الدين عصب الحروب

بواسطة | 6 يوليو 2018 | من التاريخ | 1 تعليق

عزيزي الدكتور شوقي يوسف

قرأتُ كتابا لم ينشر بعد للصديق الدكتور جورج عبد الأحد، فيه من التاريخ ما ينعشُ الذاكرةَ، وفيه من تاريخ الصراعات الدينية ما يثيرُ في النفس رغبةَ النسيان. تاريخُنا السياسي يطابق تاريخَ الصراعات الدينية ويساويه. لا شيء خارجَ الدين. الطائفة سجنٌ كبير، فخٌ يسهل الوقوع فيه ويتعذر الخروج منه. لكل سجن نظامُ قيمِ خاص. تتعدد أنظمةُ القيم الطائفية فلا يستقرُّ لبنان ولا يهدأ. الإنقسامُ فيه هو القاعدةُ. تأكله حروبٌ دينية موسمية. يودِّع حربا ويستقبل أخرى. يرقص باستمرار على حافة الهاوية. أصغرُ الأحداث فيه وأتفهها مرشحة دائما لخطر الإنزلاق نحو الفتنة الكبرى. زرتُ في بداية السنة أيها الصديق معرض الكتاب الدولي، ووقفتُ أمام غلافٍ مثير وصادمٍ (لبنان في مئة عام: انتصارُ الطائفية) للكاتب المعروف نصري الصايغ. طالعته بشغف، وقرأتُ على صفحاته الأولى كلماتٍ معبرةً لوديع سعادة، من كتاب له عنوانٌ حالمٌ (بسبب غيمةٍ على الأرجح). جاء فيه وصفٌ لزمن الحرب: “صوتُ المذيعة ينقل أسماءَ قتلى وجرحى، إنهم يحصدون بعضَهم في الشمال، ويحصدون بعضهم في الجنوب، يحصدون بعضهم في الجبال، ويحصدون بعضهم في المدن. قبل أيام كانوا رفاقا. زار بعضهم بعضا. شربوا القهوة وتواعدوا على اللقاء يوم الأحد. فجأة يتلاقون مدججين بالسلاح. يتقابلون أعدادا وجثثا. المذيعة تنقل أسماء جثثهم وتنهي بأغنية”. الحربُ الموصوفةُ يا صاحبي هي لبنان الذي يقف دائما على أشلاء قتلاه. يعدِّدُهم في كل نشرة أخبار، ويغني ما بين النشرتين.

صديقي العزيز

الدين عصب حروبنا، لكل طائفة كتابٌ، عصبٌ وتاريخٌ وراوٍ. قد يكتب المؤرخون غدا تاريخا لبنانيا حقيقياً ومعتبراً من خارج طوائفهم، أو لا يكتبونه أبدا. التاريخ اللبناني مكتوم وموضوع. مقتلُ النظام الطائفي كتابتُه. دعْنا نعتبر إذاً بتاريخ الحروب الدينية التي ألهبت العالم القديم، والتي لعب فيها الدينُ دورا محوريا.

في 27 تشرين الثاني 1095 ألقى البابا الفرنسي Urban II،  أقوى الخطب إثارة للمشاعر الدينية، وأعظمها أثرا في تاريخ الحضِّ على الكراهية. قال فيها: “يا شعب الله المختار، لقد جاءت من تخوم فلسطين ومن مدينة القسطنطينية أنباءٌ محزنة، تعلن أن جنسا لعينا أبعدَ ما يكون عن الله، قد طغى وبغى في تلك البلاد وخرّبها بما نشر فيها من أعمال السلب والحرق… إنهم يهدمون المذابح في الكنائس بعد ان يدنّسوها، ألا فليثر همتكم ضريحُ المسيح المقدس… الضريحُ الذي تمتلكه الآن أممٌ نجسة. طهروا قلوبكم وانتزعوا هذه الأرضَ من ذلك الجنس الخبيث، وتملكوها أنتم. إنها أرضٌ لا نظير لها في ثمارها. هبوا لإنقاذها تتخلصوا من ذنوبكم وتنالوا مجداً لا يفنى في ملكوت السموات”.

وحتى يكونَ للتعبئة الدينية فعاليةٌ سريعةٌ، صوَّرَ لهم نفيرُ الحرب ما لا يمكن الصبرُ عليه، “غانياتٌ سمرُ ينتظرْن أن يأخذهنَّ رجالٌ بواسل”. ووصف المسلمين بأنهم وثنيون يعبدون تمثالا للنبي محمد الذي أصابتْه نوبةُ صرعٍ أكلتْه بعدها الخنازيرُ البرية.

بدأتْ أيها الصديق أمواجُ الجراد تتدفقُ بفعل الحضِّ على الكراهية، ناهبةً المدن والقرى، المنازلَ والمدافن والكنائس والحقول، حتى وصلت الى نيقية فأبادتها قوةٌ تركية. توجهت حملةٌ أخرى الى انطاكية، حاصرتْها ثمانية أشهر، مات كثير من الصليبيين في شتائها جوعا وبردا. وأمسك بعضُهم رمقَه، بأعواد حلوة سموها Zucra. ويُروى أن Peter  Bertholo قسيسَ مرسيليا، أراد أن يبثَّ الشجاعة في القلوب اليائسة، فعثر على الحربة التي نفذتْ الى جنب السيد المسيح. رُفعتْ أمام الجموع المتخاذلة كأنها علمٌ مقدس. اتُهم بارتولو من بعض المتنورين بارتكاب خديعة دينية، عرض أن يجتاز ناراً مشتعلة ليثبِّتَ صحة دعواه، فلم تكن النارُ كما كانت على ابراهيم، خرج منها في الظاهر سليما وتوفي في اليوم الثاني من جراء حروقٍ لا يحتملها الناسُ ولا القساوسةُ. في شهر تموز من عام 1099 وقف الغزاة على أسوار أورشليم، تسلقوها ثم أعملوا فيها النهبَ والقتلَ. صبغوها بدمها. فكنت ترى في الشوارع أكواما من الرؤوس والأطراف، تسير فوقها الجيادُ أينما سارت على جثث الرجال والنساء اللواتي كن يُقتلن ويُخطف الرضَّعُ عن أثدائهن، ليُلقى بهم من فوق الأسوار، أو تُدق رؤوسُهم بالعُمُدِ. يقول المؤرخون إن ما ذُبح فيها من المسلمين بلغ سبعين ألفا، وسيق اليهودُ بعد سقوط المدينة إلى كنيس لهم سُدت منافذُه، وأشعِلتْ فيه النار.

أحدثت هذه المجازرُ أصداءً بعيدة في البلاد، دفعت أميرَ الموصل عماد الدين زنكي أن يزحف بجيشه سنة 1144 لينتزع من الصليبيين أراضيَ واسعة منها الرها. ما أثار من جديد حفيظة أوروبا. فقام القديس Saint Bernard خطيبا في الحشود، ممزقا مئزره ليصنع شارات الصليب. تطوَّع كثيرٌ من الرجال حتى لم يبق على زعم المؤرخين إلا رجل واحد لكل سبع نساء. وبعد أن أيد الملك لويس السابع الحملة، انصرف برنار الى ألمانيا حيث أيَّده في مسعاه الإمبراطور كونراد الثاني. سار الجيشان في حذر كأنهما عدوان لدودان. اصطحبتْ Aliénor d’ Aquitaine زوجها الفرنسي محملة بعدد كبير من حقائب الثياب وبكمية وازنة من العطور ومواد التجميل. لم يمضِ وقتٌ طويل حتى هزمَ الحملةَ جوعٌ وهجماتٌ مكررة ومتلاحقة للمسلمين. انسحب كونراد بلا حج ولا غانيات، وعادت إليانور مع حقائبها ونبلائها الى فرنسا. أما لويس فبقي عاما كاملا حج فيه الى الأضرحة المقدسة.

كان لهذه الحملة المشتتة تأثيرٌ كبير وبيِّنٌ على مناخات أوروبا الفكرية، شبيه بما أحدثته عندنا عام 1967 نكسة الخامس من حزيران. فقد أخذ الناس يتساءلون كيف لإله أن يُذِلَّ المدافعين عنه فيخذلهم ويرسلهم الى حتوفهم. وردَّ برنار كما تًرُدُّ الحججُ الدينية المهزومة أمام الأسئلة الكبيرة، فقال: “إن أساليب الله سبحانه وتعالى لا تدركها عقولُ البشر. ومن يدري؟ ربما كانت الهزيمة لما ارتكب المسيحيون من كبائر وذنوب. “قُتلَ في الحملات الصليبية أيها الصديق أعدادٌ كثيرة بلغت الملايين، تغاضيتُ عن ذكرها حتى لا أُثقِل بأرقامها نصا جافا بطبيعته كما هي حال النصوص التاريخية. عاد الى أوروبا من استطاع العودة مهزوما محملا بالأسلاب، والذين استوطنوا من الغزاة اتخدوا لهم زوجاتٍ سوريات وجرت دماؤهم في عروق كثير من العائلات الشرقية. فنمت صلاتٌ من المودة بين الطوائف المتزاوجة. وصف الرحالة ابن جبير في عام 1183 المسلمين بأنهم يلقون معاملة حسنة من المسيحيين، وكان مما ساءه أن يرى “عكا غاصة بالخنازير والصلبان تفوح منها رائحة الأوروبيين الكريهة . ولكنه أمل أن يتطعم المسيحيون بالحضارة التي وفدوا اليها والتي هي أرقى من حضارتهم”.

امتدت فترة السلم أربعين عاما، حكمتْها اتفاقية الهدنة المعقودة مع صلاح الدين. لكن حصل في هذه الفترة التي وصفها ابن جبيرٍ، أن تسلم عرشَ أورشليم Guy de Lusignan فقال أخوه المشكِّكُ بجدارته: “إن كان جاي ملكا، فأنا إله” ثم نصّب Renaud de Chatillon نفسه ملكا في قلعة الكرك، وأعلن عزمه أن يهدم قبرَ النبي في المدينة. أبحر على رأس قوة من الفرسان فباغتتْه مجموعة مصرية، فرّ الأميرُ المتهور وسيق الأسرى جميعهم الى مكة، ليُذبحوا في يوم النحر من عام 1183.

اعترض الأميرُ الهاربُ من مصرَ قافلةً للحجاج المسلمين، نهبها وأسر عددا من أفرادها، بينهم أخت صلاح الدين وقال: “إذا كانوا يثقون بمحمد فليأت لينقذهم”. لم يأت محمد، لكن صلاح الدين أقسم أن يقتله بيده. فلما انتصر في حطين وأوتي بجاي ومعه الأمير، قدم الشرابَ للملك وخيَّر الدوقَ الأميرَ بين الموت والإسلام، فلما رفض، قتله بيده.

في الوقت الذي توفي فيه صلاح الدين، وصل الى عرش البابوية (1198 ــ 1216) Innocent III . لم يتردد البابا الجديد في بثّ المزيد من الكراهية الدينية، فواصل دعوته لحملة رابعة. يقول ويل ديورانت: عندما وصلت الحملة الى القسطنطينية، رأى الجنودُ اللاتين جماعة تُصلّي من المسلمين، فأشعلوا النار في مسجدهم، امتد الحريق الى ثلاثة أميال وحوَّل قسما من المدينة رمادا وأنقاضا. ولما أتى عيدُ الفصح انقضَّ الجنود على ما بقي عامرا فيها. دُمّرت تماثيلُ المدينة خاصة المذهبة منها، وسُرقت يومها كنيسة آيا صوفيا والجيادُ البرونزية التي كانت تطل على المدينة اليونانية، ليزينوا بها ميدان القديس مرقس في البندقية. ومن مآسي هذا الحريق، أن امتدت النار الى دور الكتب لتلتهم مسرحيات Sophocle التي كانت لا تزال محفوظة فيها. لقد اجتاح الغزاة الكاثوليك المدينة كما لم يفعل لصوصٌ من قبلُ، فأبادوا ما تكدس فيها من مخطوطات وكتب وقيم ثقافية، دفعت البابا ليعرب عن استيائه من لصوصية الصليبيين، الذين فضّلوا خيراتِ العاصمة البيزنطية على نعم السماء. يقول مؤرخ شاهد نهب القسطنطينية: “ان العقل يرتعش لهذه المآثم ويحمرُّ وجه البشرية خجلا” مثلما ارتعشتْ عقولُنا ونحن نشاهدُ مآثمَ الإسلاميين وهم يدمرون بفؤوسهم محتويات المتاحف العراقية.

أيها الصديق العزيز

لم تنته الحروب الصليبية بما ذكرتُ من المآسي. صحيح أن ما تتابع منها كان أقل دموية لكنه كان أكثرَ داعشية. ففي عام 1212 قام شاب ألماني يدعى نيقولا، لا يُعرف شيءٌ عن ماضيه، وأعلن أن الله أمره أن يقود الى الأراضي المقدسة حملة صليبية من الأطفال. يقول ديورانت: خرج معه من مدينة كولونيا حشدٌ من ثلاثين ألف طفل. ساروا بموازاة الراين وتسلقوا جبال الألب حيث قتلهم الجوعُ وفتكت بمن تخلف منهم ذئابٌ جائعة. ومن كُتبَ له أن يصل الى جنوى لم يجد سفنا تُقلّه الى فلسطين. أما في فرنسا فقد تقدم من ملكها Philippe Auguste، راع يدعى ستيفن، لا يتجاوز الثانية عشر من عمره، وقال إن المسيح ظهر له وهو يرعى غنمه وأمره، ولا رادَّ لأمره، أن يقود حملة ثانية من الأطفال. نصحه الملك المتعقل أن يعود الى غنمه، لكن عشرين ألفا من الغلمان تحلقوا حوله وساروا وراءه الى مرسيليا. وكان قد وعدهم أن البحر سينشق أمامهم ليصلوا راجلين الى فلسطين. لكن البحر أخلف وعده. فعرض عليهم أصحاب السفن نقلهم بلا أجر. تحطمَ جزءٌ من هذه السفن في سردينيا، وحُمل الباقون الى تونس ومصر فبيعوا عبيدا في أسواق الرقيق. ويقال أن اينّوسنت الثالث نظم حملات فاشلة أخرى الى أن أدركت أوروبا، وفي إدراكها شكُ، أن الحروب الصليبية قد انقضى أجلها.

كان للحملات الدينية أيها الصديق، طابعٌ استيطاني. وأعتقدُ اعتقادا جازما أن كثيرا من الأوروبيين والأميركيين الذين يرسمون سياسة دولهم في المنطقة، يرسمونها على خلفيات دينية تحكمها الحروب السالفة. ولم يكن حديث بوش عن حملة صليبية بعد أحداث 11 أيلول زلة لسان. وإنما هي ثقافة محفورة في أعماق الذهن الغربي، “بصورة فرسان بواسل يطاردون العرب الوثنيين ذوي البشرات الداكنة”. هل تتذكر الأفلام الأميركية ذات الصلة؟ أو حديث ترامب عن المسلمين الذين صلبوا السيد المسيح!

صديقي العزيز

من الخطبة النارية للبابا اريان الثاني في Clermont جنوب فرنسا، الى الحرب السورية اليوم مرورا بالإحتلال الأنكليزي لفلسطين وتأسيس الكيان الصهيوني، يبدو المشهد كأنه مشروع استعماري مترابط لحملة صليبية مستمرة يتصدرها سياسيون وكتّاب عديدون يصورون الإسلام امبراطورية شر تهدد الحضارة الغربية (…Louis  bernard,  Huntington). ثم جاء الإسلام السياسي المتشدد ليؤكد الخطر الإسلامي وبالتالي استمرار الحرب الصليبية الموروثة التي لم ينقض أجلها بعد.

انتهت الى حين حروب الكفرة في الشرق، وبدأ البحث عنهم داخل البيت الأوروبي. فوجدوا الكاثار. وكانوا حركةً دينية آتية من مدارس التصوف الشرقي. مسيحيون غنوصيون على مذهب الثنيوية المانوية، يستهزئون بصكوك الغفران، ويؤمنون بالتقمص وتناسخ الأرواح، ويتعهد من يتلقى الأسرارَ منهم أن يبقى عازبا لا يتملك عقارا، لا يذهب للحرب ولا يأكل طعاما ناتجا عن اتصال جنسي. شيدوا كنائسهم الخاصة بعد ما ظهر لهم من فساد الكنيسة الكاثوليكية وسَوْء طقوسها، بما فيها طقوس الزواج والإنجاب، وهم الذين مجدوا العذرية والعزوبية. كانوا نباتيين، حرّموا على أنفسهم اللحم وشرب الخمر، أيدوا الإنتحار جوعا، وعُرف عنهم استهتارهم بالموت، لكوْنه يحرر الروح الخيرة المسجونة في الجسد المادي. انتشرتْ معتقداتُ الكاثار بين عامة الناس خاصة بين الحرفيين والحائكين وصغار الكسبة، ثم بين النبلاء في Toulouse.

كتب انّوسنت الثالث الى رئيس أساقفة Auch يعلن الحرب ويقول: “إن قارب القديس بطرس الصغير تتلقفه العواصف، وتتقاذفه أمواجُ البحر. ولكن أشد ما يحزنني ويقضُّ مضجعي، أن قامت فئةٌ لم يُرَ مثلُها في شدة أذاها، وفي تحررها من جميع القيود. ارتكبت أخطاءَ لا ترتكبها الشياطينُ. وأخذت توقع نفوسَ السذج من الناس بحبالها، وتفسدُ ببدعها معاني الكتاب المقدس… وقد أصدرنا اليكم الأمر أن تقضوا على هذه الفئات الملحدة بكل ما تستطيعون من الوسائل. وفي وسعكم إذا اضطررتم أن تجعلوا الأمراء والشعب يقضون عليهم بحد السيف”.

بدأت حرب اينّوسنت الثالث على الكاثار سنة 1209 وقتل في مدينة Béziers وحدها عشرون ألفا، منهم سبعة آلاف من الرجال والنساء والأطفال قُتلوا بحد السيف.

احتل الصليبيون مدينة Carcassone، وانكفأ الكاثاريون الى قلاعهم. انعقد مجمع تولوز الكنسي وأخذ الرهبان على عاتقهم مطاردة الهراطقة. وصدر عام 1252 رقيم بابوي يبيح لمحاكم التفتيش استخدام التعذيب خلال التحقيق مع الهراطقة. قاوم الكاثار على ما يقول المؤرخون عشرات السنين حتى سقطت قلعتهم montsegur وقد قضى فيها المئات من الكاثاريين نحبهم بالنار، وهرب من بقي منهم الى إسبانيا وإيطاليا. (ولا أعتقد أن الصورة التي نشرت لأدونيس وهو يرقص في القلعة الكاثارية إلا صورة مزيفة).

استمرت الحربُ عشرين عاما، منتشية برائحة الدم. ذُبح فيها مليون أوروبي، ومعظم سكان تولوز من كاثاريين وكاثوليك، تُرك للإله أن يتعرف من بينهم على أبنائه وأنصاره. وقد كتب Caesarus Heisterbach بعد عشرين عاما من تلك المجزرة أن Arnaud مندوبَ البابا سُئل في حمأة القتل، عن صعوبة التمييز بين الكاثار الكفرة والكاثوليك عباد الله المؤمنين فأجاب: “اقتلوهم جميعا فالله يعلم من هم أنصاره”. وكان أكثر القادة فتكا بالناس Simon de Montfort خريجُ الحروب الصليبية في فلسطين الذي قاد ما يقارب ثلاثين ألف فارس ليرتكب أول إبادة جماعية في تاريخ أوروبا. وقد حرّم مجلسُ Narbonne في 1229 بعد ثلاثين عاما من نهاية الحرب أن يمتلك أحدٌ من غير رجال الدين أيَّ جزء من الكتاب المقدس منعا للتفسيرات المجازية التي برع فيها الكثاريون، ومَنْعُ المجاز هو في الحقيقة منْعٌ لحرية الإعتقاد. وجديرٌ بالذكر حربٌ إسلامية مشابهة نفت فيها المدارسُ السُّنية مجازَ القرآن لتتحكم في تفسير النصوص، فسماه بعضُ من صَعُبَ عليهم نفيُ المجاز، ألفاظا متواطئة.

انتقلت عدوى الحروب الدينية الى أميريكا وكانت قارة آمنة يوم وصل اليها الغزاة، نظيفةً من البكتريا الأوروبية، مسكونة بكثافة ابتداء من نهاية العصر الجليدي (11000 ق.م). حيث بدأت منذ انتهائه عملية تدجين النبات والحيوان. لم تكن دوافعُ Christophe Colomb دوافعَ علمية، وهو الحائزُ على بعض العلوم الفلكية والمطّلع على خرائط ألمانية تتحدث عن كروية الارض. وإنما كان جمع الذهب هدفا لتمويل حرب دينية جديدة من الحروب الصليبية، كان كولومبس قد أفصح عنها في يومياته المنشورة في 26 كانون الأول 1492 فقد كانت رغبتُه أن يجمع ذهب العالم، ليمدَّ عرشَ اسبانيا بما يلزم من قوة وعتاد  لتحرير أورشليم. فكتب الى البابا والى الملكة إيزابيلا يحضهما على إنفاق غنائم أمريكا وثرواتها الموعودة في سبيل تحرير أورشليم. ثم أوصى ابنه أن يتابع المهمة إذا تخلّى عنها عرش اسبانيا، ولا وصيةَ لوارث، فما زالت ثروةُ العالم الجديد تتدفق على مدينة السلام لتخدم وصاياه. فقد كان للسياسة الأميركية نزعةٌ قيامية تدفع دائما نحو العنف. فهناك على ما زعم المؤرخ الأميريكي Richard Popkin “مدٌ من السعادة يغمر القياميين أمام صورة دمار العالم الذي ستكون شرارتُه الصراع العربي الإسرائيلي. والعنفُ على ما روى بوش في كتابه هو الوسيلة الوحيدة لهداية العالم وتنظيمه تماما كما علمه نداء الله God’s call في أوستن وهو يستمع الى الواعظ Mark Kraig.  وكما انكشفت له الشمس من وراء السحب، وهو يؤدي اليمين الدستورية لتولي حاكمية تكساس. فالله تكلم الى موسى من خلال الرئيس الأميريكي وكان يومها الرئيسُ ناراً تشتعل في العليقة التي تُسمّى buch في الأنكليزية. إذ لا حدود ولا حاجز بين التدبير الإلهي والسياسة الأميركية المشبعة بثقافة القياميين. (منير العكش. الأساطير العبرية التي تأسست عليها أمريكا).

كان كولومبس الفاتحُ الأولُ لأميريكا أو الثاني لا فرق، كاثوليكيا متزمتا تدفعه رغبة ملحاحة لاكتشاف طريقٍ مسيحيٍ للهند لا يمر في بلاد المحمديين. فقال في رسالة الى ملك البرتغال: ” أنا أعرف أن وجود مثل هذه الطريق نتيجة طبيعية لكروية الأرض”. طريق يُنشر بواسطتها الدين القويم، ويُحصدُ بها ذهبٌ جمٌ  وثراء سريع. وقد اتفق البحار المغامر مع ملك البرتغال على أن تكون حصتُه من الذهب عُشْرَ ما تعود به المراكب. وقد كتب Laurence Bergreen وهو كاتب سير أميركي من جامعة هارفارد يقول: “إن كولومبس كان يخير الهنود بين جمع الذهب أو الموت” فلم يبقَ من مئات الآلاف من الهنود على Isla Española التي تضم ما يعرف حاليا بهايتي وجمهورية الدومينيكان إلا خمسماية هندي فقط. فقد اعتبرهم المغامر الكاثوليكي ذوي أرواح حيوانية لا يشملهم الخلاص الإلهي. ويزعم الإسبان أن مقتل أكثر من عشرين ألف هندي في بورتوريكو وحدها، كان بفعل ضعف مقاومتهم للأمراض الأوروبية. فقتل وباءُ الجدري شعب الآزتيك، لكن الملاريا والحمة الصفراء شكلت عائقا كبيرا  أمام التوسع الأوروبي في إفريقيا على ما زعم عالم الأحياء الأميركي غاريد دياموند. تحول كولومبس من بحار الى قاتل مأجور وتاجر رقيق جشع إذ يصفه لورنس قائلا أنه باع في أوروبا كثيرا من الرقيق وأهدى مرافقه ميشيل امرأة هندية عارية. قال: “قدتها الى قمرتي ولما تمنعتْ وجرّحتني بأظافرها، شرعْتُ بجَلدها، فبدأت تُرسل صرخاتِها العذبة المثيرة (للغرائز الكاثوليكية) وبدت كما لو أنها تربَّتْ في مدرسة العاهرات”.

تزعم التوراة أن القلوب الشريرة تصنع الحروب. القلوبُ الشريرة يا صاحبي لا تصنع الحروب، وإنما يصنعها الذهب أو الدين او كلاهما بعد أن يرفع الدين من منسوب الكراهية فتصبح الحروب من أجل عظمة الرب أطولَ عهدا و أكثرَ دموية. في البداية كان الإستحواذُ على الأرض، والصراعُ على الطرق التجارية مبرَّرَين هامين للحرب، الى أن أصبح للدول حدودٌ ثابتة وحرَّر الإقرارُ بحرية التجارة طرقَ المواصلات. لكن الحروب الدينية استمرت متعاظمة متوحشة يحاربُ فيها اللهُ مع الطرفين لتصبح الحروب أكثر دموية وديمومة.

بدأ الكاثوليك الباحثون عن الذهب تدفقهم الى الشواطىء الأميريكية، يرافقهم مبشرون من رجال الدين يزعمون أن الله أرسلهم لفتح هذه البلاد الآمنة فهو من وهبهم على قول المطران Bartolomé de lascasas،  “حقَّ تدمير البلاد الجديدة ونهبَ خيراتها. إنهم ( أي الكاثوليك) لا يختلفون عن أولئك الذين يقتلون ويسرقون ثم يقولون: مباركٌ هو الرب، لقد صرنا بفضله أغنياء”.

في 16 تشرين الثاني 1532 حصلتْ مجابهة بين قائد الغزاة الإسبان Francisco pizarro ومعه 168 جنديا من الأشقياء وبين امبراطور الإنكا Ataholba محاطا بأربعين ألفا من الهنود. يقول المطران برتولومي، في كتابه “تدمير الهنود” وكان والده مرافقا لكولومبس “إن أتاهولبا سأل رعيته: هل تعلمون لماذا يريد الإسبان قتلنا؟ فأجابه بعضُهم: إنهم يفعلون ذلك من أجل ربهم، إنهم يريدوننا أن نؤمن به. وكان بين يدي الزعيم الهندي سلةٌ صغيرة مملوءة بالذهب، فابتسم وقال لهم هذا هو ربهم. هيا نرقص له ونرضيه فلعله إذا سمع دعاءنا يأمرهم ألاّ يذبحونا. ثم رقص حتى الإنهاك. وبعدها قال: اسمعوني جيدا سوف أرمي بهذا الذهب في النهر لأنهم سوف يقتلوننا من أجله”.

كان المعسكر الهندي على ما وصفه شاهد عيان، سماءً مليئة بالنجوم، أتى منها مبعوثُ أتاهولبا فقال له بيزارو “قل لملكك إني سأستقبله كأخ وصديق ولن يقع عليه أذى أو إهانة”. إختبأت قوات الحاكم وبدأت سرايا أتاهولبا تتقدم بألوانها العديدة كأنها لوحة فسيفساء. وكانت كمية الذهب التي تلمع تحت أشعة الشمس كبيرة جدا. كان أتاهولبا يرتدي زيا يليق بمقام الآلهة. يجلس على كرسي صغير مطعمٍ بصفائح الذهب والفضة. أرسل بيزارو الراهب Vicente  Valverde ليتحدث اليه. تقدم الراهب وهو يحمل الكتاب المقدس بيد والصليب بالأخرى قائلا: “أنا قسٌ في خدمة الله، وأنا آت لأعلمك ما يقول الله في هذا الكتاب…” طلبه أتاهولبا لينظر اليه، “فقدمه الراهب مُغْلقا، لم يعرف إله الشمس كيف يفتح الكتاب، مد الراهب يده ليفعل، فضربه أتاهولبا على ذراعه ثم فتحه بنفسه. ودون أن يبدي اندهاشا للحروف أو الورق، رماه على بعد خطوات منه، فيما تلون وجهه بالأحمر القاني”. يقول شاهد عيان: “عاد الراهب الى بيزارو صارخا، تعالوا…تعالوا…أيها المسيحيون تعالوا الى هؤلاء الكلاب الأعداء الذين يرفضون تعاليم الله. لقد رمى هذا الطاغية كتابي المقدس على الأرض. الم تر ما حدث؟ لماذا تبقى مؤدبا وصاغرا تجاه هذا الكلب المفرط في التباهي بنفسه؟!” أعطى الحاكم الإشارة فبدأ إطلاق النار. صاحت الأبواق، وخرج الإسبان من مخابئهم وهم يطلقون صيحات الحرب: “سانتياغو” وقد وضعوا قريقعات على الأحصنة. ارتبك الهنود وتفرقوا. وبدأ الإسبان قتلهم وتقطيعهم. حمل الحاكم سيفه ووصل الى أتاهولبا، أمسكه بذراعه اليسرى وصرخ: سانتياغو! يقول مرافقوه: لم يتمكن من سحبه رغم أننا قتلنا الهنود الذين يحملون العرش. تقدم سبعة إسبان الى المحفة وقلبوها بخيولهم. أُسِر اتاهولبا في دقائق معدودة، ولم يتخل عنه حراسه حتى قُتِلوا جميعا. لم يخسر الإسبان جنديا واحدا، لكن للأمانة التاريخية فقد جرح بيزارو يده وهو يحاول سحب الإمبراطور من محفَّته. اعترف أتاهولبا بمقتل سبعة آلاف من جنوده. ويقول شاهد العيان: “الحق يقال، إن ذلك لم يتحقق على يد قواتنا إلا بفضل الله وعظمته”.

قال الحاكم بعد أن وجد أتاهولبا نفسه بلا سلطة ولا صولجان: “لا تنظر الى الامر كإهانة لكونك هُزِمتَ وأسرت… لقد جئنا نغزو هذه الأرض، فإن خالق السموات والارض وكل ما فيهما يسمح لنا بذلك حتى تخرج من الحياة الحيوانية والشريرة التي تعيشها…

لقد أرخت حوادث تلك الأيام كما لم تؤرخ الأحداث المشابهة، من قبل شهود كتبوا تاريخها طازجا ومن قبل شقيقي الحاكم: Hernando و Pedro الذي كتب رسالة الى الملك يقول: “من أجل عظمة ربنا الأعلى، وخدمة لجلالة الإمبراطور الكاثوليكي بدا لي جيدا أن أكتب هذا النص وأرسله الى جلالتكم. بفضل الله وعونه هزم الجنود عددا هائلا من الوثنيين، وجلبوهم الى الإيمان الكاثوليكي… إن مناطق قد اكتُشفتْ وتم غزوها، وإن ثروات قد أرسلت الى بلادنا، لينعم بها الملك ورعاياه، وإن رعبا قد سيطر على الكفار وانتشر بينهم فيما ساد الإعجاب الإنسانية كلها”.

لم يكن لدى بيزارو أكثر من اثنبن وستين جنديا من الخيالة، ومائة وستة من المشاة مسلحين بالبتادق والسيوف والدروع الفولاذية والخيول، يقابلها فؤوس وهراواتٌ خشبية و”مقاليعُ فلسطينية”. لعبت الخيول دورا أساسيا في الحرب، إذ لم يكن الحصان معروفا بعدُ في الأميريكيتين على ما يقول دياموند الذي يؤكد أن القبائل من السكان الأصليين الذين حصلوا على البنادق والخيول فيما بعد، قاوموا الغزو الأوروبي قرونا مثلما حصل مع قبيلة “السّو” التي أبادت كتيبة الجنرال جورج كاستر التابعة للجيش الأميركي في معركة Little التي جرت عام 1867.

من أجل الإفراج عن الإمبراطور، تلقى بيزارو فدية من الذهب ملأت على ما يقول الشهود، غرفة طولها سبعة أمتار وعرضها أكثر من خمسة، صُهِرَ الذهب كله وأرسل الى إسبانيا،  وحكم على إله الشمس بالموت حرقا، وهي عقوبة الكافر. لكن الملك الوثني أعلن مسيحيته فحُكم عليه بالموت خنقا في 29 آب 1533. أما بيزارو الذي أسس مدينة ليما عاصمة البيرو فقد قُتِلَ ودُفن فيها في كاتدرائية لاما وجرى فصلُ رأسه عن جسده لأسباب غير معروفة.

أيها الصديق العزيز

في الوقت الذي كانت أوروبا تخوض “فتوحاتها الدينية” في العالم الجديد، كانت الحرب مشتعلة بين الكاثوليك والبروتستونت على امتداد ثلاثة عشر عقدا 1517 ــ 1648 وطغت خلالها اتهاماتُ الهرطقة والكفر والزندقة والإلحاد. حرب أنهكت العالم الأوروبي. فانخفض عدد سكان ألمانيا في حرب الثلاثين، سبعة ملايين وقلَّ الذكورُ، وقودُ الحرب، خمسين بالمئة. ودمر الجيش السويدي فيها 1500 مدينة، و1800 قرية فألزم مؤتمر فرنكونيا القساوسة بالزواج وسَمحَ لكل ذكر بامرأتين.

غطّتِ الصراعات جغرافيا الأرض قاطبة فهلا تساءلتَ يوما لمَ استثْنتِ الحروبُ الدينية الصينَ وجوارَها؟ ربما كان ذلك أيها الصديق، بفعل تحررهم من سطوة الكهنة، وربما كان من وهن الآلهة وعدم رغبتها بالحرب، أو من رجاحة عقلها وحسن عنايتها. ليس عند الآلهة ما يطمع فيه الصينيون، ما دامت حياتهم بسيطة مستقرة. لذا كانت صلواتُهم تقتصر على دوام النعيم الأرضي، أو على الإستزادة منه، فلا نعيم في الأفق غيره. كان انتشار الأديان التوحيدية محدودا وهامشيا في دول شرقي آسيا، متاثرا  بفلسفتها الأخلاقية غير مؤثر فيها، لذا لم تشهدِ الصينُ حروباً دينيةً، بالرغم من حروبها السياسية الطاحنة. الديانة الصينية ديانة “مادية” منذ ألنشأة الأولى، تؤمن بتعدد الآلهة. يُقيلُ الصينيُ إلهَه كلما اختلف معه أو تعثر حالُه، وينتقلُ لعبادة إله آخر أكثر احتراما وفعالية. فإذا لم تكن الآلهةُ صارمةً طاغية صاحبةَ سلطة مطلقةٍ، وكانت قابلةً للإقالة في كل حين فلمَ يتحارب الناسُ من أجلها؟ أو يتغالبون كما نتغالب اليوم للفوز برضاها وبما وُعِدنا به حورا وجنانا؟!

في الصين أيها الصديق دينٌ بلا إله، أو دينٌ مع عدد كبير من الآلهة. ولم تكن الفلسفة مناقضة للدين أو متحررة منه. الدين عبادةٌ للأرواح الكامنة في الطبيعة الأم. وهي أرواحٌ متوائمة، يتآلفُ فيها البرقُ والرعد، البحرُ والجبل، الطيور، القردة والأفاعي. أدت عبادةُ الأرواح بما فيها عبادةُ الأسلاف إلى استقرار سياسي على ما يقول علماءُ الإجتماع وإلى تعظيم كونفوشيوس بنظامه الأخلاقي ورفْعِه عند العامة لمرتبة الإله. وتعتبره الطبقة المثقفة بديلا للإله. وينتظر الجميعُ ذكراه لمزيد من فعل الخير. “ألارضُ والسماءُ كلتاهما طرفٌ فاعل في النماء، لأنهما شطران من وحدة كونية تفيض منهما الأخلاق الطيبة”.

الإلهُ الأكبرُ هو السماء، الإمبراطورُ ابنُ السماء، وهما من يحددان طبيعة العلاقة مع الآخر، أينما كان موقعُ الآخر وكيفما كان انتماؤه. الإله يجسد فكرة شيئية عند العامة ومجردةً في عقيدة الطبقات المتعلمة وفي دين الدولة الرسمي.

أيها الطبيب العزيز: قال لي احدُ الأصدقاء، وكان يلعب دورا سياسيا رسميا رفيعا في اليابان، التي يسود فيها نظامٌ ديني وفلسفي وأخلاقي مشابه لأنظمة الصين. قال إنه دعا رئيسَ الوزراء الياباني لإحتفال ديني إسلامي. وفي تبادل الكلمات قال رئيس الوزراء مشيرا لما تتمتع به بلادُه من حرية وتسامح ديني: “في اليابان أيها السادة مئاتُ الآلهة، ولا ضررَ في هذه المناسبات السعيدة أن يزدادوا واحداً”. دعني أيها الحكيم العاقل وقد كتبتُ لك عن الإله المحارب وعن  الآلهة الصينية المسالمة ما كتبتُ، أن أنهي رسالتي بقول الشيخ اليوناني أو المصري أفلوطين عندما قال: “إن تعددَ الآلهة لا يمثلُ نقصا، بل تمظهرا لعظمتها، وأنصحُ العاقلَ أن لا يكونَ شحيحاً في اعتقاده”.

مهندس وكاتب لبناني

1 تعليق

  1. شوقي يوسف

    ملفت عزيزي عادل دخولك الاحداث التاريخية بحيادية كاملة. هيك بتكون الكتابة أو عمرها ما تكون. الامتاع صنعة صعبة وانت كامشها من راسها. أسفي عللي ما عم يفهموك.

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.