غيابك موحش يترك غصة في قلبي
      والعمر بسرعة الريح يجري
      وسهرات لا ضمانة لها أن تأتي

      لكنني لن أكتفي بهذا الرد الناقص
      فانتظر مني في القريب ما أنشره
      ونتحدث به أمام الناس
      مفروشا على البساط.. الأحمدي

      من جانبي…؟ يمرّ وقتي رتيبا مضجرا
      أمام الحاسوب أحيانا
      وأحيانا أساعد في المطبخ “أم عيالي”

      التي تلقت منذ سنتين أوركيديه بيضاء
      في عيد الأم من صديقة عزيزة علينا

      فداومتُ على العناية بها طيلة الوقت
      كرمال سمر.. الصديقة الرائعة
      وزوجتي أم عيالي عكازي في آخرتي

      فأزهرت في زمنَ كورونا للموسم الثالث
      ثلاثون زهرة بيضاء… بدقةٍ ما أحصيتُه

      وزرعتُ كثيرا من الريحان.. أو الحبق
      وقد احتفظت لكم بكفايتكم من البزور المؤصلة

      نتحدث بالتفصيل عن استخدام الحبق
      في النص الآتي بعون الله
      حيث أشرحُ للست أم عامر
      كيف تعدّ لكم طبقا من المعكرونة بالحبق
      على الطريقة الإيطالية
      وجبة كاملة معتبرة في رمضان؛ بتشهي

      نرجو لكم إقامة آمنة ومريحة وعودة
      سالمة إلى الديار.. وكل عام وأنتم بخير

      الرد
  7. ماريا

    أنا أيضا دفعني فضولي لأفهم ما يكون كاليدوسكوب؟
    ووجدته مرجا من الزهور، متنوع الأشكال والألوان
    يشبه فساتين النساء، وسراويلهن الملونة المبتكرة

    ما ألهب خيال الأستاذ فراس حج وهو يصف الأسود الحزين والأحمر الخمري، والزهري، المطرزة حواشيه بالأزرق
    فالنّيلي المنمنمة أطرافه بلون الشمع، وطعم اللوز والسكر

    جنة من الرغبات ومن بهجة الأشكال والألوان
    أضف إلى هذه المشاهد؟ الإباحة وفاحشة
    ما جرى في غرفة النوم وصديقته تتجسس عليه

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      لا أجد نفسي مطالَبا بالرد، ولم أكن في الحقيقة أتوقع هذه التعليقات المختلفة، التي تناولت الموضوع من مختلف الجهات، والتي أشعرتني بالغبطة.. ويكفي.

      الرد
    • دينا تلحمي

      وبين سحر الجرأة وشرف الكلمة يسكن تيه المرأة في الكتابة .. !

      الجرأة في الكتابة فن خطير خصوصاً إذا سقطت عن حروف الكاتب رائحة الأدب, فتصبح الرسالة العطرة مغامرة خطرة ..إلا أن الأستاذ فراس كاتب فلسطيني مبدع وناقد متمرس ومتميز ،أراد إيصال رسالة عميقة لكل من الرجل والمرأة ، رسالة مستترة يبحث عنها القاريء ويفهمها وفق هواه وثقافته بين ثنيات وحروف هذا السرد البديع .!

      الرد
      • إبراهيم يوسف

        الصديقة الكريمة دينا

        من جانبي لم أعترض على ما قاله أو ما قلتِه يا صديقتي، فلم أعلق أو أبدِ تحفظا يخدش أو يسيء، والأستاذ فراس لا يبدو أنه معني بالرد أوالتعليق وهو أدرى “بمصلحته”. أما أن يكون كاتبا فلسطينيا مبدعا وناقدا متمرسا؟ فهذا ما آمنت به مذ تعرفت إليه. خالص مودتي وتقديري.

        الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.