سِرَاجُ الّليْلْ (إبراهيم يوسف)

بواسطة | 13 سبتمبر 2023 | شعر | 16 تعليقات

سِرَاجُ الّليْلْ

إبراهيم يوسف – لبنان

في طَلْعَةِ القَمَرِ
يا بَهْجَةَ النَّظَرِ
يا صَبْوَتي في عُزْلَتي
بِلا يَأْسٍ وَتَبْكِيتٍ 
وَلا ضَجَرِ

سَكَبْتُ مَواسِمَ كَرْمِي
لَيْلاً مِنْ وَلَهٍ وتَوْقِ
وَخَمْرِ

يَا شَقْوَةَ الطَّيْفِ
في لَيَالِي البَرْدِ
والصَّيْفِ
وَلَهِيْبِ الصَّدْرِ
والثَّغْرِ

يا لَهْفَتي على حَالِي
مِنْ سُلافِ العِشْقِ
في البَالِ
من نَشْوَتي
الكُبْرَى
وَجُنونِ المَوْجِ 
في قارَبي وَبَحْرِي

خَلْفَ أسْوَارِي
هَبْنِي قليلاً مِنْ رَاحَةِ 
الفِكْرِ
ولا تُطْفِىءْ جَذْوَةَ النَّارِ
في مَدَى البَاقِي
مِنَ العُمْرِ

عَلَّيْتُ  بُنْيَانِي
في وَجْهِ خُلاّنِي
وَرَاحَ حُسَّادِي
يَفْشُوْنَ أَسْرَارِي

فَمَاذَا بَعْدُ أَخْشَى
مِنْ سُوْءِ مَا يَغْشَى 
دَرْبِي
مِنَ هَوْنٍ وَإنْكَارِ

فسِرَاجُ الّليْلِ يَخْبُو
في عَتْمَةِ الّليلِ
من شِحِّ الزَّيْتِ
وَصَمْتِ أوْتَارِي 

فَلا يُضِيءُ
دَّرْبَ التَّائِهِ السَّارِي
يَمْضِي
مُسَرْبَلاً بِمَرارِةِ العَيْشِ 
وسُلْطانِ الخَزْيِ والعَارِ

كاتب لبناني

16 التعليقات

  1. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    والله يا أستاذ ي الكريم وصديقي الغالي ابراهيم يوسف:
    كلّما أبحرت بعيداً،
    ونظرت إلى قناطر الشعر في بيروت العتيقة،
    علمت عنها أكثر مما كنت أعلمه حين كنت غارقاً في ثنايا حنانها.
    لا زالت نون النسوة،
    ونون التوكيد،
    ونون الحنان،
    ونون الجبين،
    ونون النهد،
    ونون النحن،
    بجميع صورها وبأيدي أبدع الفننانيين
    لا تساوي شيئاً عندي أمام نون طبعٍ ناضجٍ من التين
    جعلتُه رمزاً للحب وللجنس.
    وكيف لآلاف الحبيبات من بذر التين أن تحبل
    وكيف لها أن تنتج لنا تينةً طيّبة
    ليست كتلك الحمقاء التي أعجبت بنفسها فسلّمتها الريح للوح القدر.

    لست بناقدٍ ولا ناقرٍعلى دفّ،
    ولكني،
    وبعد أن تناءت رحلتي عن منطلقي،
    صرت أطالب نفسي بأن أفهم.
    كنت أرتشف الدنيا رحيقاً مسكراً،
    دون محاولة فهمٍ لمعانيها،
    كطفلٍ نائمٍ على ثدي أمّه
    غير عابئٍ بماهية الأمومة ولا بأسرارها.

    لا بدّ لي من إعلان شعورٍ غامضٍ
    عن مقطعٍ تردد في وِجداني قبل أن يتردّد في ذاكرتي:
    عَلَّيْتُ بُنْيَانِي
    في وَجْهِ خُلاّنِي
    وَرَاحَ حُسَّادِي
    يَفْشُوْنَ أَسْرَارِي
    أقول:
    وكيف لنا أن نتسلّق جدران قلاعك العالية
    لنكتشف أسرارها
    ونحن في حديقة القصر نلم للحبيب بعضاً من عطر الزهور.
    إنها أسرارك، يا سيّدي، بين أيدينا،
    تفيح صفاءً ونقاءً ورقةً،
    فتجعلنا نحسد أنفسنا على استضافتنا بين الحين والآخر في حديقة قصرك الزاهرة. ولولا النعس لما توَقَّفت.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      حبيب قلبي أبو عامر

      قد غِبْتُ عنهم ومالي بالغيابِ يدٌ
      أنا الجناحُ الذي يَلْهو بِهِ السَفَرُ

      يا طَيِّبَ القَلْبِ يا قلبي تُحَمِّلُنِي
      همَّ الأحِبَّةِ إنْ غابُوا وإن حَضَرُوا

      https://www.youtube.com/watch?v=zFRr4UuI0ms

      أنت يقظ وصاحٍ يا صديقي ولمّاح..؟
      حَذِرٌ قليلا في التعاطي مع الاستفزاز
      لكنك شديد الملاحظة والانتباه
      حينما تكتشف وجها من وجوه النون
      لم يخطر لي على بال
      ولو أنك أغفلت نون اللبن ونون نزار!؟

      وخيبته مع التين المجفف اللذيذ
      وقوله “الفوفاش” الجميل:
      نهدُها حبَّة تينٍ نشفتْ رحمَ الله زمانَ الّلبنِ

      هذه أيضا واحدة من أصناف نون لا تحصى
      مما أبدع الله صنعها في ساعات الصفاء
      وتفنَّن في التعبير عنها وتصويرها فيض
      من الرسامين في مختلف أصقاع الأرض

      وفي محطات التنصت على الكواكب الأخرى
      التي نصبها إخوتنا الأميركيون
      رسم امرأة عارية أبرز ما فيها صدرها
      وعليه ما تحب وتشتهي من تين ورمان
      ومستودع أسرار؛ أحدث ما تمخض من وحيه
      في عصر الحرية والحضارة والاختراع
      لولبٌ شائك مبتكر لحماية المرأة من الاغتصاب

      المرأة الأنثى وإلى جانبها الرجل الذكر
      القاسم المشترك بين أهل الأرض والسماء
      ومخلوقات محتملة
      مجهولة الهيئآت والأشكال
      على كواكب آخرى في كون بلا حدود
      ما انفك يثير فضولنا وخشيتنا
      ويمعن منذ الأزل في التمدد والانتشار

      ثمرة التين التي باركها ربها في القرآن
      لا تحتاج بذورها بحجم حبوب الخردل
      إلاّ للشمس والشتاء والريح وتربة خصبة
      كتربة سهل البقاع ترويها مياه الليطاني الآسنة
      الملوثة كالسياسيين حكام البلاد

      لتنمو وتكبر وتتحول إلى فيض من الأشجار
      وبساتين تين ولوز وتفاح وخوخ ورمان
      ترويها من عهد الأمويين مياه الثلج في صنين
      في حدائق هشام بن عبد الملك
      وتمتد من عنجر في أواسط البقاع
      حتى مرجعيون في الجنوب المتاخمة
      – لمن لا يعرف -… لأرض فلسطين

      وبعض ما أتحفنا به سعيد عقل:

      أمويون؛ فإن ضقتِ بهم…؟
      ألحقوا الدّنيا ببستان هشامْ

      ولا زلنا نستولد عداوة الأمويين كلما دق الكوز بالجرة
      ممن تحققت الفتوحات في أيامهم نصرة لدين المسلمين

      وبعد؛ لئن كان اللوز لا يزهر إلاّ في أواخرالشتاء
      وبواكير الربيع..؟ فإن أحمد شبيب دياب
      لا يحلو له السفر إلى أوروبا إلا في عز الصقيع..!

      أما عليت بنياني في وجه خلاني؟
      إن هي يا صديقي… إلا وحشة العمر
      وكشف للحساب ومحطة تأمل مربكة
      يجتازها الإنسان في الخلاصة
      نحو المجهول وانتفاضة العمر الأخير

      “لمَّني من وحشة العمر كما
      لمَّتِ النّسمةُ عطرَ النرجسِ”

      كل عام وأنت بخير مع الست أم عامر
      ومع عامر وعاصم وكاتيا.. وأمير
      وعموم آل شديد والحاج دياب الكرام

      الرد
  2. عاشقة الأدب

    وحياة عيوني العسلية ياعزيزي
    عيوني التي لم تر سحرهما بعد!..
    أنت شاعر من الطراز الأول والرفيع

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      عاشقة الأدب وصاحبة العيون العسلية

      ” يللي كويت الفؤاد؛ أصل الغرام نظرة”. ألعينان يا سيِّدتي كتاب مفتوح، نقرأ أول ما نقرأ فيه سرّ الله في الخلق وكل المعاني الإنسانية النبيلة، أو ما كان منها على النقيض، من الرحمة والقسوة، من الرغبة والاكتفاء، من البهجة والكآبة، من السماح والصد، من الرقة والشراسة. من الصحو الآسر إلى الوسن المسكر أكثر.. فأكثر.

      https://www.youtube.com/watch?v=5jTQx23e3YA

      منذ بداية الخلق والعصور الأولى، بدأت الرحلة في مركب الريح إلى عمق العيون، تجوب المحيطات وتطفو على وجه بحار بلا شواطىء. الرحلة التي لم تصل إلى مبتغى المعاني والأماني بعد.. أو تَرْسُ على البر.

      هكذا سبقت العين اللسان في التعبير عن العواطف ومختلف الرغبات والإيحاءآت، وهي ترى في العين الأخرى أجوبة على كل الأسئلة. ولا زالت الرحلة مستمرة في العيون بسائر ألوانها وفتنة إيحاءآتها:

      من البنيّ الداكن إلى العسلي الفاتح وبينهما ما يوحي بالتوق والرغبة، ومن الأسود الكحلي فالبنفسج الصافي، موشحاً في عيني شربات جولا وأثينا الإغريق بالأزرق البحري والأخضر العميق، في خليط مدهش من الألوان.

      هذه الرحلة العصيّة على التاريخ متواصلة لا تتوقف بفعل الزمن، بالرغم من أدوات التعبير في الحروف وفي الكلام، في النثر والشعر والأنغام.. أشد عذوبة من صوت الكمان، وبيان اللسان بلغات أهل الأرض.. والسماء.

      https://www.youtube.com/watch?v=nVrjcSd0cTQ

      “تشيرُ لنا عمَّا تقولُ بطرفِها
      وأومي إليها باللحاظِ فتفهمُ
      إشاراتُنا في الحبِّ رمزُ عيونِنا
      وكلُّ لبيبٍ بالأشارةِ يفهمُ”

      لذلك؛ ومن أجل عينيك العسليتين؟ اخترت لك هذه الثلاثية عن العيون والأسماء: “عينينا هنِّي أسامينا” من كلام جوزيف حرب من المعمارية في الجنوب، وألحان المتفرّد المبدع فيلمون وهبي، وإداء سيدة الغناء بلا منافس.

      “الأسامي كلام .. شو خصّ الكلام .. عينينا هنِّي أسامينا

      لا خضر الأسامي ولا لوزيات
      لا كحلي بحري ولا شتويات
      ولا لونن أزرق قديم ما بيعتق
      ولا سود وساع ولا عسليات
      ولا فيهن دار دار الخمار
      علينا وبلش يسقينا ..
      الأسامي كلام .. شو خص الكلام .. عينينا هني أسامينا”

      من بديع ما قرأت لنزار قباني يتفوق في نثره على شعره، ومن وحي الحرب والاعتداء الثلاثي على السويس: البنادق والعيون السود.. رسالة إلى صديقة مجندة ومنها: “عيناك النقيتان كأمطار ليلة افريقية، قميصك المعقود الأكمام؛ الذي تركت عليه البندقية بقعاً من الزيت، أطهر من الطهر ومن زيت المعابد”.. وبعد أليس الكلام عن سحر العيون والألحان؟ أجدى وأجمل من الكلام عن الاضطرابات في الساحات وسعر صرف الدولار.

      أخيرا؛ تعليقك نال أعجاب الدكتور شوقي يوسف، ممن يشاركون في تحرير السنابل “بالفرنسي”، ولو أنه يحسن العربي أيضا. لقد تمنى عليّ أن أرد بما يليق على التعليق. أرجو أنني حققت جزءاً من حقك ورغبة الحكيم.

      https://www.youtube.com/watch?v=JVoIhh2Tks4

      الرد
      • عاشقة الأدب

        أكرمتني وزيادة..
        الشكر لك ياعزيزي من أعماق الفؤاد.. وللحكيم “الجنتلمان”..
        وكل عام وأنتما بألف خير

        الرد
  3. إيناس ثابت

    من صالح عملك في الحياة ياصديقي العزيز ومفتاح جنتك..؟
    الشعر الجميل الذي تكتبه
    والحب في قلبك الكبير والعميق…
    الحب…؟ بداية الكون ورأس الحكمة وبداية رحلتك في القصيدة
    مع نغمة حزن بارزة تحرك العواطف
    أنصت إلى إشارتها في وحدة تأملية
    لتحملني معها إلى حيث تريد.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      إيناس ثابت – اليمن

      أسعدني كثيرا ما تفضلت بقوله يا صديقتي. لأنه يلخص فكرا متقدما في الانفتاح والتنوير، وأنت تدققين جيدا ما تقولين، وتقارنين الشعر برأس الحكمة وبداية الكون. مع خالص الشكر والمودة.. وكل عام وأنت بخير.

      الرد
  4. إسراء عبوشي

    اَنَتٌ لَا تُكْتَبُ الشِّعْرَ
    اَنَتْ تَعْزِفُ عَلَى أَوْتارِ القَلْبِ اُستاذَ إِبْراهيمَ
    صَدًى شَعْرِكِ يَدومُ وَيُداعِبُ المَشاعِرَ
    يَسْكُنُ عَمِيقًا
    بلغة شِّعْريَّةُ تَنْبِضُ بُرْقَةَ وَتَنْسابُ بِوَداعَةٍ فِي نَفْسِ الْقَارِيءِ

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      قسما بربي.. وهي حَلْفَةُ صادقٍ
      أنت الإنسانة الطاهرة والأم المسؤولة
      والصديقة الجميلة يا إسراء
      كزهرة لا تعرف من الدنيا إلا الشمس
      والنسيم وجيرة الفراش.. والعصافير

      الرد
      • عبد الجليل

        فيض شعري فلسفي بسردية جمالية متدفقة أمواجها مشاعر إنسانية ثمينة.وأحسن هدية للغة الضاد في ذكراها العالمية.محبات استاذي الكريم.

        الرد
  5. سنا الميلاد

    وبدون حلفان
    ما قرأته لك
    موسيقى تبعثر نبضات القلب
    وتجعلني أذهب لعالم لا يوجد به
    إلا الحب والسلام
    وأنت ..

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      الله أكبر… ما كل هذه النعم سيدتي؟
      تسبق رأس السنة منتصف هذا الليل

      الرد
      • إيناس ثابت

        أفتقدك كثيرا كثيرا
        معلمي وصديقي الغالي
        وحبيب قلوبنا وإكليل الغار على رأسي

        أنت الإنسان الطاهر
        والقلب الواسع الذي يفيض بالنور
        والروح الأغلى في قلبي وعمق وجداني

        لترقد بسلام
        على ترانيم الملائكة وصلوات الأنبياء
        حتى نلتقي من جديد
        في عالم أجمل وأنقى
        أكثر سلاما وأمانا وحبا

        الرد
  6. إسراء عبوشي

    عزيزي إبراهيم

    كان ينقصني هذه الجرعة من الجمال المعتق

    هذا الشعر البديع

    المنساب كغدير عذب

    يدخل القلب وينغش الروح

    وهو شامل ومضيء

    دمت ودام الابداع

    الرد
  7. عبد الجليل

    هَبْنِي قليلاً مِنْ رَاحَةِ
    الفِكْرِ
    جميل استاذي الكريم. ما احوجنا لراحة الفكر في عالم فوضوي. محبات

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.