“حكاية سرّ الزيت” رواية تحرّر أقدم أَسِير عربي

بواسطة | 3 ديسمبر 2018 | قراءات | 4 تعليقات


حكاية سرّ الزيت رواية  صدرت عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي للكاتب الاسير “وليد دقة”، من باقة الغربية في المثلث ، قضى  32 عاماً في سجون الإحتلال الاسرائيلي، محكوم بالسجن المؤبد.

لأول مرة لا استطيع أن افصل بين السارد في الرواية وكاتبها، كنت أراه في كل السطور، لعل جود أَقْرَبَ من أن يكون حفيد الكاتب إبن ميلاد، الذي لم يولد لارتباطه بالحلم المؤجل، فكان عصيّ الرؤيا ، ميلاد لم يرى النور الى الآن، لكنه يولد مع الأمل بكل صباح، ويحتل أَنْفَاس الكائنات.

يطوي الكاتب جيل أَتَى قبل جيل جود، منذ دخوله الأسر قبل 32 عام،  ليكتب عن جيل جود إبن الأثني عشر عاماً، يرى فيه الأمل، وكأن الجيل الذي تجاوزه الكاتب لا وجود له، ولا أثر ، لا يمثله برواية ” حكاية سرّ الزيت” أحد ، جيل مضى بعمر الوطن لا يُذكر، إلا بالسخرية من تراكمات  أفعاله على جيل جود.

يظهر الكاتب بأسلوب الرمزية الهوان الذي وصلنا اليه، يرسم صور ظليلة وتعبيرات مفاجئة، ويضع القاريء أمام الحقيقة، رغم ذلك لا يندم على العقود التي أمضاها بالأسر، فهو يقول لزميله: أنت انسجنت عشان تتحرّر ولا عشان تحرّر .

و الأسر برؤية وليد الدقه أعمق من القضبان، وقيمة الحرية ، غاية للوطن وهدف للروح، “أكتب حتى اتحرّر من السجن على أمل ان أُحرّرهُ مني”.

يستخدم الكاتب مخزون لغوي خاص بمفردات الحياة الريفية الفلسطينية، ويخوض مغامرة تسخر من عنجهية الإحتلال.

تحرير والد جود من الاسر ليس قضية ، مقابل تحرير العقل القضية الكبرى .

الطفل جود يُظهر فكر جيل قادم من المستحيل ليصنع المستحيل، الأمل في الجيل القادم يتجسد في قرارات جود ، الذي يتخذ قراراته بنفسه لا يستند الى عواطفه بل يدرك أنه جزء من قضية أكبر من رغباته.

يحمل همّ الأطفال الأخرين ويدرك أن متعتهم برؤية البحر ” صفحة 93″، جزء من حقوقهم ، يوجه رساله للكبار بأن من حق الجيل أن يعيش رفاهية يراها الكبار متعة لكنها بنفسهم غايات مرتبطة بأرض حرموا منها، وحياة افتقدوها، دافع ليكونوا ودافع ليتحدوا إنهم يعانقون الريح ليوجّهوها لتقلع خيام أعداء الوطن الذين حرموهم الحياة.

جود ” الذي أَتَى من نطفه مهربة” لا يعترف به العدو ، الذي ينكر الحياة، ورغم ذلك جود كائن يحقق إرادته وإرادة الحياة ويكسر إرداة السجّان، فهو

يملك إحساس عالي للحياة.

العاطفة الكامنة في ” سر الزيت” بالإضافة للرمزية تجعل القاريء يكشف ليس سرّ بل أسرّار، من صور العاطفة ، ” فانحنى أبو جود وقبّل أصابع ابنه صفحة86″، إنه يقبّل روح يحمّلها أمانة السرّ.

تنتصر الحرية في النهاية الكامنة في العِلم، العِلم الدواء الذي يقضي على الوباء الذي هو فقدان العقل والجهل، وفقدان الأخلاق.


إسراء عبوشي / كاتبة وشاعرة / فلسطين

4 التعليقات

  1. دينا تلحمي

    منع إشهار ” حكاية سر الزيت ”
    للأسير وليد دقة في مجد الكروم

    لأهمية الرواية تواصل الأجهزة الأمنية ملاحقتها وممارساتها لمنع إشهار كتاب الأسير دقة ، وتضيق على الكتّاب خصوصاً والأسرى الفلسطينين عموماً ..
    تدور أحداث الرواية في مخيلة طفل يريد زيارة والده في سجون الإحتلال ، لكنه لا
    يستطيع ذلك بسبب منعه من الزيارة ، فيختبيء في شجرة زيتون من المفترض أن يتم
    نقلها إلى الأراضي المحتلة عام 1948 ، ويتخفى باستخدام زيت الزيتون المقدس ، ثم
    يتمكن من زيارة والده ..
    ويدور سؤال حول إخراج والده الأسير من سجنه بواسطة الزيت ، أو نقل الطلبة الذين لا يستطيعون الوصول إلى أماكن دراستهم .؟

    كانت قد رفضت دولة الإحتلال فكرة الإنجاب للأسرى الفلسطينيين والعرب بكل الوسائل » بالخلوة الشرعية ، والنطف المهربة، والحرية المؤقتة والإجتماع بالأهل لساعات ثم العودة « وعملت على محاربتها بكل الطرق ، ، واتضح هذا الرفض فى أعقاب عقد قران عميد الأسرى العرب الشهيد سمير القنطار على فتاة فلسطينية من مدينة حيفا المحتلة خلال الإعتقال ، وذلك فى العام 1993 ، والذى أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية ، الأمر الذي دفع برئيس دولة العدو إلى التصريح إعلامياً » ذرية سمير القنطار لن ترى النور ما دمت على قيد الحياة «
    وما يدلل أيضاً على العنصرية والتمييز لدى دولة الإحتلال قضية الأسير الفلسطيني” وليد دقة ” مواليد 1961م من سكان باقة الغربيّة في المثلث الشمالي بفلسطين المحتلة عام 48 ، والمعتقل منذ العام 1986، والمحكوم عليه بالسجن المؤبّد مدى الحياة ، والذى عقد قرانه على ناشطة حقوقية في العام 1999، والتى رفضت المحكمة المركزية فى الناصرة التماساً بالسماح له بإنجاب طفل ، كحلم لم يفارق هاجسه بتحقيق الأبوة ، والذى كتب عنه العديد من القصص القصيرة والخواطر، ، كون الوقت لا يعمل لصالحه ، ولأن تحريره لا يبدو في الأفق ، وهو وزوجته يأخذان بالتقدم بالسن ..

    إلا أن النتيجة كانت برفض الإلتماس ، وهو دليل واضح على التمييز بين السجناء العرب واليهود لصالح اليهود في الحقوق ، على الرغم من تشابه الفعل على اختلاف القضية لصالح الفلسطيني كمقاوم للمحتل مقابل إرهاب استيطاني مناقض للإنسانية وللإتفاقيات والمواثيق الدولية ..

    كان من الطبيعي أن تشكل ظاهرة تهريب النطف قلقاً كبيراً للإحتلال الذى يحاول قتل كل معنى للحياة لدى الأسير الفلسطيني .
    فهو لم يتقبل تربية عصفور أنقذه الأسرى من الموت لحظة وقوعه من عشه بعد أيام من فقسه ،
    وقتل عدد من القطط المولودة حديثاً كون أمها وضعتها فى زنزانة أسيرة معزولة، لشعورها بدفء وحنان معتقلة استأنست بها لشعورها بالرأفة .
    وألقى بنبتة كان أحد الأسرى قد غرسها شوقاً لرؤية غصن أخضر ،
    فمن الطبيعي أن لا يستوعب إنجاب طفل وتربيته وزيارته لوالده بعد انتصار كبير لإرادة الأسرى على كل أنظمة السجان ومخططاته واحتياطاته الأمنية ..

    عملية تهريب النطف تمثل إنجازاً كبيراً وتحدياً للظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون الفلسطينيون، وهي رسالة عميقة للعالم تقول :
    ” بأننا نحب الحياة ولا نريد سوى أن نعيش كبشر لنا أطفال وبيت وعائلة ، وهذا هو هدفنا الإنساني والوطني والنضالي، كرد على كل أشكال التعسف الإسرائيلية التي تسعى إلى تجريدنا من إنسانيتنا وتشويه صورتنا ..حيث نرى في أطفالنا القادمين نبض حياة متجددة…”

    شكراً لك أستاذة إسراء
    مع خالص تحياتي
    .

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      إسراء عبوشي
      ودينا تلحمي
      وزينب عودة
      ونورة عبد المهدي صلاح
      وكل الأحبة في فلسطين

      القائمة تطول كثيرا ولا تنتهي
      وأبناء فلسطين يستحقون الحياة بجدارة عالية
      ويستحقون الحرية مع الحياة وأرفع مراتب الاحترام
      ويستحقون أيضا “عون العرب” وعنايتهم
      ولو بالعواطف.. والكلام..!؟

      (قل لي – ولو كذباً كلاماً – مُنصِفاً)

      ولئن كان الكلاشنكوف عنوان النضال في فلسطين؟
      فإن سلطة القلم ومن قلب السجون..؟
      شكل مختلف من أشكال المقاومة والنضال
      سقى الله الأيام الخوالي من مجد العرب.. وكفى

      القراءة في الحكاية وافية ومشكورة
      وتعليق دينا فيه مزيد من تسليط الإضاءة

      خالص مودتي للكاتب الشجاع والصديقات العزيزات
      وسائر الأخوة المبدعين من أبطال الشعب المقاوم العنيد

      الرد
      • إسراء عبوشي

        أستاذ إبراهيم
        كم تمدنا الأقلام الحرة من خلف القضبان بالقوة والأمل
        صدق الدقة حين قال “الأسر ليس قضبان الأسر فكرة ”

        كل التقدير لك وللأستاذة دينا ولكل الأصدقاء في هذا المنبر الأدبي المميز
        خالص التحايا

        الرد
    • إسراء عبوشي

      كل الشكر والتقدير لك أستاذة دينا تلحمي على هذه الإضافة القيمة
      إضاءه على معاناة اسرى فلسطين شامله وتكاملة، المؤلم عندما أخبرتني زوجة الأسير وليد الدقة ” سناء” بمدى رغبتهم بإنجاب الإبن الذي كانت تريد أن تسميه ” ميلاد” وكيف مر العمر ولم تنجح المحاولة ، ميلاد دلاله على الأمل بميلاد الدولة الفلسطينية التي أيضاً لم تأتي.
      الإحتلال يقف بالمرصاد
      مر العمر على الأسير وليد وهو بالأسر ، ومع ذلك مؤلفاته دل على أن الفلسطيني إنسان لا يقهر ، ووقوف زوجته سناء لجانبة عنوان للحب الذي لا يُكسر .
      دمت بهذا التواجد المبهج والجمال أستاذة
      مع خالص مودتي

      الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.