المراهنات الخاسرة (1)، رسالة إلى الأستاذ الأديب إبراهيم يوسف،

بواسطة | 26 أكتوبر 2019 | مقالات | 10 تعليقات

عذبٌ كلامك، يا صديقي، وساحرٌ كمياه جدولٍ رقراقٍ ينحدر من أحدِ سفوحِ جَبَلِ صنّين لينسكبَ، في يوم قائظٍ، بين يديّ بدويٍّ تائهٍ، قد أصابه العطش الشديد في بيداء “لم يعرف بها ساكنٌ رسما”. كتلك المياه في عينيّ البدويّ التائهِ تزيّنتْ لي فكرة محاولة الكتابةِ على صفحاتِ السنابل الغرّاء وغيرها من المواقع الالكترونية. ورغم حذري الشديد من خوض غمارهذه التجربة وما تحمله من مصاعب ومهالك وعلماً أنّي لست من أهل هذا الفنّ، ولم يتسنّ لي الخوض في مجاهل ميادين الأدب والتعرّف (عن كثب) على معالم مندرجاته فقد وجدتُ نفسي منهمكاً بمواضيع السنابل الغرّاء وكأني في حقلٍ رائعٍ من حقول أيّام الخير وريعان الصِبا، فتعلّق قلبي بالقراءة الأدبية ومارست الكتابة بين الحين والآخر. كُنْتَ لي، ونعم ما كنتَ وما زلتَ، الصديق الرائع الذي يشجّعني ويصلح شعث ما أكتب بروحٍ كريمةٍ صافيةٍ طيبّة.

  وفي يومٍ من الأيام أُصِبـْتُ بصدمةٍ قويّةٍ وبعجبٍ ما بعدهُ عجب، ذلك من تعليقٍ لكَ على إحدى مقطوعاتي “الشعرية” التي عبّرت فيها عمّا يكنه صدري من “تقديرٍ كبيرٍ” للقادة العسكريين العرب الذين كما يقول المثل الشعبي “جحا لا يقدر إلّا على خالته” .. كان عنوان المقطوعة “يا من بسلاحكَ تفخر” https://assanabel.net/archives/443
وكان بيت القصيد فيها يكمن في هذه المقاطع:
يا منْ بِسلاحِكَ تَفْخَر،
أنتَ كالطَودِ وأكبرْ،
أنتَ كالبَحرِ وأزْخَرْ،
جَيشُكَ جرارٌ مُظَفّرّْ؛
فَتَبَخْتَرْ
أَوْاَنُ ردِّ الحقِّ جاءْ،
نَحْنُ قدّمْنا الدِماءْ،
ولنا فيكَ الرَجاءْ،
تَصْدُقُ الوَعْدَ وأكْثَرْ؛
فَتَبَخْتَرْ
لكن لمّا جدَّ الجدُّ
وعلى أقْصَانَا تعدّوا
هَرَبَ الواوي، توارى القردُ
صارتْ غَبَتُنَا بَكْمَاء
والأسْدُ ما عادت تزأر

فَتَبَخْتَرْ

لم أتفائل، في هذه القصيدة، ولم أتشائم، ولم أدعُ، ولم أحرّض، إنما وصفتُ تبختَر بعض العرب وخيبة أملي وأمل شعبنا الصابرالمحتسب بهم وبما يتباهون به. وكما تعلم، فانّي لستُ من دعاة ثورةٍ ولا تمرّد، و جلّ مبتغاي في هذه القصيدة: إيصال كلمة حق، ووصف سخافة المتسلّطين العرب وأزلامهم، وتخفيض أصوات أبواقهم وطبولهم.

وبعد أن قرأتُ تعقيبك الجميل، أستاذ ابراهيم، وسمعت زياد الرحباني بشغف، شعرتُ -يومها- بأنك لم تنظر، كما أشتهي، بمضمون القصيدة ولا بمراميها البعيدة أوالقريبة إنما أخذتَ عليّ بما لم أقل، وجرّدت حسامكَ لمنازلةٍ ما كنت أرغب بها، فكان ردّي الحماسيّ بقصيدة عنوانها “أنا الشعب”، أُبيح لنفسي اعادة نشرها من جديد:

قصيدة بعنوان “أنا الشعبُ
***
فإذا سَكَتُّ، قِيلَ عنّي خَانِعٌ
وإن انتفضّتُ، تَغَامَزوا وتَهَكّموا
وفي الحالينِ، أَعْرِفُ منْ أنا
والجَمْعُ يَعرِفُ، والآكامُ والقِمَمُ
جَلود،ٌ صبورٌ، وليثٌ في الوَغى
لا أرتضي الذلّ، ولا تَكْبو بيَ الهِمَمُ
أنا الشَعْبُ والتاريخُ يشهدُ لي
في بيرقي المجد، في خفقاته الشممُ
أنا الشعب هذي الشهبُ تَسْجُدُ ليِ
إن شئتُ، شاء الكونُ، وانساقتْ له الأمَمُ
أنا الشعبُ لا تخبو مشاعِلهُ
ضاءَ بها الليل وانشقّتْ بها الظُلُمُ
أو تعلمُ يا أستاذُ، عنّي، من أنا؟
أوَ تَعْلَمُ أنّي بِحبلِ  الله أعتصِمُ؟
لا الحربُ أعْشَقها ولا أسْعى لها
لا الموتُ يرْهِبُني ولا أحْنو فأنهزمُ
أنا! منْ أنا؟ وكُلّ الكون يَعرفُني
وفي مُقلتيَّ بهاءُ العزِّ يَرْتَسِمُ

هذه قصيدتي بين يديك  فانصفني وأنت المنصف، وهل هي إلّا تعبير عن حبّي لشعبي وإيماني بقوته وإرادته الصلبة وتاريخه المجيد وأنه “إذا أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر” وأنه كما وصفته السيدة فيروز حين غنّت بحبك يا لبنان.
https://www.youtube.com/watch?v=B3Da9XPViGQ
أمّا تعقيبك على قصيدتي هذه فكان مقالة بعنوان “المراهنة الخاسرة” ومن ثمّ”المراهنة الخاسرة والمظاهرات التي لم تربح.. بعد” على الرابط التالي نفسه
https://assanabel.net/archives/856
 وسيكون لي -في القريب- الحلقة الثانية من التعليق على هذين المقالين، بإذن الله.
وأخيراً في هذه الأيام المليئة بالأحداث والمتغيّرات، أتمنّى لك،
صديقي وحبيب قلبي أستاذ ابراهيم يوسف دوام الصحة والعافية، وللبنان الحبيب والبلاد العربية العزيزة كلّ الخير والأمان والتقدّم. وإلى لقاءٍ قريب.

ahchebib@gmail.com أستاذ رياضيات في الجامعة اللبنانية، (متقاعد).

10 التعليقات

  1. إيناس ثابت

    ومن مذهبي حب الديار لأهلها
    وللناس فيما يعشقون مذاهب

    وأنا أحبكما…
    الدكتور أحمد دياب..الصديق الرقيق
    ومعلمي الحنون إبراهيم يوسف
    وأرجو للبنان الحبيبة كل الخير والأمان والسلام.

    الرد
    • إبراهيم يوسف

      صوتن متل (لبنان).. الرجِّال.. وْمِصْر الْمَرَا
      بتعبير مرسيل خليفة وطلال حيدر؟ ينزلقان معا
      كسعيد عقل.. في متاهة السياسة ووساختها

      ليتك ترأفين بحالي؟ وتعفيني من “المعلميَّة”

      الرد
      • إيناس ثابت

        كيف أعفيك.. وقلبي ممتلىء
        بحب واحترام وتبجيل
        وعرفان جميل لا حدود لهم
        وسيحفظهم طوال حياته..؟

        الرد
      • إبراهيم يوسف

        عطفا على ما أبديته من رأي بسعيد عقل، وطلال حيدر، ومرسيل خليفة ومواقفهم القديمة الجديدة، من السياسة ومفاعيلها المثبطة على مستقبل الفنانين؟ ما يستوجبني العودة إلى الموضوع بعد مقابلة تلفزيونية تابعتها باهتمام بالغ لأشهد بالحق..؟ على اتزان وموضوعية وإدراك أسامة الرحباني، حينما تألق متعاليا بعيدا من السفاسف وهو يتحدث من خلال شاشة ال mtv التي فرض عليها تهذيبه وقناعته المغرقة في إنسانيتها وطرحها المدهش، ويقارب الأحداث على الساحة اللبنانية، بوعي وتجرد وإخلاص ورجاحة عقل مستنير.

        جرى ذلك من خلال وسيلة إعلامية لا تلتقي مع أفكاره، لكنه انتزع احترامها وهو يتناول ما يجري على الساحة من موبقات و شكوك، يمكن أن تؤدي بنا إلى الهلاك. أسامة الرحباني هذا المبدع سرُّ أبيه وأسرته المقدرة الحكيمة، ومواقف الحياد من الأحداث والأزمات المصيرية في المفاصل التاريخية على البلاد والعباد.

        الرد
        • إبراهيم يوسف

          وردتني رسالة ينتقد صاحبها حياد أسامة الرحباني في “المقابلة”، وينتقدني بالترويج له ويحمل على عموم بيت الرحباني كما سمَّاهم، لأنهم من هذا الوطن، ويجب أن تكون لهم مواقفهم الصريحة الواضحة مما يجري.

          هي وجهة نظري يا صاحبي، لا يصح وليس من حقي أن أمليها على أحد..! عندما يكون عموم “بيت الرحباني”، يتمتعون بما يكفي من النضج والشفافية والحس الوطني والوسيلة المناسبة لخدمة القضايا العادلة..؟ وهم رهنوا كثيرا من نشاطهم وإبداعهم، لمصلحة اللبنانيين وسائر العرب.. وأهمها فلسطين.

          وفي المقابلة كان الرجل صريحا وواضحا وأعلن عن قناعاته وحياده “الإيجابي”، مما يجري من التباس على ساحات اليوم. من يعش يذكِّر الآخر يا صديقي..؟ وأرجو بصدق أن أكون مخطئا في توجسي وخوفي.

          الرد
  2. إبراهيم يوسف

    د. أحمد شبيب دياب

    “ياللى ظلمتوا الحب وقلتوا وعِدْتوا عليه
    قلتوا عَليْه مش عارف إيه..؟
    العيب فيكم يا فْ حبايبكم، أما الحُبّ؟ ياروحي عليه!”

    https://www.youtube.com/watch?v=FN2Ilev3MN4

    لئن كان من الجنود الألمان إبان الحرب
    من كان يتزوج في المساء
    وعند الصباح يتوجه إلى المعركة…!؟

    فَلِمَ لا يكون زمن اضطراب البلاد والعباد
    وامتيازات الطوائف والأحزاب
    وزمن “الثورة” “والحرب على الفساد”
    والطرق المقفلة في وجوه الناس
    التي تؤدي بنا في نهاية الأمر إلى المهوار

    لم لا يكون كل ما يجري.. من دواعي
    الحديث عن البداوة، بما يفرِّج الهم..!؟

    فاسمع هتاف الجماهير لتفرح
    وتذكر “التجارب العقيمة المحبطة”
    لكي تلطم ثم تبكي… وتحزن

    رب البرية يا صديقي هو الأعلم..؟
    قد يسحب يده من هذه البلاد
    ويتركها بحالها لتتدير أزماتها بنفسها

    قلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ
    مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ
    الَذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
    وتعال معي من جديد، إلى البداوة والصحراء

    أَسَرَها البَدَويُ الفارس… ذو الجَبهةِ السمراء
    كما أسَرَتها دعوته للرَّقص على أنغام الكمان
    فانثت أَعطافُها في لينِ ورقَّة أزهار البيلسان

    وَحَمَلَها مغمضَةَ العينين على غيمةٍ… بينَ ذِراعيه
    وراحَ يدورُ بها في لطفِ النَّسيم، خفيفةً كالفراشة
    سَريعَةً مثل الخاطر رَشيقةً كساقية “الْكْوَيْفْ”

    هوَ ينحَدِرُ من أُصولٍ بَدَوِيَّة شَديدُ الإعتزازِ بها
    ولو انَّهُ يَرتَدي ثياباً مُدُنِيَّةً أَنيقة
    ورَبَطاتِ عُنقٍ مبتَكَرَة
    ويفتش عن العطور الفرنسية الغالية
    يُحِبُّ الحياة ويَخافُ مِن غَدرِ الليالي

    في حياتِهِ كلِّها لم يَجنِ مالاً ولم يَسعَ إليه
    لم يُصِب نَجاحاً كبيراً يرجوه
    ولا شَغَلَته المَناصِب… والمقامات
    وحدها المراَةُ كانت هَمُّهُ وهاجِسُهُ
    من أَجلِها عاش
    وعندما تَنتَفي حاجَتُهُ إليها عليه أَن يَرحَل

    (فيا هذا البدوي المسرف بالهجرات
    تزوَّد قبل الربع الخالي)
    واشرب ما شئت
    فهذا آخر عهدك بالماء

    لكم أسرتني يا صديقي شئمة.. هذا البدوي
    التائه ممن يحملون قلوبهم على راحاتهم
    ويذرفون دموعهم على صدر المرأة والوطن

    أرأيت ونحن لم ننتهِ من البدوي بعد…؟!
    فما بالك لو توجهنا إلى مكان آخر…؟
    ونحن نتوغل إلى أطراف الزمن الأبعد.!؟

    أنت صديقي وعزيز على قلبي وفكري.. وأكثر
    وأنت في الأدب كما في الرياضيات
    وطلاوة الأفكار المتمردة على كل القيود
    لكن يا (دِلَّك) من بعدي خيِّ… أحمد

    يا ريتك فحسب حطَّيت (الأديب) بين قوسين؟
    أنا خيّك… وبتكفيني محبتك وكون.. (مهذب)

    الكلمة الأخيرة..؟ لو وافقتْ آمال ماهر
    أن تستأثر بك.. وتغني لك وحدك..؟؟
    ياما عيون شغلونى.. لكن ولا شغلونى
    إلاّ عيونك انت
    دول بس اللى خدونى.. وبحبك أمرونى

    لو وافقتْ أن تكون زوجتك الثانية
    فهل ترضى خيِّ أحمد..؟
    لو رضيتَ بها ولا أحسبها متزوجة أو ترفض؟
    فقل أنت وكيلي…… واترك الباقي على خيّك

    ودعك من وجع القلب والرياضيات.. ومن
    الثورة والثوار والمرض والأوجاع
    وترامب والدولار
    ودعك من غنوة وليلى وسارة… وابتسام

    الرد
  3. إبراهيم يوسف

    نحن أمام أحد الخيارين الأَمَرَّيْن الخراب
    أو العودة إلى الفساد… فأيهما تختار….؟

    الرد
  4. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    والله “أني” مهذب وخصوصي معك أستاذ إبراهيم يوسف
    والله “أني” بحبك وبحترمك كصديق وككاتب وأديب.

    إن كان في كلامي وتوجهي لك ما لا يليق
    فأرني أين وساعدني على حذفه
    ولكن في البداية تقبل اعتذاري بكل محبة مع باقات الزهور.
    الله يطوّل بعمرك يا صديقي:
    والله لا ظلمت الحب ولا هو ظلمني،
    بل أحببت الحب
    وعشقت الغرام والهيام
    وكلّ ما يسرّ الخلق ويسعد الأنام.
    وبعد…. فاليوم وبعد فوات الأوان “جاي تحكيني بالليسترين”!
    وهلّ “حيدر بالعديلة؟” حسب قول عبلة
    أمّا الخيار الوحيد أمام الشعب اللبناني
    الذي رأى المنكر من الطبقة السياسية الحاكمة
    قهو أنّه سيعمل على “تغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.
    هلكونا بالتهويل وبالفراغ وبالخراب
    وهل من خراب أكثر من تردّي أوضاعانا في مختلف المجالات
    لم يتركوا لنا جنباً نَقْلٍبُ عليه ……
    وإن ما خربت ما بتعمر
    والسلام

    الرد
  5. إبراهيم يوسف

    يا ريتك فحسب حطَّيت (الأديب) بين قوسين..؟؟

    (الأديب) في الإشارة إليّ، وأنت تتوجه لي بالقول
    في عنوان النص: رسالة إلى الأستاذ الأديب…

    ومن قبيل التواضع طالبك بالقوسين حول الأديب
    وهكذا أتحول من (أديب) إلى (مهذب)
    فالأديب في اعتقادي ثوب يفيض عن جسمي
    أمَّا؛ أنا خيّك… وبتكفيني محبتك وكون.. (مهذب)..؟!

    فقد توسلت العامية: أنا خيّك… وبتكفيني محبتك
    وأما (وكون مهذب)..؟ فأنا المتكلم عن نفسي ولا أخاطبك
    إنما أخاطب نفسي: وأعني: أن أكون مهذبا
    لعلي قصَّرت في التعبير وحسب. يسعد مسا الجيع يا رب

    الرد
  6. د. أحمد شبيب الحاج دياب

    أعترف لك “خيّ” ابراهيم يوسف بأني فهمتُ المقصود من الأساس
    ولكني أردت سدّ الطريق على أيّ سوء فهم لدى القاريء العزيز
    وأنتهاز الفرصة لكي أعبّر بعض التعبير عن بعض ما أُكنّ ……
    وألف تحية وسلام وباقات الزهور

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.