الجواسيس في تمويه

بواسطة | 27 يوليو 2020 | فنون و سينما | 2 تعليقات

تحريك مدهش ممتع يحفل بالمجاز: العميل السري المتعجرف يتحول لحمامة وديعة ذكية…

كوكتيل رائع من المرح العائلي مفعمة بالمسيجات المجازية!*

https://resizing.flixster.com/Z99J0aT828PZbBqCjmKYMQyNZck=/fit-in/1152x864/v1.bjsyNDEyNzIzO2o7MTgzNDI7MTIwMDsyMDQ4Ozg1OA

*يصورهذا الفيلم التحريكي الطريف “ويل سميث” كعميل سري متعجرف يتحول بالخطأ الى حمامة وديعة ذكية، ثم يكتشف أن ذلك ربما أفضل لانجاز مهام وظيفته متخفيا بشكل طائر وديع مع ريش، يظهر هذا الفيلم الجديد كمتعة مشاركة عائلية، مع نجم موثوق جذاب داخل حبكة مليئة بالحركة المتلاحقة، أضف لذلك شخصية وصوت “توم هولاند” كمعلم خبير بالأدوات والمخترعات الذكية (ذكرني بنفس الشاب البارع في أفلام جيمس بوند)، والذي بدا متناقضا ولطيفا ومسؤولا عن تحول شخصية سميث، ليشكلا فيما بعد فريقا متناغما لمحاربة الأشرار لانقاذ العالم!

*يمكنك كمشاهد الاستمتاع بمنتج جديد لاستوديو “بلو سكاي أنيميشن/ انه نفس الاستوديو وراء امتياز مجموعة العصر الجليدي (التي سبق وكتبت عنها بشمولية)، وحيث يتناول الموضوع بسطحية مع ألوان نابضة بالحياة واضاءة مثيرة للغاية ومؤثرات بصرية- صوتية معبرة، فنرى أن فكرة تحول “ويل سميث” الى حمامة مزعجة ذكية تقود لكوميديا ضاحكة فريدة…وقد نجح المخرجان “نيك برونو وتروي كوين” في أخراج شريط “الجواسيس المتنكرون” هذا تماما في الأوقات الحانقة، فنرى تهديد الرجل السيء”بن مندلسون” في لحظة مواجهة حاسمة “لقد صدمتني بقوة، وسأرد لك الصدمة بقوة أكبر”! تماما كشعار ترامب المعلن: بانه سيرد بأقوى عشر مرات!

*يستغرق اعداد وتطوير أفلام الرسوم المتحركة عدة سنوات احيانا، وليس كما يظن الكثيرون، وقد تم اقتباس فكرة هذا الفيلم من شريط قصير آخر يدعى “حمامة مستحيلة”.

*يتضمن الفيلم قتالا تقنيا ضاريا بالنيران كخيار اساسي، فيما يفضل عبقري التكنولوجيا السلمي المراهق المواجهة بواسطة قنابل تطلق كبديل خيالات لامعة لقطط صغيرة في الهواء (وكوسيلة ربما لاستقطاب الأطفال)…فهو يسعى اساسا لاستخدام براعته التكنولوجية لتجميع الناس بدلا من تفجيرهم وتفكيكيهم كما نعهد في الواقع العالمي (وربما يسعى لتلميع صورة أمريكا التي تفجر اعدائها لأشلاء مع مجمل مجموعات دولة الصهاينة والعملاء ودواعش الشرق المأجورين مع تحالفات وعصابات الشر والتطرف والطائفية والاجرام بلا استثناء عبر العالم المضطرب)…وعند نقطة ما، يقول والتر بثقة: “لا يوجد اشرار أو رجال طيبون، بل فقط مجرد اشخاص و اناس” (عكس مقولة محور الشر الدارجة عالميا والتي ابتكرها بوش قبيل غزوه للعراق)، ولنخمن من ستنتصر فلسفته في النهاية، فالرسالة واضحة وضرورية لعالمنا الهائج المائج!

*وعلى الرغم من بساطة القصة والحبكة عموما، فان ربطها معا ضمن سياق ثيمة تجسسية عادية جذابة، تتميز بكم كبير من المواقع الغريبة والمركبات الرائعة الفانتازية التصميم، مع حركات متقنة فائقة الاتقان متتابعة وصداقات متحالفة او غير متطابقة، ضمن خضم من الاصوات الطريفة والحوار الطريف المعبر…هكذا تبدأ القصة تصاعديا حتى يبدا تسارع الأحداث ليجد لانسر نفسه مؤطرا بحالة خيانة ضمن مهمة عاجلة ثم ليلجا مضطرا لوالنر الذي 

يحوله بالخطأ لحمامة ذكية  متخفية ويذهب لليابان  لمقارعة الشرير المتغول.

https://resizing.flixster.com/xtV2kTldl7gOdUI7znzg53jb338=/fit-in/1152x864/v1.bjsyNDEyNzIxO2o7MTgzNDI7MTIwMDszMDAwOzEyNTc
https://resizing.flixster.com/DUjtAvm8EpBaACLuzAwl-HmfeAI=/fit-in/1152x864/v1.bjsyNDEyNzIyO2o7MTgzNDI7MTIwMDszMDAwOzEyNTc

*ثم يجد لانس نفسه أنه من الصعب عليه بشكله الجديد كحمامة ومع ابهام صغير أن يقود سيارته “الاودي” الرياضية فائقة السرعة، لكن بالمقابل يمكنه التسلل هنا وهناك بدون أن يكتشفه احدأ ثم يجد نفسه متصاحبا على مضض مع حمامتين ظريفتين ملونتين متعاونيتين، بعيونها اللامعة المبحلقة التي تخترق ومشيتها الودية وشقلباتها ومناوراتها، والتي تشكل معه معجزة حركية عجائبية طائرة كقطيع متضامن يشكل سلاحا هزليا خيرا قويا وملهما يثير الضحك والتفاؤل!

*فالى جانب كل من “سميث وهولاند” اللذين شكلا كيمياء متناغمة بينهما، نسمع أصوات متفاعلة اخرى لممثلين آخرين أصحاب أصوات ناعمة معبرة مثل: رشيدة جونز، ريبا ماكنتاير، كارين جيلان وماسي اوكا، وقد سعوا جميعهم لتقديم هدية عطلة مجانية للعائلات، مع جرعة مدمجة من المجاز السياسي المتباين المعبر: وقد نجحت هذه التركيبة المتقنة بتقديم فيلم تحريك ومغامرات مرحة وضوضائية بسبب براعة المؤثرات والأصوات، وقدم لنا تناقضا لافتا بين طبيعة عمل الجاسوس السوبر المبجح (لانس سبرلنج/ويل سميث) مع الطبيعة الهادئة للعالم الشاب بيكيت (توم هولاند).

https://resizing.flixster.com/EY7S86i-0LO1JT3k6EB7-LiA4UI=/fit-in/1152x864/v1.bjsyMzY1NjA2O2o7MTgzNDI7MTIwMDsyMDQ4Ozg1OA

*لكن الأحداث تأخذ منعطفا غير متوقع، فيلجأ هذا الثنائي المتناقض للعمل الجماعي لانجاز المهمة النهائية، التي تتطلب صبرا ومثابرة وتمويها لشخصية العميل المتغطرس الاستعراضي، حيث يتم ذلك بتحويله الى حمامة شرسة ومثابرة، ويجب على والتر ولانس العمل معا فجأة كفريق متناغم حتى لا يصبح العالم كله في خطر (هذه الثيمة المكررة بمعظم افلام الفانتازيا والتحريك والجاسوسية الأمريكية/البريطانية تحديدا والتي مللنا من تكرارها، والتي تهدف لزراعة قناعات مضللة في اذهان الجمهور المتلقي وخاصة الأطفال والمراهقين عبر العالم بأن أمريكا هي المنقذة)!

*يقدم هذا الشريط الطريف أفكارا مناهضة للعنف والتسلط، ويحفل بالابهار البصري المتتابع وبالألوان الزاهية البراقة والبعد الثلاثي الواقعي للمشاهد (ليس كمثل معظم أفلام التحريك الاخرى “العالمثالثية” المسطحة الأبعاد والمغرقة بالتهريج والسذاجة وضعف التماسك وفقر الحركة والألوان والايقاع والتي يستعرضها أصحابها متباهين في المهرجانات الدولية ويحصدون جوائز لا يستحقونها بجدارة)، يحوي الشريط أيضا شخصيات “حيوانية” طريفة برؤوس عملاقة وعينان كبيرتان ومشاعر لافتة وحوار تفاعلي يحفل بالنكتة والفكاهة ضمن قالب من الاهتمام العميق لحل المشكلات، واداء لافت جديد لويل سميث…

https://resizing.flixster.com/hpWqvDVrram4bKNyGywAD9AnRNo=/fit-in/1152x864/v1.bjsyMzY1NjA3O2o7MTgzNDI7MTIwMDsyMDQ4Ozg1OA
https://resizing.flixster.com/jxUMWoWyWZc5CXllkwLZknGizp8=/fit-in/1152x864/v1.bjsyMzY1NjA1O2o7MTgzNDI7MTIwMDsyMDQ4Ozg1OA

*موجز نقدي مكثف:

*متعة التجسس التحريكي مع العلاقة الوثيقة الوظيفية ما بين “لانس ووالتر” وكيفية نمو صداقتهما مع تطور الحبكة، ضمن عروض صوتية استعراضية للثلاثي “سميث وهولاند وبندلسون (الشرير)”.

*رائع ومسلي منذ البداية للنهاية مع نفس تصاعدي ذكي ويحفل بروح السخرية والدعابة والمغزى الانساني…

*تحريك سريع الخطى، ضمن كوميديا خفيفة بارعة وبعض الدراما المجازية المضافة، ويبدو بالاجمال بمثابة كوكتيل رائع من المرح العائلي مفعمة بالمسيجات.

مهند النابلسي/كاتب وباحث وناقد سينمائي

https://resizing.flixster.com/M-cQUhRhUduSFHyj_P0ZreCB4Uo=/fit-in/1152x864/v1.bjsxNzQ3MjAzO2o7MTgzMzU7MTIwMDszMzQ1OzE4ODI
م. مهند النابلسي كاتب وباحث وناقد سينمائي جرىء وموضوعي وهو "اردني من أصل فلسطيني" وعضو رابطة الكتاب الاردنيين والاتحاد العربي لكتاب الانترنت. عمان – الاردن Mmman98@hotmail.com

2 التعليقات

  1. إيناس ثابت

    رغم نجاح أفلام الأنيميشن الأمريكية إلا أنني أفضل وأحب مشاهدة الأنمي الياباني، وأجده مميزا من ناحية الرسوم الساحرة وصياغة القصة بمهارة وحرفية عالية تصل أحيانا إلى الإبداع، وأفكاره المذهلة والمتنوعة التي تجذب المشاهدين إليها من كافة الأعمار، واختلاف بدايته عن النهاية على عكس الأنيميشن الأمريكي الذي نتوقع نهايته السعيدة منذ بداية مشاهدتنا للفيلم ويحتوي غالبا على نموذج الخير والشر، لكن أكثر ما أجده تميزا في الأنمي الياباني احتواءه على مجموعة هائلة وعميقة من المشاعر الإنسانية.

    دمت بخير وشكرا على المجهود.

    الرد
  2. إبراهيم يوسف

    نكبة الأوطان موجعة أكثر من نكبات الأفراد.. فهل تنصفنا
    هوليود يوما وتخبرنابصدق ما الذي حدث في بيروت…؟
    شكرا جزيلا حبيب قلبي مهند. أنتم في رعاية الله وحفظه

    الرد

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أبلغني عبر البريد عند كتابة تعليقات جديدة.