العقل الديني من الحداثة الى ما بعدها

بواسطة | 8 مارس 2019 | مقالات | 0 تعليقات

يقول بوذا: “نعم يا كلامس، إنه لمن الأفضل أن تكون لك شكوك، وأن تكون عندك حيرة، وذلك لأن الشك ظهر في مادة هي نفسها مشبوهة ومدعاة للشكوك… والآن انظر يا كلامس: لا تدع نفسك تنخدع بكلام وشاة، او بكلام التقاليد التراثية المنقولة عن الأسلاف، أو بحديث قالوا وقلنا… لا تدع نفسك تُقاد من قبل هيبة النصوص الدينية، ولا من قبل المنطق وحده، ولا عن طريق الإهتمام بالمظاهر، ولا بواسطة الآراء النظرية، ولا بالفكرة التي تقول: “اتبعْ معلمنا وسيدنا”. لكن يا كلامس، عندما تدرك بوسائلك الخاصة فقط أن بعض الأشياء فاسدة وخاطئة وشريرة فاهجرها فورا، وعندما تدرك بوسائلك الخاصة فقط، أو بذاتك فقط ان بعض الأشياء سليمة وطيبة فاتبعها فورا وبلا تردد”. (ما الذي علمه بوذا؟ عن الهوامل والشوامل).

صديقي العزيز الدكتور شوقي يوسف

غالبا ما شاركتك الحوار وأنت تثير النقاط الخلافية حول مسائل الدين، ونادرا ما كنت أتحفظ وألتزم الصمت. والتزامه ليس ذكاء مني ولا تقية، ولكنه تحسب واحتراز ووقفٌ للمراجعة. لأني رأيتك مندفعا بلا روية، تَعْجلُ الأمرَ نحو قطيعة فكرية وسياسية وروحية مع العقل الديني الملتصق بالمنقول، والذي لا يريد عنه انفكاكا. عقل يُصدّق بلا سند، ويقبل بلا منطق. يناسب الأنظمة الشمولية يشايعها ويحميها لأنها “أنظمة سكون وإقامة في مكان واحد”. الحُكم مع هذا العقل للنص وليس للتجربة، فيتعطل في سيادته النقد والتجديد والإبتكار، ما جعلك مستعجلا تترقب حلول العصر العلماني الموعود صافيا ونقيا. حيث يَحُل فيه انتخاب السلطة السياسية محلَّ المشروعية الدينية، التي ما فتئت تنتج معنى أو معاني النظام القديم وترفض استبداله. عندما كتبتُ لك عن فولتير وسبينوزا، شعرتُ أيها الصديق أن ماء خالصا وغزيرا صب في طواحينك ليساعدك في تفكيك الثقافة والتراث، ويحارب معك الخرافات الدينية كما حاربها عصر التنوير الذي أربك الحكم المطلق لملوك فرنسا وعمل على إسقاطه.

إن كثرة ما يحيط بنا من إخفاقات، لا يعني النضوج التاريخي للعلمانية، كما لا يعني سهولة العودة للزمن النبوي وتحيينه. نحن متفقان أيها الصديق على محدوديةَ العقول التي تشعر بالإكتفاء، ومختلفان ربما في تقدير ما يتمتع به العقل الديني من قدرة على المقاومة، بالرغم من السطوة المتزايدة لمختلف العلوم. إن عنف المقاومة يفيد أن هذا العقل لم يمت ولم يشارف على الهلاك كما يعتقد البعض. لم يمت لأنه على قول أركون “يعرف كيف يخلق الآن كما في لحظة انبثاقه الأولى (مديونية المعنى) لدى الشخص الذي يصغي ويستمع. إنه يخلقها بكل قوة الى درجة أنه يحيي الحركة الداخلية للوعي المطيع المعترف بالجميل. وهذا هو معنى كلمة يعقلون أو تعقلون في القرآن” وهو آخر النقاشات التي أثيرت ليلة السبت حول القلب والعقل كمصدرين مختلفين للمعرفة، عكس ما كانا عليه في بداية الدعوة الإسلامية. إن الدعوة للتعقل في القرآن، دعوة للمعرفة القلبية، لم تنمُ ولم تتطور في الوعي الإسلامي فبقيت حتى تاريخه مرتبطة بمفهوم التبصر بعجيب خلق الله. فاللب في قوله: يا أولي الألباب ( كلمة من أصل أثيوبي) لا يعني إلا القلب. والتعقل القرآني مختلف عن التعقل الناشف بمعناه الارسطي أو المعتزلي أو الإسلامي المتأثر بالفلسفة اليونانية.(دراسات الفيلولوجيا)

صديقي العزيز

صحيح ما تقوله وما تعتقد به أن صراعا يتنامى بين العقلين، وأنت حريص ومندفع في حلبة الصراع، للفصل الحاسم والسريع بينهما، لأنك لا تحب أن تبدو رماديا. لكن الصحيح أيضا، أن العقول لا يلغي بعضها بعضا، وإنما تتعايش وتتنافس حتى تنوجد في حروب الإلغاء نقطةُ التوازن التي ترضي العقول المتنافسة. وناتج الصراع، عقلٌ رمادي جديد مشروط بالمعطيات الثقافية والتاريخية، بمعنى أنه لا يعتبر حلا نهائيا، لأن المراحل اللاحقة من الصراع قد تتجاوز نقطة التوازن وتلغيها لصالح التنافس مرة أخرى. إنه أيها الصديق إصلاح دوري وتلقائي.

العقل الديني الإسلامي على ما وصف محمد أركون هو”ما تركه المسلمون في تراثهم” وهو تراث مفخخ بالخلافات المذهبية، يفرّق ولا يجمع، كل فئة متمسكة بتاريخها، إرادة مسلوبة تقف باستمرار على شفير الحرب الدينية. من المتعذر نزعُ فخاخها. لا التأويل ينزعها ولا المجاز. كل ما في التراث ضيق، متشابك، متآكل، مسكون بالتناقضات. أساس هش لا بناء فوقه، ولا يقين فيه. تراثٌ كُتِب تحت رعاية الأنظمة الرسمية، مستبعدا ما يُغضبها، مُفتٍ لما يرضيها. يسعى هذا العقل لأن يتساند ويتماسك، وليس ذلك من خلال التنقية الدائمة لمادته التاريخية او من خلال البحث عن صحة فرضياته كما تسعى العلوم الإنسانية، وإنما يفرض تماسكه من خلال التأكيد الدائم والنهائي أن يقينياتِه فوق البرهنة، إنها يقينيات مسلم بها، تعيش في حالة توتر دائم مع الفلسفة ومع العلوم الوضعية. عقل يدّعي الإنتساب الى معرفة عالية هابطة من السماء، متصادمة دوما مع العقول القلقة الخاضعة للنقد والقابلة للتشكيك والتصحيح.

يدعي العقل الديني، وهو أرثوذكسي بامتياز، أنه وحده العارف بالطريقة المستقيمة لسنّ القوانين. التشريع اختصاصه. ولا مختص غيره. هذا في الوقت الذي لم تعد السلطة التشريعية فيه من اختصاص العقائد اللاهوتية. ومن شأن هذا الإدعاء القائم على قدسية القوانين أن يَحُدَّ من قدرة الوعي الإسلامي على التجاوب مع ثقافة العصر التي تدعو اليها أيها الحكيم وترغبُ فيها، ليهنأ الناس بثمار العلمانية وينعموا بجنانها.

أنا أومن أيها الصديق أن غربلة الأفكار فعل من أفعال الحضارة، لا ريب في ذلك. فقد غربلت الحداثة وفتحت أفاقا جديدة للإبداع، وأطلقت الفكر من عِقاله، فقطع متعثرا أو حاول أن يقطع مع الموروث الثقافي القديم. وأعرفُ أنك من العقلاء الليبراليين الذين يرون الأمور بشكل نسبي، والذين يتعلقون بالقيم النبيلة وبحقوق الإنسان كما رأتها شرعة الأمم المتحدة. وأعرف أيضا أنك من المؤمنين بفعالية العلوم الإنسانية في دراسة الدين، حتى لا يبقى تحت الحراسة الصارمة للأرثوذكسية، التي تعتبر الخطاب الديني صادرا عن الإله الراعي المتدخل دوما في التاريخ الأرضي. فبينما تَعتبِر العلوم أن الإنسان مركز الكون، يعتبر الدين أن الله محوره، يدير كل شيء فيه بحكمة وإرادة مطلقة. وعلى خلاف العلوم الفيزيائية الحديثة وفهمها للكون، يعتقد الدين أن لا شيء متروك فيه للفلتات العارضة.

تُقر النظريات القديمة للعلوم الإنسانية أن الدين زيف ووهم ومخيال، لكن الحديثة منها تجانب الإيديولوجيا والأحكام الصارمة، تفسر الأمور ولا تحكم، وتنظر الى شرائع الدين كتعاليم مجافية للواقع الحقيقي.

يقول Saint-Simon كبير علماء الإجتماع الفرنسيين وهو الشهير في أكثر من علم: إن الله اختراع إنساني. وجاهد تلميذه Auguste comte ليفصل الله عن الدين فصلا كاملا، مبديا استعداده “لتقدير الله تقديرا تاريخيا، شريطة الإنتهاء منه وعدم ذكره نهائيا. وكان يرى أن الإنسان هو الكمال الأسمى. إنه أفضل من الله. وإن المرأة أجدر منه بالعبادة لأنها محلُ تحقيقٍ لأماني الصداقة والعشق”. ( د. أحمد ابراهيم خضر)

نظريات قديمة وحديثة كنتَ تثيرها دائما في حديث السبت، وشاركتُك الجدل في جزء منها، لأن فتوحات العلوم الإنسانية في دراسة الدين مغريةٌ للجدل، وكانت على الدوام فتوحاتٍ شديدةَ الإثارة والفضول. لكني مرتبك اليوم وربما مأخوذ بما تعرفت عليه من نظريات ما بعد الحداثة، تلك التي تبدو أجدر بالمستوى اللائق لما بلغته العلوم، والتي ترى أن العالم الديني عالم زائف، لكنه عالم حقيقي لمن يؤمنون به. لا بد أيها الصديق “أن يكون للإنسان معتقدات دينية (أساطير)” فمن حقه أن يعتقد بالشياطين وملائكة الرحمة، بالآخرة وبالعبور السريع اليها… علما أن الإعتقاد الراسخ بالدنيا “الفانية ” يعرقل الحياة ويهددها بما هي معنى أو معان نعمل على تطويرها لتصبح الأرض مكانا لائقا للإقامة الدائمة. لم تمدح الحداثة الدين، بل عملت على هدمه. ومدحت ما بعد الحداثة نقدَه وتفسيرَه ليلعب فيه المجاز ويخضع كليا لسلطة العلوم الإنسانية. وربما يكون العالم الأميريكي Talcott parsons تالكوت بارسونز ( 1902 ــ1979 ) أفضل من عبر عن هذا الإتجاه الهادىء والفاعل لنجاحه في “ترقية الدين ونقله من درجة الوهم الى درجة الإنحراف الضروري”.

لقد كنت أستمع الى آرائك أيها الصديق وأنت تحاول تناولَ المقدس بآليات العقل وتعمل على تحطيم القناعات الدينية المزيِفة لوعي الناس كما استمعت الى تبخيسك وإدانتك كثيرا من الطقوس المتولدة عن خوف الناس وقصورِهم وعدم قدرتهم أو رغبنهم في الحسم والمجابهة. هل تتذكر ما كتبت لك عن (مادية) الديانة الصينية؟ الإسلام يا صاحبي مقيم في الزمن النبوي ولا يرضى أن يبارحه. لا أسئلة فيه. كل شيء منظم وثابت، معروف، محسوم، مريح، ومصدر اطمئنان. الإنتقاء ممنوع. الطاعة أول الفضائل. والفتوى فيه أصدق من الوقائع التاريخية. الجسد منبع الرذائل ومصدر الشهوات. والماضي أفضل نماذجه وأكملُها. ومع ذلك فالدين على رأي عالم الإجتماع الأميريكي Robert Bellah روبرت بيلا (1927 ــ 2013) “يحتوي على حقيقة ما! لكن هذه الحقيقة تختفي في الأساطير والطقوس الوهمية”.

أيها الصديق العزيز

ليس هناك رأي واحد إزاء الحقيقة. لقد خرج المطلق من إطار المعرفة، لن يقاربها ويعلوها كما كان. الشكُ اليومَ إسمٌ من اسماء الذكاء على قول بورخيس، وقد رأيتَ وأنت الطبيبُ العالم والقارىء المتابع، كيف تتهاوى دائما النظريات العلمية وتسقط أمام الأحدث منها دون أن يتوقف العلم عن سعيه وتقدمه. لقد شكلت الحداثة روح الحقائق، وبنت عليها كثيرا من المذاهب الفلسفية. وأنكرت ما بعد الحداثة ليس المعتقدات الموروثة فقط، وإنما ما أنتجته الحداثة من ثنائيات جامدة ومتصادمة: الحقيقة والوهم. الخطأ والصواب. المؤمن والملحد… لقد رأى فرويد في الدين عقدة أوديب، ورأى فيه ماركس أفيون الشعوب، وعارضه نيتشه بسبب ما يعتري بناءه من هشاشة، فكتب داعيا للخروج من دائرة الإنسجام مع القيم الجامدة بما فيها الأخلاق المسيحية التي تختفي وراءها أنهارُ الدم. وصرخ بصوته العالي أو بصوت زرادشت “هيا اكسروا هذه المناضد البالية” كأنه يرسخ قانونا جديدا ضد المسيحية. وبتأثير من كتاب Wagner “إنساني مفرط في إنسانيته” استعاد توازنا كان قد فقده مع Schopenhauer وقال: “إذا كان التخلص من سدنة المعبد قد تم فإن المهمة الأصعبَ هي التخلص من ظل الآلهة الجديدة”. ورأى وهو الأب الروحي لما بعد الحداثة، أن الخلافَ في أمور الدين خلاف في الرأي، بابه طويل وحبله مثنى والجدل فيه جدل من نوع “أن طعم الشوكولا أفضلُ من طعم الفانيليا”. لكن ماذا لو بقي الدين ايها الصديق حيا يتنفس في عالمنا؟ يرعى ويبث في قلوب المؤمنين ما يلزمهم من فروض الطاعة والطمأنينة. وماذا لو بقي للملحدين نزوعُهم الحرُّ نحو توكيد فعالية الإنسان وحقه في السيطرة الكاملة على محيطه وعالمه. لقد أدانت ما بعد الحداثة الإيمانَ المتعصب والإلحادَ المتطرف “باعتبارهما معا سيرورتين اختزاليتين تقومان على الأحادية والقهر وتخلوان من دواعي الفهم والتفهم، حيث الإعتراف المتبادل بالسلبيات والأخطار، والتقدير المتبادل للمزايا والإيجابيات”. (الدين في ما بعد الحداثة. صلاح سالم) أخذ بهذه الأفكار وتأثر بها قليل من العلماء المسلمين. ما دفع بعض الفقهاء وبالرغم من قناعتهم باستحالة تجاوز الوحي، الى تطوير بعض أحكامهم التي لم تصمد أمام النقد التاريخي، فتزحزحت تلك الأحكام القديمة البالية محاولة الإنتقال الى فضاء العقل النقدي الحديث حيث تكون المعرفة أكثر اتساقا وعقلانية.

استجابت الفلسفة لعلوم العصر وتكيفت معه، وقدّمتْ كما تعرف أنساقا جديدة للحقيقة متوالفة مع العقل الإنساني، لكنها كانت على الدوام أنساقا معرفية خارج مفهوم القداسة، لا يشغلها إلا النزوع الدائم نحو اليقين. فقد تأثرت الفلسفة بالفيزياء النسبية (أنشتاين) وبالفيزياء الكمية الحديثة (كونتيك) فغاب عن صورة الكون الثبات واليقين أي ما تنزع اليه الفلسفة وأصبح القياس قياسا نسبيا خاضعا للحاضر المتحول. فتعمقت الشكوى والصعوبات من بلوغ اليقين، الذي لم يتوقف لحظة عن الجريان، فصارت الحقيقة بفعل جريانه الدائم مجزّأة، مؤقتة، سريعة التحول، ولم يبق من صورتها إلا ما كانت عليه. حذارِ إذاً يا صاحبي فكل ما حولك موضعُ شك ومراجعة وتساؤل. أنت لا تملك الحقيقة أيها الصديق، ولا يملكها أحد بصورة نهائية.

لقد ارتكزت فلسفة الحداثة على فعالية الذات الإنسانية وقدرتها على كشف الحقائق الكامنة في الكون، وذلك من خلال رصده وتفسيره تفسيرا صارما وثابتا. وعلى نفس الركائز تكونت كوجيتو ديكارت (Cogito ergo sum) القائمة على مبدأ إثبات الحقائق بالبرهان. والتي كان من أهم إنجازاتها وقفُ الحقيقة على ما ينتجه العقل حصرا. لقد رسّمت الحداثة الواقعَ بصفته حضورا فاعلا. وأسقطت الدين باعتباره غيابا كاملا.

وما يحصل بعد الحداثة أيها الصديق هو إعادة النظر في قدرات العقل وآلية اشتغاله. فالعقل كما حدده Althusser (ماركسي من الأقدام السود 1918 ــ 1990) هو عملية اشتغال بلا ذات. التاريخ مشروط ببُنى من خارج الإرادة والعقل، اللذين لم يعودا محركين فاعلين في التاريخ الإنساني. لأن اعتبارهما كذلك “يُغرق العلوم الإنسانية في متافيزيقيا غير قابلة للضبط والقياس”. وبتأثير من ألتوسير أطلق Faucault إعلانه عن موت الذات الإنسانية كمصدر للمعرفة، وهو إعلان عن موت المفاهيم التي جاءت بها الحداثة حول الذات وحول الحقيقة والإرادة والعقل. لتصبح فلسفة ما بعد الحداثة كثيرة التشظي. إنها فلسفات متعددة وربما غير متماسكة، قائمة على نفي الحق المطلق في الدين كما في العلوم.

نعم يا صديقي “كلامس”، أيها الحكيم الفاعل والمشاغب في جلسات السبت، لا تدعْ نفسك تقاد سريعا من قبل المنطق والآراء النظرية، أو من قبل هيبة النصوص الدينية، فمن الأفضل دائما أن تتوقف قليلا، وأن تكون لديك شكوك، وهي على آلامها مشاعرُ إنسانية تصادق الأرواح القلقة. وهي أيضا على رأي فولتير ليست وضعا مريحا ولا مُستساغا، لكن الركونَ الى اليقين، هربا من ألم الشكوك، حماقةٌ كبرى.

مهندس وكاتب لبناني

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.