قشرة بصل
إبراهيم يوسف – لبنان
يِسْعِدْ صَباحكْ ها الحِلو يَلْ إنتْ للدّنيا صَباحْ
رووسِ الجْبالِ تْكَحَّلوا بالنُّورْ وْتْنَفّضْ جَناحْ
بُلبُلْ حِلْوْ ياما إلو صابِرْ على جْنُوْن الرِّيَاحْ
عَرَّمْ بِرِيْش اللي بَلّلو قطْرِ النَّدي تَرْغَلِ وْصاحْ
لبنان يا قطعة سما إسْمَكْ على شفافي صلا
ولو انَّكَ أوْهَمْتَنا! وخابتْ آمالنا بلبنان؟
يِسْعِدْ صباحك، وطيَّب اللهُ ترابَ مثواك
https://www.youtube.com/watch?v=Lncu8zJpuY4
جانب الإدارة الكريمة في المصرف اللبناني للتجارة – الفرع الرئيسي
المستدعي: إبراهيم يوسف: هاتف رقم / 01652136 /
الموضوع: الإفراج عن جزء من وديعة بالحساب الجاري رقم /266166/
باشرتُ التّعاملَ مع مصرفِكم الكريم خارجَ البلاد منذ العام 1976، وكنتُ راضياً حقّاً عن التعامل معكم حتى الأمس القريب. لذلك يشرِّفني أن أتوجهَ إليكم بخالص مودّتي واحترامي؛ إذ أتقدّم بطلبي في ظلِّ الأزمة الاقتصادية الضَّاغِطَة، راجيا من إدارتكم الكريمة، وقد جدّدتُ تعاملي معكم في بيروت وفي فرع الغبيري بالتحديد، أن تتفضلوا بصرف خمسة آلاف دولار من وديعتي، لم يستجيبوا لدفعها في الفرع المذكور. لكنهم وعدوني بالعودة إلى إدارتكم وأن يُشْعِروني لاحقا بالنتيجة، وقد مَضَى أسبوعان ولم أتلقَ ردّاً من الفرع، يبلغوني فيه عن قراركم بهذا الشأن.
وغنيٌ عن القول إن أي مسؤولية أولاً وأخيراً لا تقعُ على عاتقي، لأنني لستُ سبباً في الأزمة الاقتصادية الحاصلة، ولا تعنيني فضيلةُ أو عيبُ البنكِ المركزي، ولا سوءُ الإدارةِ العامّة في البلاد وما آلتْ إليه الأوضاعُ الاقتصادية. فعلاقتي كانت ولا زالت تنحصرُ بكم، دون سواكُم من سائرِ الإدارات، التي تتقاذفُ المسؤوليات ولا تعنيني بشيء.
ويبقى الأهمّ أن تمنعَني قواعدُ الأخلاق العامّة، فلا أتحوّل إلى المناكفة والتجريح، للتفريج عن أزمتي وضيقي، ما دامتْ القوانين المرعيّة، تضمنُ حقوقَ الناس وتفصلُ بينهم، والقوانين إيّاها لا تُجيزُ لكم محاصرة وديعتي.
مهما يكنِ القرار فلن ألجأ إلى أسلوب التّشهير. في وقت بات التّنديدُ لا ينفع ولا يجدي، وكلُّ حسابي لديكم لا يزيدُ عن ثمنِ سيارةٍ شديدة التّواضع. فأرجو “والرجاء” أعلى مرتبة من التمنّي، أن تدفعوا لي من حسابي خمسة آلآف دولار لزوم سفري إلى الخارج، لأسبابٍ تعنيني ولستُ مُلزماً أن أشرحَها أو أكشفَها لكم للرّأفة بحالي. أرجو الاستجابة لطلبي بالسرعةِ الممكنة فلا يتأخر سفري. أمّا في الجانب الشّخصي وهذا مهمٌّ لي ولكم أن تعرفوا؟:
إنني مواطنٌ في مواصفاتِ الحَمَل وديعٌ وضعيف. مترددٌ وكثيرُ الهَمّ والشّكوى وأغرقُ في شبرٍ من الماء. هكذا تحوَّلتُ بتأثيرِ ما ألَمَّ بنا من أربعِ رياحِ الأرض في الشرقِ والغرب، وما رأيتُ من فظاعةِ الجهلِ والحقدِ والحرب.
هشٌّ وسريعُ الانكسار لا صبرَ لي على الشدائد. بكيتُ في طفولتي بسببِ الخوفِ والقهر، ولم تَخُنِّي دُموعي في كِبَري بفعلِ القسوة، والمواقفِ المُحْزِنَة والهزائِم وأفلامِ الهندِ العاطفية، وكيفَ ضاعَ جنى العمر هَباءً يا ولدي.
أدَّيْتُ بالحدّ المُمْكِن واجبي في خدمةِ العَلَم، وتعلمتُ كيفَ أحترمُ إشارةَ المرورِ، وأمشي للسُّتْرةِ إزاءَ الحائط على الرّصيف، فلا أخالفُ القوانين ولا أتهرَّبُ من دفعِ الضرائبِ والرسوم، وأسدِّدُ لدولتي التي أحبّها من قلبي، ما يستحِقُّ في ذمَّتي من المالِ العام، بلا مِنَّةٍ ولا نقمةٍ مني ولا إحساسٍ بالغبنِ، ولا مماطلةٍ أو مخاتلةٍ ولا تسويف.
أخافُ ربِّي وأسبِّحُ بحمدِهِ وقتَ المَسَرَّةِ والضِّيق، ومسموعاتي محمودةٌ بينَ الناس والحمدُ لله. صحيحٌ أنني لم أصُمْ يوما أو أصلِّ. لكنني لم أتمادَ كثيراً في ضلالي، فلم أقتلْ ولم أسرقْ ولم أشهدْ بالزُّور ولم أسببْ تعاسة لأحد.
لا أضمرُ إلاّ الخيرَ للجميع لا أستثني أحدا. اعْتَنيتُ بتربية أولادي وتعليمِهم وتَسْفيرِهِم، وبذلتُ جهداً شاقاً فتمكنتُ من مواكبةِ ما أحتاجُهُ من حضارةِ العصر. أمينٌ في عملي، مخلصٌ لأسرتي وأصحابي، أحبُّ بلدي وأبناءَه بلا تمييز، وأصفِّقُ طويلاً لمناسبةِ الاستقلال إبان العرضِ العسكريّ، وأردِّدُ النشيدَ الوطنيّ بالصوتِ المرتفعِ العالي.
فواتيرُ المياه أدفعُها في مواعيدِها وألتزمُ الأمانةَ في عدَّادِ الكهرباء. أتصدّقُ على الفقراء فلا أميِّزُ بين هندوسِيّ وسرياني. لا أحتفظُ لنفسي بمالٍ ضائعٍ وجدتُه في الطريق؛ فأدُسُّه في صناديقِ الصدقاتِ وما أكثرها في بلادي.
إبَّانَ الحربِ الأهليةِ على الامتيازاتِ بين مختلفِ الطوائفِ والعقائدِ والمِلل، تمسَّكتُ بإصرارٍ على البقاءِ في أرضي، وبقيتُ على الحياد فلم أشهرْ سلاحاً في وجهِ أحد، ولم أغادرْ إلى أمكنةٍ أكثر أماناً كانت متاحةً في بلدانٍ عديدة.
أشعرُ باْنتِكاسِةٍ عاطفيَّة وغصّةِ في حلقي حينما أتناولُ طعاماً وفيراً، ويخطرُ في بالي أنَّ على أطرافِ الأرضِ في دنيا المجاعات، هيكلاً لطفلٍ آدمي من جلدٍ وعظم وعينينِ جاحظتين ورأسٍ بارز، يحومُ على وجهِهِ ذبابٌ أزرق يستعجلُ موتَه، فلا تسعفُه القدرةُ على المشي ليزحفَ على بطنه، ويحصل على كِسْرَةِ خُبْزٍ من الأمم المتحدة.
لذلك وبناءً على كلّ ما تقدّم أرجو للمرة الثانية، أن تُفرجوا لي عن خمسة آلآف دولار من وديعتي المتواضعة لديكم، هي كل حاجتي في الوقت الحاضر. أتمنى الاستجابة لطلبي بأن تدفعوا هذا المبلغ الزهيد الذي يساوي في حساب الغير، ما تقل قيمتُه عن سعرِ بعضِ الأحذية وربطات العنق، وسامحوني إن قلت ما يستدعي اعتذاري.
أمَّا وإني قد طالبتُ بحقّي وقلتُ بعضَ ما في خاطري، دون أن أسيءَ تهذيبي أو أنفعلَ وأرفعَ صوتي في النقاش معكم، لأقنعكم أن تستجيبوا لطلبي، فأرجو ألاّ أعود إلى فراشي الليلة وقلبي مثقلٌ بالهمّ كيف سأتدبر أمري.
ولأن المصرف تجاهلَ حاجتي ومعاناتي، كمُوْدِعٍ “تافِه” لم يُهَرِّب “أموالَه”، وأساءَ لياقَتَه معي بِعَدَم واجبِ الرَّد على “الْتِمَاسي”، فلم يستجبْ ولا ردّ سلباً أو إيجاباً. باتَ من أبسط قواعد الحقّ إصراري على المطالبة، أن أسترجعَ مالي “كلّه”، وأسحبَ ثقتي واحترامي وأملي، ليس من مصرفكم فحسب؟ بل من مستقبل الوطن كلِّه.
بلادٌ ساحِرة خرَّبها ساستُها وإداراتُ دولتِها. والمصارف أشدُّها فتكاً وفساداً وتعنُّتاً وعمالة، حينما نهبتْ أموالَنا ولم يعدْ من أملٍ بهذا الوطن الذي دَمَّرَهُ حكّامُه ومصارفُه وبنوه، إلاّ الإعلان دون رِياءٍ ولا مواربه؟ أن لبنان بلدٌ سائبٌ ومنكوب، انقطعَ منه الرّجاء فلا يحكمُه ضميرٌ ولا قانون. ولم يعد يساوي من أوله إلى آخره قشرة بَصَل.
والمؤسفُ المُحْزِنُ المُخْزِي جنبا إلى جنب؟ أن تتحولَ إلى الدولار معظمُ ودائعِ الناس في لبنان، لِعَدَمِ الثّقة بساستِه وحُكّامِه ومستقبله. تبلّغوا وَبَلِّغوا سيِّداتي آنساتي سادتي من المهاجرين والمقيمين؛ أن لبنان بلدٌ سيءُ السُّمعة، خسرتِ المراهنةُ على إصلاحِهِ وعلى أرزِه ورمزِه وأعلى قِمَمِه؛ بسبب ساسته المرتكبين الفاسدين الفاجرين.
لذلك؛ أرفعُ يميني عاليةً وأقسمُ بالله العظيم، أنني أقولُ الحقَّ ولا شيءَ غيرَ الحقّ، أن أتنازلَ طوعاً بلا أسفٍ أو ندم عن لبنانيّتي ومَرْقَد عَنْزَتي، فلا أشعر بالمَهانة وأنا في آخرِ خطوةٍ من نهايةِ مشواري. والبَللُ الذي تشعرونَه لم يكنْ أبداً بفعلِ المَطر؟ بل بسببِ الّلعاب المُقْذوف وَوُسْطَى الأبَاخِسْ، التي خَضَّبَتْ وُجُوهَ من فَقَدوا كرامتَهم.
حسناً فعلَ رفيق شديد.. أبو عماد؟ عندما باعَ بيتَه في عرمون بقلبٍ مقروح، واتّخذَ قراراً نهائياً بالبقاء في بلاد العمّ سام. وأصابَ راضي السبلاني، حينما هجرَ بلدتَه مع زوجتِه والتَحَقَ بأولادِه في كندا. وطوبى لجارِ الرِّضا عباس غصن بالبقاءِ في المقلبِ الآخر من الأرض. هذه عينةٌ من عشراتِ ملايينِ المهاجرين في كل بقاع الأرض.
لبنان هذا الوطنُ الجميل لم يَعُدْ للأوادم. بعدما تحَوَّلَ أنبياؤه إلى خونة وشياطين، فلا تُراهنوا بعدَ اليوم على الإمامِ الأوزاعي، وَرَفْقَة ومار شربل وجبران، وسَامَا النَّبي. أنصحُكُم لوجه الله أن تحتفظوا بأموالِكم في بلادِ الاغتراب،”حتى” تستقيمَ أحوالُ البلاد. إيَّاكم أن تُحَوِّلوها لنا لإنعاشِ الاقتصاد لكي لا تتعرضَ للنّهبِ والخسران.
إبراهيم يوسف العبدُ الفقير لله وأنبيائه، والدّاعي لكم وللبنك اللبناني للتجارة وعموم المصارف، وأهلنا في الوطن وأطراف الكون، بطولِ العمرِ والمزيدِ من النّجاح. وأخصّ بالتحايا من بلاد الأرز في لبنان بأعلى درجات المودَّة والتقدير، أخي وصديقي الدكتور أحمد شبيب دياب، الذي ما انفكّ يراهنُ على إصلاحِ ذات البين وتسوية الأمور.
“إﻥ ﻣﻮﻃﻨﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﺫﺍﻙَ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱّ ﺷﺨﺺ، ﻭﻳﻘﺒﻠﻨﻲ ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﻳﺤﻤﻴﻨﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻲّ ﻭﺃﻋﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺪﺙ”
ﺃﻧﻄﻮﻥ ﺗﺸﻴﺨﻮﻑ.
وخيرك دافق علينا..
ونواياك الطيبة..؟ التي تعطر نصوصك الباذخة
والتي اعتدنا على شفافيتها وإنسانيتها؛ وصدّق معانيها.. ليتها دولتك الموقرة، تدرك ما أدركناه نحن من سعة فكرك، وعفة نفسك، ورقيّ روحك لكانت أضافت لدولاراتك الأسيرة، خمسة آلاف أخرى، هبة لأديب مرهف، لبيب، وقلم عصاميّ، جريء، يقول الحق ولو على قطع رأسه، ولكن هكذا حال عروبتنا المجيدة، لا تكرم مبدعيها.. كما يليق بمستوى الأمم الراقية، التي ترتقي بارتقاء مبدعيها وأدباءها.
وحتمًا تصغر الدنيا في عين المواطن؛ وتصبح لا تساوي قشرة بصلة، عندما يفقد الأمن والأمان، ولقمة العيش الكريم، في وطنه الذي أحب فيه الشجر والحجر، وكل ذرة تراب.
الله يفرجها علينا وعليكم أستاذي؛ في هذه القوقعة الأرضية التي حكمتها الرأسمالبة والنرجسية، وضاع فيها حق المواطن العادي البسيط.
دمت لنا منهلا عذب الموارد.
وشمعة لا تخبو، في موقع السنابل الراقي، الأثير.
أ/ شهربان معدي – الجليل
“حَبَبْتُكَ قَلْبي قَبلَ حُبّكَ من نَأى
وَقد كانَ غَدّاراً فكُنْ أنتَ وَافِيَا
وَأعْلَمُ أنّ البَينَ يُشكيكَ بَعْدَهُ
فَلَسْتَ فُؤادي إنْ رَأيْتُكَ شَاكِيَا”
لئن كانتِ الأواني تنضحُ بما تحتويه؟ فوعاؤكِ يا صديقتي يفيضُ صلاةً رقيقة لها مفعولُ السِّحرِ والخمرِ على القلوبِ الصّلدة، يروِّضُها ويتحكّمُ فيها ويضيِّعُ رشدَها؛ ولا يتركها مهما استغاثتْ دون أن تجدَ من ينجدها.
أبصمُ بالعشرة أنك كاتبة متألقة، ومخلوقة كريمة من أصلٍ طيِّب، تستحقُّ الصّداقة وأعلى مراتبِ التقدير والمودة. تطولُ أظافري قليلاً؟ فأشعرُ براحةٍ تامة إذ أقلِّمُها على حدودِ اللحم، فلا أخدشُ بها كرامة ولو مُدانة. لكن كَيْلي فاضَ وقلتُ ما قلتُه لضعف استَبدَّ بي وهزمني؛ ولستُ مُسْتَغْفِراً ولا نادماً أو مُبَرراً لغضبي، ما دام الغضبُ مقدَّساً.
“وطني الحُبُّ ليسَ في الحُبِّ حقدُ”.. لكن الوطن ناسٌ وأنظمة عاقلة ومُنْصِفَة تخافُ الله وتخشاه، قبل أن يكون طبيعةً ساحرة من أرضٍ أو جبال وسهولٍ ووديان.. “لي صخرة علقت بالنجم أسكنها طارت بها الكتب قالت تلك لبنان”. فلتغفر لهم يا أبتاه؛ حينما خرّبوا هذا الوطن الجميل وحولوه إلى أنقاض، وهم لا يخجلون مما يفعلون.
https://www.youtube.com/watch?v=GhmjRQP3XvQ
الأستاذ الكريم إبراهيم يوسف
العديد من المقالات كُتبت للتعبير عن الخلل و إصلاح الأحوال، وتقويم الاعوجاج الواضح حتى للعميان. و”قشرة بصل”.. رسالة تستوجب الاهتمام، أرجو أن يصل صداها إلى المعنيين، وأن تؤخذ بعين الاعتبار، ويتم العمل على تنفيذها كونها حقا من حقوقك. وألا تصم عنها الأذان فينطبق عليها بيت الشعر: لا حياة لمن تنادي.
لعل الرد يأتي لاحقا في مكان آخر؟ وتتم الإشارة إليه في موعده.. مودتي
هذه مقالة اسطورية توثيقية فريدة وستدخل سجل الأدب السياسي التاريخي وفيها براعة تعبير مباشرة ومجازية آخاذة وقد قمت بنشرها على صفحتي بالفيسبوك وعلى تويتر…
مهند النابلسي
كنتُ على أطراف الماضي البعيد، زمان المدرسة وإقامتي في مدينة زحلة، أجلس مع صديق لي في مقهى من مقاهي البردوني في وادي العرايش، وكانت إلى جوارنا أسرة تراءى من لهجة السيدة وسمرتها وبدانتها؟ أنها من بعض دول الجوار؛ حينما نادت النادل بإشارة من يدها، لتسأله وهو يحمل بين يديه طلبا لطاولة أخرى، إن كانت المياه نظيفة ويمكنها أن تغسل يديها في حوض إلى جانبها؟ فما كان من النادل إلاّ أن تناول كوبا من بين يديه، فيملأه من مياه الحوض ويشرب، ثم يبش في وجه السيدة قائلا لها: بل هذه المياه التي نشربها يا سيدتي.
“كن غديرا يسيرُ في الأرض رقراقا ** فيسقي من جانبيه الحقولا”. هكذا يتكوَّن نهر البردوني في زحلة من عصارة الثلج في صنين، وينحدر رشيقا صافيا من خلال مُتَنَزّهات وادي العرائش غربي المدينة، ويُكَوِّنُ رافدا رئيسا من روافد الليطاني، يروي على ضفتيه زهر الأقحوان والدردار جنبا إلى جنب، ثم يكمل طريقه ويمضي شرقا ليروي حقول البقاع، قبل أن تعود القطرة إلى بحرها بعد ما يزيد على مئتي كلم، فيصيبه ويصيبنا تلوث الصناعة وشتى أنواع المياه الآسنة والمبيدات، فلا تعود مياهه صالحة ليس للشرب فحسب.. بل لغسل الموتى.
أنت يا صديقي بعض مياه البردوني قبل التلوث، يسقي الأزهار على ضفتيه ولا يبخل على الأشواك فيرويها؟ ولئن كان هناك حيِّز بسيط بين حسن الإدارة والتقتير، أو بين الكرم والتبذير؟ فهذا الحيز قائم أيضا بين الثقة بالنفس.. والغرور. وعليه فلا ينبغي أبدا أن تستخف بحالك، أو تقلل من شأنك خيِّ مهند.. وأنا أعني فعلا ما أقول.
صديقك الدكتور شوقي أصرَّ، أن أفتح لي حسابا على الفيس بوك، لأنشر ما أكتب. أمّا وأنك أكرمتني أكرمك الله ونشرت المقالة نيابة عني؟ فقد وفّرت علي عبء متاهة الفيس بوك، وما يترتب عليه من مستلزمات إضافية.
أخيراً أرجو أنني حققت ل “دينا” ولو قليلا من رغبتها في الرد على الأخ الصديق مهند، بما أسعفتني قدرتي وفكري. هذه الصديقة المُكرَّمة من فلسطين، التي يسعدها حينما أتوجه بالحديث إلى واحد من بلدها دون الآخرين.
اخلاق عالية
وروح مرهفة
يظهر إبراهيم الإنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى
لكن اين مكان الإنسانيه بوطن أصبح للخاصة … مُلك للتجار فقط
كوطني ” بلادٌ ساحِرة خرَّبها ساستُها وإداراتُ دولتِها”
كم يعاني الشرفاء في وطن محتل ليس سياسياً بل مقيد بإدارة تُحيل قضية الوطن الى ملك خاص
كم عانيت وكم نعاني في اوطانناً
وتبقى جميلاً رقيق القلب طيب الكلمة وسط كل ذلك
أ / إسراء عبوشي
الخيبة أشد ما يواجهه الواحد منا بفعل الخلل، في سياسة البلاد القائمة على التقاسم الطائفي، والسلطة التي تستولد نفسها في كل انتخاب، في ظل قانون انتخابي فاسد تقرره السلطةعلى الدوام. هكذا يتحول حكام البلاد إلى منتفعين ومرتكبين وتجار، بفعل الطائفية البغيضة التي فاقمتها وزادت من انتشارها قلة الوعي ووسائل العصر، فانعكست على “المحرومين” من عامة الناس.
والمؤسف أن يكون هذا البلد الصغير ذات يوم، وطن الفكر والأدب والإبداع، ويأتي من هؤلاء المفسيدين من التجار من يخرب وطنا ساحرا كلبنان، في نزاعات تتجدد كلما دق الكوز بالجرة منذ “الاستقلال”، حتى بات أمامنا من كانوا وراءنا في الديار. خالص مودتي عزيزتي إسراء.. كوني دوما بخير.
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2020/02/07/513017.html
سلام وتحية ولقد قمت بنشر هذا المقال اللافت في موقع دنيا الوطن الفلسطيني ومرفق اللنك للاطلاع!
كل الشكر إلك خيِّ مهند، يسعد صباحك يا رب ويطول بعمرك.