بعد الغروب
للأستاذ حسين المهداوي
تعقيب إيناس ثابت
لا أريد لأحبابي
أن يتحدَّثوا عن موتٍ
قبل القيامة
وعن نورٍ توارى
خلف نافذتي في الظلام
لا أريد لأحبابي
أن يتحدَّثوا
عن سنونوات مهاجرة
من بلاد البلاء
وعن أعشاش لم تعد تبنيها
في دنيا الأنام
فداري في هاتيك الديار
لم تعد كوخا
قتلتنا الغربة يا حبيبي
وتورطنا حتى العظام
يد دافئة وكريمة امتدت نحوي منذ أيام قليلة، تنقذني من وحدتي وتهديني”بعد الغروب”، مع مودتي الصادقة وشكري الجزيل. كتاب خطته أنامل يد مخضبة بدم القلب ودموع العين، وعنوان مميز يترك صدى في الذاكرة، عن حياة تنقضي وشمس في طريقها للأفول، ليردنا إلى الزمن الصبيح في “كفر بولين”.. زمن محمد عبد الحليم عبدالله، تغمَّده الله بواسع رحمته ورضوانه. للوهلة الأولى بدا لي كأن الكتاب مجموعة قصصية قصيرة من وحي الكاتب وخياله. وحينما أنهيت قراءته على مدى يومين..؟ وجدت دموعي تغسل وجنتي، وهو يرافقنا ويتجول بنا في محطات عمره، لا يكاد يرتاح قليلا من عناء السفر، حتى يستأنف رحلته باتجاه تيه جديد.
الكتاب ليس عملا روائيا، بل هو أشبه بالمذكرات والسيرة الشخصية للكاتب، وخلاصة تجاربه وعصارة عمره في أدق التفاصيل، دوَّنها الكاتب الصديق حسين المهداوي بتواضع ملحوظ، وصراحة تفيض بالضنى والشجن، والحنين إلى الأيام الخوالي.. حد القهر والندم والإيلام الشديد.
وحينما أتناول المؤلف والكتاب..؟ فمن موقع القارئة وحسب، بعيدة تماما عن نقد لست مؤهلة له أو يمكنني أن أدانيه. ليبقى المضمون في اعتقادي شديد الوضوح، ولا يعدو أن يكون إلاَّ إرثا عائليا، أهداه إلى روح زوجته التي رحلت منذ عهد قريب، وهكذا يشارك القارىء أهم مراحل حياته، وخواطره وأفكاره وانسجامه مع ذاته، ولو لم يعتمد الدقة في تسلسل الأحداث، لتأتي معبرة عن اضطراب خواطره.
تتحدث معظم فصول الكتاب عن علاقته المتينة بزوجته الراحلة، ومعاناتها مع مرض لئيم انتزعها باكرا من أسرتها المفجوعة، وما انعكس من الإحساس المؤلم عليه وعلى سائر أفراد الأسرة الموجوعة، الموت الذي شكل له صدمة شديدة، وخيبة أمل في الحياة ونقمة على الموت، من خلال تكراره عبارة ” جريمة الوجود”، ويبقى من فصول الكتاب الأهم في اعتقادي..؟ وميض طفولة الكاتب في موطنه ودراسته ونجاحه، وتداعيات غزو الكويت، والهجرة بعد الحرب المنكرة على العراق، والويلات المتلاحقة على بلاد الرافدين.
لكن الملاحظة الأبرز تجلت في وفاة زوجته، والحرب اللئيمة “وطشاري” العراقيين عن موطنهم، وما عانوه من القسوة والتيه. هذان الحدثان أثرا في حياة الكاتب، وخالطا دمه وكيانه كله ليشكلا معظم أجزاء الكتاب. في الفصل الرابع يتحدث الكاتب عن طائر مصاب يحتضن طائرا آخر، والمشهد ينقلنا إلى الفصل الأخير واللحظات الحاسمة من رحيل زوجته، أما مشهد “مجزرة الطيور الجماعية” في الفصل الثامن، فينقلنا إلى الفصلين العاشر والحادي عشر ومجازر الحروب وآثارها المدمرة.
وهكذا يمكن أن نشير إلى أن أهم الشخصيات التي تضمنها الكتاب: الكاتب نفسه وهو صاحب الشخصية البسيطة المتسامحة والطِّيْبَة الظاهرة للعيان، التي تنأى بصاحبها عن العدوانية والشرور. وهو في الجانب الآخر متيم وعاشق وصاحب مشاعر فياضة ملتهبة. وأما الزوجة الراحلة فيبدو بوضوح، أنها ذات شخصية فذة وإرادة صلبة لا تخضع ولا تلين، أما الأخ الأكبر فهو نموذج الشخصية المثقفة، المستحكمة بتأثير عمره.
رغم الحزن والأسى والحنين في معظم فصول الكتاب، إلا أنه لا يخلو من ومضات مضيئة، وصوت أمل أطلقه الكاتب وخبأه بين صفحات كتابه وهو يقول: لا تحزني أيتها الشجرة الصديقة، لا تحزني أبدا سيعود الربيع بأوراقه اليانعة وتشرق الشمس على الكون، لتدب الحياة في أوصال الكائنات، وسوف تأتيك العصافير والحساسين تترنم بأنشودة الحياة والحب وربيع يخضوضر من جديد.
يقع الكتاب في تسع وثمانين صفحة، ويحتوي على اثني عشر فصلا، وقد أصدرته دار نشر فيشون ميديا في السويد، وريشة الفنانة الملفتة إيفان حكمت، هي التي تولّت تصميم الغلاف.
إيناس ثابت
صاحبة الألق واللمّاحة
الأستاذ الصديق حسين رشيد المهداوي
“بتحبّني.. وشهقتْ بالبِكي
وراسها على صدري تِكي
قالت إذا بتحبّني؟
لا تروحْ ولا تغيبْ عني..
يا حبيب الروح سألتِ الضّياعْ
شو صارْ بزهوركْ؟
سألتِ المُدنْ
شو صارْ بقصوركْ.؟
ردتْ زهوري—– صارتِ بواريدْ
وع القصور تْكَسَّرِ——- القرميدْ
الشغف والنشوة وحكايات الحياة والموت، واستمرار الحب وولادات جديدة لن تتوقف على حدود الزمن الغشيم، والعينين المكحولتين الذابلتين اللتين اختفى بريقهما، والوجه الذي غابت نضارته إلى الأبد، وملك الموت يدهمنا ويفاوض أجسادنا على أرواحنا ليعيدها إلى باريها. حكايات المآسي نسمعها ونرويها في كل حين. هذه الحكايات لن تتوقف ما لم تتوقف فينا الحياة.
وهذه المرة هي “بعد الغروب”، حكاية حسين رشيد المهداوي من الحدائق المعلقة في بلاد ما بين النهرين. حسين رشيد المهداوي “طَيْشَرَهُ” الأميركيون من أرضه وبلاده، منذ حضارة العهد البابلي والسبي، وسيادة الخطيئة والموت في واكدَ وآشورَ والكلدان.. ليتسكع على أبواب سفارات، لا يصحُّ للعراقيين أن يدقُّوها وتبقى مقفلة في وجوههم. ولكن ما حدث وأكثر؛ لا يصح أن يدفعنا إلى الدموع وخيانة الأعصاب، حينما يكون العراقيون هم القضاء والقدر.
ومن الإنصاف في هذه العجالة، أن أتقدم بشكري الجزيل للأخ الكاتب، على تجشمه عناء إرسال الكتاب بالبريد، والشكر الآخر الواجب من حق إيناس ثابت الصديقة الصبيحة المحبوبة، على حسن مبادرتها في تناول الكتاب بتعقيب مميز، إن دلَّ على شيء..؟ فإنما يدلُّ على طيب مَنْبَتِها، دون أن تفوتني إشارتها الذكية المدركة، إلى محمد عبد الحليم عبد الله وهي صبية “صغيرة”.. حينما تتمكن من الإضاءة الملفتة على الكتاب من هذه الزاوية.
https://www.youtube.com/watch?v=snucjzQUtj
“وملحم زين” صوت ساحر، وشاب مهيوب من بلدتي في “شمس الجبل”- غربي بعبلبك – لكننا للأسف لم نلتقِ و”شمس الجبل” ..؟ هكذا يحلو للدكتور أحمد شبيب دياب، أن يطلق على بلدتنا هذه التسمية المبتكرة.
الصديق إبراهيم
القلوب العظيمة كالنخيل في مواجهة الأيام الصعبة والمحن .. تعلمنا الحكمة إن مالت وتساقط منها الرطب..؟ لننعم بأشهى الثمر ونتعلم فن التعامل مع الحياة.
شكرا لك.. ولشمس الجبل، أهدتنا زهرا عطرا، وقلوبا كريمة وحنونة كقلبك وقلب الدكتور أحمد.. الحاضر الغائب، صاحبك وحبيب قلبك.
أحبائي
أينما حللت في ربوع بلادي العربية، تصاحبني الدهشة،
ويواكبني الحب الكبير الذي أراه في العيون الساحرة والكلمات المرحبّة والأيدي الكريمة.
وهنا تستوقفني كلمة “ربوع” التي أحببتها من قديم زمني؛
أحببت فيها الربيع والسلام وصفاء النفس وصحو السماء،
لن أتكلّم عن السنونو لا أريد البكاء:
قيّدونا بالبكاء
وترانيم الدعاء
حتّى ملّ الموت منّا
وغرقنا بالدماء
فمتى تحيا بلادي
ومتى تصحو السماء
هل ولدنا كي نعيش
أم خُلقنا شهداء؟
ولدنا من أجل الحياة ورقة الحب وسمو الكلمات
كم أنا مشتاق إليكم أحبائي ينابيع حبٍ وصفوٍ وعطاء
الحبيب الأستاذ ابراهيم يوسف الذي كما وصفته الصديقة الغالية الكاتبة الشاعرة ايناس ثابت كالنخيل “يرمى بطوبٍ فيرمي أفضل الثمرِ”
حين أقرأ لكما أجد نفسي في واحة رائعة لا حدود لها
ولا لصحراء رحلتنا الطويلة من نهاية.
تحياتي وأصفى وأنقى وأرقى ماعندي من ذخائر الحب ومكنونات الوفاء لكما.
أصدقائي
الكاتبة الأديبة إيناس ثابت
والأديب الأستاذ ابراهيم يوسف
كتبت لكما على صفحة السنابل هنا تعليقاً ضاع في خبيا التقنيات وضاعت مني أجمل محبةً واحتراماً لكما :
ضاء شعري على بابكم … كما ضاء عقدٌ على خالصة
ولن أبدل همزة ضاءَ بعين ضاعَ أبداً وفي كلّ الظروف
حين أقرأ لكما أجد نفسي في أجمل واحةٍ
بعد تيهي في صحراء الأوفاق الرائعة والآفاق البعيدة.
أطيب التحيّات
أحمد شبيب
د. أحمد دياب
كتبت لنا بروح الحب والوفاء
وصفاء القلب وطهر النوايا
فألف شكر لكل حرف أنجبته مشاعرك الإنسانية المرهفة وفكرك الطيب النبيل.
الكتابة بريد القلوب إلى القلوب..فلا تبخل علينا بما هو جديد ولا تطل الغياب..
وحمدا لله على سلامتك.