“أمَّاهُ”
……..
أسرَجتُ حَرفِيَ وَاستَعَرتُ مِدَادي
وَأرَقتُ دَمعِيَ مِن غُيُومِ حِدَادِي
وَنَقَشتُ في رِقِّ الزَّمانِ تَوَجُّعِي
بِيَراعِ حُزني وَالدُّمــــــوعُ زِنــادي
شَيَّدتُ لِلْحُزنِ الجَليلِ مَدينـــةً
وَأقَمتُ فيها صَحوَتي وَرُقادي
وَمَكَثْتُ في كَهفِ المَواجِعِ عَلَّني
أغفو لِأصحُوَ وَالسَّماءُ تُنادي
فَأراكِ مِن حُورِ الجِنانِ حَبيبَتي
أسعى لِقُربِكِ وَالسُّرورُ جِيادي
لكِنَّ مَن بالحُلمِ أسرَجَ خَيلَهُ
سَيَسيرُ دَهـــــــــراً دُونَ أيّ مُرادِ
فَأَعودُ أنسِجُ مِن دُعائِيَ حُلّةً
وَأُوازِنُ الأحلامَ في أضدادِي
***
عَمَّ الظّلامُ وَسادَ كُلّ رُبوعِنـــا
مُذ فارَقَت شَمسُ الشُّموسِ وِهادي
وَكآبةٌ في الليلِ ترقُــدُ في دَمِي
لِتُؤازِرَ النّبضـــاتِ في إرفادِي
لِلحُزنِ طَعمٌ لَم أذُقهُ بِغَيرِهــــا
وَمَرارَةٌ قَد عَشَّشَت بِفُــــــؤادِي
ها قَد رَحَلتِ وَبِتُّ نَهبًا لِلدُّنا
وَنَكَأتِ جُرحاً لَم يَزَل بِضِمادِ
وَتَركتِني لِلحُزنِ يَنخُرُ أعظُمي
كَدَبيبِ نَملٍ في لَحَى الأعوادِ
بالدَّمعِ أشهَقُ وَالفُؤادُ مُحَرَّقٌ
وَالنّارُ تَأكُــــلُ طارِفي وَتِلادي
أنا ها هُنا قلبٌ تَصَدَّعَ رُكنُهُ
وَتَزعزَت في بُعدِهـــــا أوتادِي
أوّاهِ مِن وَجَعٍ تَجذَّرَ في دَمي
وَنَما بِسَفحِ القَلبِ والأنجـــــادِ
أوّاهِ يا وَجَعَ القَصيدَةِ حينَمـــــا
تَجثو الحُروفُ وَحُلْمُها إسعادي
تَخضَرُّ صَحراءُ الحُروفِ وَتَنتَشي
في طُهرِ أُمّي تَرتَجي إنشادي
لكِنَّ لَونَ الحُزنِ رَوَّعَ أسطُري
فَبَكَت حُروفي دونَ أيِّ مِدادِ
لَهَفي عَلَيكِ وَأنتِ طُعمٌ لِلثّرى
وَالمَـــوتُ كَأسٌ مُتْرَعُ الأورادِ
***
يا قَبرَها والشَّمسُ تلتحِفُ الدُّجى
هَلّا أنَرتَ بِنــــورِكَ الوَقّـــادِ
هَلّا ألَنْتَ التُّربَ تَحتَ وِسادِها
وَنَثَرتَ عِطرَ الوَردِ في الألحــادِ
ها بُحّ صَوتُ الشّوقِ يَندُبُ وِحدَتي
وَالطّفلُ فِيَّ.. مُعانِدٌ.. ويُنــادي
أشتاقُ صَوتَكِ حينَ يَلَهجُ بالنِّدا
وَيُطَرّزُ الكَلِماتِ في إسنــــــــادي
سَيَظَلُّ حُبُّكِ في الحَشا مُتَمَلِّكي
وَيَظلُّ حَبُّكِ مَوسِمي وَحَصادِي
وأظَلُّ رَهنًـا لِلحَنينِ وَلِلدُّعـــا
ما لاحَ بَرقٌ أو تَرَنّمَ شَــــــــادِ
***
نائلة أبو طاحون
كاتبة وشاعرة من فلسطين من مدينة طولكرم..
صدر لي ديوان بعنوان “على ضفاف الأيام”
0 تعليق